رئيس مجلس إدارة حلبة البحرين الدولية: 40 % من حضور سباقات «الفورمولا 1» من السعوديين

طلال الزينلـ الشرق الاوسط: المشروع جزء من منظومة اقتصادية متكاملة تسعى لوضع البحرين على خارطة السياحة الدولية

TT

عندما لاحت فكرة إنشاء حلبة دولية لسباق سيارات «الفورمولا 1» في البحرين بداية عام 2000، تخوف الكثيرين من الفعاليات الاقتصادية من هذا المشروع الذي يحمل في طياته الكثير من المخاطرة، خاصة أن مثل هذه الرياضة العالمية ربما لا تحظى بالنجاح المطلوب في المنطقة العربية باعتبار أنها حديثة عهد بمثل هذه الرياضات.

وبعد ثلاث سنوات من افتتاح هذه المشروع الاقتصادي الهام بالنسبة للبحرين، أثبت المشروع جدواه اقتصاديا وبدأت البحرين تستقطب، ليس فقط الزوار والسياح من كافة أنحاء العالم، بل ان حتى الاستثمارات الأجنبية دخلت إلى البلاد من باب سباق »الفورمولا 1»، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع كثير ممن انتقدوا فكرة المشروع في بدايته واعتبروا انها ستكون خسارة كبرى على البحرين. وتعول البحرين على أحد أكبر السباقات في العالم، لتأسيس مورد اقتصادي آخر لهذه المملكة الشحيحة بالنفط على الرغم من أنها تلاصق أغنى بلدان العالم المصدرة للذهب الأسود، وتترقب البحرين انعكاسات سياحية واقتصادية كبيرة من وراء هذه الفعالية، حيث ستكون لها تبعات سياحية واجتماعية ورياضية، جميعها مرتبطة بالجانب الاقتصادي. وتأتي أهمية هذا المشروع الطموح، الذي تبناه وسعى لتحقيقه الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد البحرين، في عدة محاور تصب كلها في قطاع الاقتصادي المتنامي في الأعوام الأخيرة، فيضع هذا المشروع الرياضة في هذه الجزر الساحرة الصغيرة على خريطة الجذب السياحي العالمي في مجال رياضة سباق سيارات «الفورمولا 1».

وعلى الرغم من المنافسة الشديدة التي خاضتها البحرين من أجل الفوز بتنظيم هذا السباق العالمي، بالإضافة إلى أنه مكسب متميز لبلد يعتبر من أصغر بلدان الشرق الأوسط مساحة في كسب هذا الاستحقاق الكبير الذي يستقطب عشرات الآلاف من المتفرجين وعشاق هذه الرياضة من جميع أنحاء العالم، وبهذا سوف تستقبل البحرين ومنطقة الخليج هذا النوع من سباق السيارات، الذي مع مرور الوقت ستكون له قاعدة جماهيرية ومتسابقون من المنطقة سيشاركون في السنوات القادمة وسيتنافسون مع الأسماء اللامعة المعروفة في هذا المجال.

أما من الناحية الاقتصادية، فإن المشروع ساهم في الإنعاش الاقتصادي للبحرين بدخول رؤوس أموال جديدة، وبروز مشاريع عمرانية واقتصادية وخلق فرص عمل مناسبة للعديد من الباحثين عن عمل، واستحداث مشاريع خدمات تتناسب واحتياجات هذه الرياضات، كما أنه على المحور الإعلامي سيضع البحرين، من خلال مراسلي شبكات التلفزة العالمية الذين سيكونون في البلاد ومندوبي الصحافة وزوار البحرين من مشجعي هذه الرياضة، على خريطة الاهتمام العالمي والمتابعة المستمرة لما يستجد فيها من نشاطات وأحداث.

وقال طلال الزين «نعتمد وبصورة كبيرة على متابعي السباق من الدول الخليجية الشقيقة، وتزيد نسبة الحضور منهم على 65%، في حين تبلغ نسبة حضور السباق من المواطنين السعوديين ما يقارب الـ40% من إجمالي حضور السباق سنويا».

وكشف الزين، رئيس مجلس إدارة حلبة البحرين الدولية والرئيس التنفيذي لمصرف «إنفستكورب»، في حوار مع «الشرق الأوسط» في المنامة، عن خطة اقتصادية طموحة لبلاده يعد سباق «الفورمولا1» جزءا أساسيا منها:

> ما هو الهدف الأساسي الذي أنشأت من أجله البحرين حلبة البحرين الدولية؟

ـ فكرة إنشاء الحلبة كمشروع لم تتوقف على مجرد إنشاء حلبة للسباقات فحسب، بل ان الفكرة كانت أساسا مرتبطة بخطة اقتصادية كبرى أشرف عليها الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد البحرين، الذي يمسك بملف الإصلاح الاقتصادي في البحرين منذ توليه ولاية العهد. ففي الوقت الذي يعتبر فيه سباق «الفورمولا1» قريبا من عقول الشباب في العالم العربي، فهو أيضا من أكثر المسابقات التي تستقطب المشاهدين في العالم، بعد كأس العالم لكرة القدم بالطبع. وعندما جاءت فكرة إنشاء الحلبة من قبل الشيخ سلمان بن حمد، كانت الفكرة رياضية واقتصادية وسياحية أيضا، فهو يرى أن مثل هذا المشروع سيحقق أهدافا اقتصادية لقطاعات أخرى متعددة، وهو الأمر الذي ينعكس على المواطنين البحرينيين أنفسهم ويشكل عائدا ماديا جيدا لهم، لذا فالبحرين عندما أنشأت الحلبة اعتبرتها وسيلة وليست غاية، فهي جزء من المنظومة الاقتصادية المتكاملة التي تسعى البحرين إلى تكاملها، وبالتالي تعود بالفائدة على الاقتصاد البحريني.

> ولكن ألا تخشون من أن يكون مشروعكم هذا مغامرة غير محسوبة، خاصة أنكم جلبتم رياضة غير معروفة على المستوى العربي؟

ـ ليس هناك استثمار مضمون الربحية في كل حال، وأي استثمار هو مغامرة، ولكن هنا المغامرة تقل بسبب أننا عندما أنشأنا الحلبة كانت هي الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط، لذلك فمشروعنا لم يكن مغامرة غير محسوبة بقدر ما هو مشروع مدروس خططنا له، ونحن نجني ما كنا نتوقعه وبصورة كبيرة.

> والآن وبعد ثلاث سنوات من افتتاح الحلبة ما الذي جنيتموه من مشروعكم الاقتصادي؟

ـ دعني أوضح لك الأمر، فكلفة إنشاء الحلبة وصلت إلى 150 مليون دولار، وخلال العام الأول بعد افتتاحها كان سباق «الفورمولا 1» هو الفعالية الوحيدة التي تقام في الحلبة، بينما أقمنا خلال العام الماضي أكثر من 300 فعالية في الحلبة من سباقات واجتماعات متنوعة، هذا بالإضافة بالطبع إلى السباق الرئيسي، ومجلس إدارة حلبة البحرين الدولية كان يخطط لشغل هذه الحلبة طوال العام بالفعاليات الأخرى، وكنا نهدف إلى تحويل خدمات الحلبة من مجرد استخدامها لسباق السيارات إلى فعاليات أخرى تساعد على الهدف الأساسي الذي أنشئت من أجله، كمساند للاقتصاد البحريني بالإضافة إلى رغبتنا أن تكون البحرين مقر رياضة السيارات في الشرق الأوسط.

> وما هي هذه الفعاليات التي تقيمونها في الحلبة؟

ـ نسعى الى ألا نحصر الاستفادة من حلبة البحرين الدولية في كونها مجرد سباق للسيارات، وحاليا يمكن الاستفادة من الحلبة بالعديد من الفعاليات، وعلى سبيل المثال: اجتماعات مجالس الإدارات، حفلات كبرى، وفعاليات أخرى تساهم في تشغيل المشروع طوال العام. كان هناك اجتماع اخيرا لمجلس إدارة أحد أكبر البنوك في الحلبة، وبعد انتهاء اجتماعهم نزلوا إلى الحلبة في تجربة قيادة كانت مثيرة بالنسبة إليهم، وفي الوقت الذي كان المجتمعون، ومنهم من حضر من أوروبا والولايات المتحدة يستغربون، عقد الاجتماع في البحرين، تحولوا بعد هذا البرنامج الذي أعددناه نحن، إلى ساعين لأن يعقد الاجتماع سنويا في البحرين. هنا نعود إلى الهدف الذي ذكرناه سابقا من أن إنشاء الحلبة لم يكن فقط للاستفادة من سباق «الفورمولا 1»، بل نسعى من خلاله لاستفادة جميع قطاعات البلاد السياحية والاقتصادية.

> وما الذي استفادة الاقتصاد البحريني (بالأرقام) من استضافتكم لـ«الفورميلا»1 عامي 2004 و2005؟

ـ الأرقام توضح لك هنا كيفية التطور الذي تشهده حلبة البحرين وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الاقتصاد البحريني، ففي السباق الأول ساهمنا في الاقتصاد البحريني وبصورة غير مباشرة بمبلغ يزيد على 120 مليون دولار، وفي السباق الثاني(2005) زاد المبلغ ليصل إلى 160 مليون دولار، ونتوقع في السباق المقبل الذي سيقام في مارس (آذار) المقبل، أن تصل مساهمتنا في الاقتصاد المحلي إلى 200 مليون دولار، كما أننا سننتقل إلى مرحلة تغطية مصروفاتنا التشغيلية.

> ولكنكم لم تتمكنوا حتى الآن من تغطية تكاليف الحلبة والبالغة 150 مليون دولار حتى الآن؟

ـ سنأخذ وقتل طويلل حتى تتم تغطيتها. أما السبب فلأننا لم ننظر للمشروع تجاريا فقط، بل اننا نسعى لأن نصل إلى استكمال المنظومة الاقتصادية التي ترتبط ببعضها البعض، وللعلم فإن الحلبة وضعت البحرين على خريطة السياحة العالمية. أيضا نحن نحاول أن نقنع المستثمرين المحليين والأجانب بالدخول في مشاريع استثمارية، ومع الوقت سنغطى تكاليف إنشاء الحلبة.

> وما خططكم لتطوير الحلبة مستقبلا؟

ـ من أهم المشاريع التي أقرها مجلس الإدارة أخيرا ونكشف عنها للمرة الأولى، إنشاء منطقة تجارية كبرى بجانب الحلبة على أرض تعود ملكيتها للحلبة نفسها، حيث نسعى إلى الاستفادة من المرافق القريبة من الحلبة، وهي جامعة البحرين، ومنتجع العرين الصحراوي، بالإضافة إلى حلبة السباق بالطبع، وسترتبط هذه المنطقة التجارية بطريق سريع إلى قلب العاصمة المنامة وإلى مطار البحرين الدولي في جزيرة المحرق، وسيستثمر مجلس إدارة الشركة عدة مشاريع في هذه المنطقة التجارية. وستتضمن المنطقة التجارية مركزا للصناعات المتعلقة بسباق السيارات، وسنوفر المرافق الأخرى من فنادق ومطاعم، ونبحث عن افتتاح الشركات العالمية الكبرى المرتبطة أعمالها بسباقات السيارات لفروع إقليمية في هذه المنطقة.

> وكم هي استثمارات هذه المنطقة التجارية المتوقعة؟

ـ بالرغم من أننا ما زلنا في بداية المشروع، إلا أن دراساتنا تشير إلى أن الاستثمارات الإجمالية لن تقل عن نصف مليار دولار.

> تم تعيينكم رئيسا لمجلس إدارة حلبة البحرين الدولية من قبل ولي العهد، بعد عامين من إنشاء الحلبة. كيف ترون نتائج عملكم المستقبلية بعد النجاح الذي حققته الحلبة في السنتين الماضيتين؟

ـ لا شك أن تعييني قبل شهور وليس مع إنشاء الحلبة، سهل المهمة علي كثيرا، وأنا الآن أعمل على قاعدة قوية، وعندما أذهب إلى المستثمرين خارج البحرين للتباحث معهم حول مشاريع متعلقة بالحلبة، أجد لديهم فكرة واضحة عن البحرين وعن الحلبة وعن السباق، وهو الأمر الذي يسهل من مهمتي كثيرا؟

> ولكن هناك انتقادات وجهت لمجلس الإدارة بعدم قدرته على تسويق تذاكر سباق «الفورمولا 1»؟

ـ بالعكس تمكنا من بيع جميع التذاكر خلال سباقي 2004 و2005 ولم يكن هناك مقعد شاغر.

> عفوا.. ولكن هناك من يقول إن كثيرا من التذاكر اشترتها وزارات ومنشآت حكومية وقامت بتوزيعها على المتفرجين مجانا.. ما رأيكم؟

ـ هذا غير صحيح، فما تشتريه الجهات الحكومية لا يمثل إلا جزءا يسيرا من التذاكر وبنسب معروفة، بينما باقي التذاكر تمكنا من بيعها عن طريق تسويقها داخل وخارج البحرين، وأؤكد أن الإقبال على سباق «الفورمولا 1» على وجه الخصوص لا يمثل لنا أي مشكلة، فتذاكر السباق تنفد بالكامل مع بدء السباق.

> الآن قبل شهرين من بدء سباق «الفورمولا»1 في مرحلته الأولى في البحرين، إلى اين بلغت مراحل تسويقكم لتذاكر السباق؟

ـ وصلنا إلى مراحل متقدمة في بيع التذاكر على المستوى المحلي، وبدءا من شهر فبراير (شباط) المقبل سنبدأ في تسويق التذاكر على المستوى الخليجي.

> وكم نسبة الحضور من المشاهدين الخليجيين؟

ـ نعتمد وبصورة كبيرة على متابعي السباق من الدول الخليجية الشقيقة، وتزيد نسبة الحضور منهم على 65%، في حين تبلغ نسبة حضور السباق من المواطنين السعوديين ما يقارب الـ40% من إجمالي حضور السباق سنويا.

> أخيرا.. تحظون بدعم لا محدود من قبل ولي العهد البحريني.. كيف انعكس هذا الاهتمام على نجاحكم في إدارة حلبة البحرين الدولية؟

ـ من الطبيعي أن يشكل هذا الاهتمام محورا رئيسيا في نجاحنا في إدارة الحلبة، وهو الأمر الذي يسهل كافة برامجنا وخططنا، ولا أخفيك أن جميع خطواتنا التي نقوم بها تحظى بدعم كبير من قبل الشيخ سلمان بن خليفة، وهذا الدعم شكل تحديا كبيرا بالنسبة لنا، كما وضع مسؤولية كبرى على أعضاء مجلس الإدارة بالكامل.