سقوط الأسهم والنسبة

علي المزيد

TT

تراجعت سوق الأسهم السعودية خلال الأيام الماضية وبشكل غير مسبوق، حيث شملت الخسارة جميع الأسهم المتداولة في السوق الاحد الماضي، وبعضها تراجع بالنسبة القصوى، ومثل ذلك يقال عن تداولات الفترة الصباحية الاثنين الماضي.

وتزامن ذلك مع صدور قرارات هيئة سوق المال بإيقاف مضاربين وخفض نسبة التذبذب من 10 في المائة إلى 5 في المائة. وبدأ بعض المتعاملين في السوق يلومون الهيئة على هذه القرارات وأنها سبب التراجع، فهل هذا حقيقي؟ في رأيي إن ذلك غير صحيح إطلاقا لعدة أسباب، منها ان الهيئة ومنذ نحو ستة أشهر بدأت حملة توعية تحث على الاستثمار في اسهم العوائد، وقامت الهيئة في ذات الوقت بالضغط على الشركات التي تصعد اسهمها للإعلان عما لديها، وبعض هذه الشركات قامت بالإعلان مرارا وتكرارا بأن لا معلومات مؤثرة على سعر السهم لديها، ومع ذلك ارتفع سهمها بشكل حاد جراء المضاربة ودخل صغار المضاربين في اللعبة مما أقلق الهيئة، فيما أظن، وحاولت الحفاظ على المتعامل الصغير بأي شكل، وعبر ايقاف المضاربين الذين حاولوا خلق أسعار مضللة وتقييد نسبة التذبذب. اذن لماذا هبطت السوق؟ هبطت لمجموعة عوامل منها أن الأسعار سبقت النتائج فصعدت نحو 20 في المائة منذ بداية العام الجاري. أي نصف في المائة يوميا، اذا تم استبعاد عطلة الحج وايام الجمع، العطلة الأسبوعية للسوق. ولم يترك لنتائج الربع الأول أي صعود مما جعل الهبوط امرا حتميا. وجاءت اجراءات الهيئة مبررا لذلك التراجع، مستخدمة كقميص عثمان. العامل الثاني ان المستثمرين الكبار احسوا بخطر السوق فابتعدوا مما اجبر السوق على التراجع. الأمر الثالث أن مكررات الربحية ارتفعت في السوق إلى 41 مرة، وتراجع العائد على الاستثمار إلى 1 في المائة مقابل اسعار فائدة بلغت 3.5 في المائة. العامل الرابع وجود فرص استثمار أقل مخاطر في أسواق اخرى. ومع كل ذلك يجب أن نقول ان مثل هذا التراجع صحي ومقبول ويزيد من جاذبية السوق إذ كلما هبطت الأسعار ارتفع العائد على الاستثمار، مما يجعلنا نتوقع ارتفاع السوق، فطبيعة الاسواق التذبذب.

وهنا يبرز سؤال: هل حاول كبار المضاربين التأثير على حركة السوق بعد قرارات الهيئة؟ الجواب نعم ونعم كبيرة، إذ أن أقل ما يقوم به المضاربون هو سحب الطلبات للبرهنة للآخرين أن قرارات الهيئة غير صائبة.

وفي الختام يجب ان أؤكد انني ضد تقييد النسبة ومع فتحها مائة في المائة ويعود ذلك لرغبتي بإلغاء الطلبات الوهمية والعروض الوهمية، ولشرح ذلك فلنضرب مثلا لشركة سعرها 100 ريال فإذا صعدت بالنسبة القصوى فسترتفع 5 ريالات بدلا من عشرة وإذ هبطت فستفقد 5 ريالات بدلا من 10 أيضا بمعنى اننا ضيقنا حاجز التذبذب إلى النصف، فأعطينا المضارب فرصة للرفع والخفض باستخدام نصف النقد لدية ونصف الأسهم. وسنجد في حالة الارتفاع طلبات دون عرض وقد تكون هذه الطلبات للمضارب الرئيسي الذي يملك حصة كبيرة من أسهم الشركة وبتواجد طلبات يقنع المتعاملين بصعود مماثل اليوم الآخر مما يقلل فرص البيع وكنا نشاهد طلبات بمئات الألوف من الأسهم بل بملايين دون أن تلبى. وفي حالة الهبوط نجد عروضا مماثلة ربما يكون أكثرها للمضارب لا تجد من يشتريها ويقوم المضارب في اليوم التالي بالضغط المماثل للحصول على الأسهم بسعر اقل ومن ثم معاودة الصعود.

بينما مع فتح النسبة تصحح السوق نفسها سريعا سواء في حالة الهبوط أو الصعود. فمثلا لو ارتفع سهم 20 في المائة في اول السوق فسيواجه بيوعا عالية تجبره على التراجع نظرا لأن مثل هذا الربح المتحقق في يوم واحد في السوق لا يحصل عليه التاجر او الصانع او الزارع في سنة. ومثل ذلك يقال في حالة الهبوط فلو حاول مضارب الضغط على سهم ليتراجع 20 في المائة فسيجد مشترين للسهم لأن المتعاملين سيضعون طلبات قد تستوعب جميع اسهم المضارب مما يحوله من ضاغط على السهم المدافع عنه عبر تحول مزاجه بفعل حركة السوق إلى الشراء.

ولكن يبدو أن هناك دراسة مقارنة قدمت للهيئة أوضحت للهيئة أن سوق الكويت محددة بنسبة 3 في المائة وقطر 5 في المائة وابوظبي 10 في المائة ودبي 15 في المائة فطبقت لدينا دون مراعاة فوارق الأسواق ولعلي أستطيع شرح ذلك في مقال لاحق.