مستثمرون صغار: بورصة عمان التهمت مدخراتنا

السوق خسرت أكثر من 5 مليارات دولار في فترة قصيرة

TT

لم يتوقع مجدي الاحمد ان تلتهم بورصة عمان كافة امواله التي ادخرها على مدار ثلاثة اعوام عندما كان يعمل في دولة خليجية. وقال متابعا اسعار الاسهم، التي تعرضت لانتكاسة استمرت 12 يوما «لم يبق لدي سوى مئات الدنانير... لقد استثمرت اكثر من 50 الف دينار (حوالي 70 الف دولار) وفقدتها كلها خلال اسبوعين».

واعترف الاحمد بانه لا يتمتع بالخبرة الكافية في مجال التعامل في الاسهم، وانه يعتمد على نصائح الوسطاء وزملائه المستثمرين. وحال الاحمد كحال الكثيرين في بورصة عمان الذين التقتهم «الشرق الاوسط»، فعلى سبيل المثال اكد خالد الدبدوب انه باع الارض التي كان يمتلكها وورثها كجزء من ثروة خلفها والده الراحل واشترى اسهما بثمنها، وهو خالي اليدين الآن، كما قال.

وأوضح الدبدوب انه لم يعلم بان حدة المضاربة التي عرف بتفاصيلها أخيرا، ستستهلك كل ما لديه من اموال، معتبرا ذلك درسا لا ينسى.

الكثير من صغار المستثمرين في الاردن دخلوا مجال الاسهم التي بلغت مستويات قياسية في رحلة صعود مع نهاية عام 2004 عندما ارتفع المؤشر القياسي العام للاسعار فوق حاجز 4000 نقطة ليواصل الصعود ويكسر حاجز 9000 نقطة، وهو الاعلى في تاريخ انشاء البورصة.

وبدأ المؤشر يتذبذب بشكل حاد مع بداية عام 2006 ليهوي دون مستوى 8 آلاف نقطة حاليا، وليلقي بظلاله على القيمة السوقية التي تراجعت بشكل ملموس عندما بلغت 29 مليار دينار (نحو 41 مليار دولار) قبل نهاية العام الماضي، لتنخفض حاليا لمستوى 25.2 مليار دينار (35.6 مليار دولار)، رغم انها استقرت عند 26.7 مليار دينار (37.7 مليار دولار) نهاية العام الماضي.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي إن «ما يحدث في بورصة عمان فاجأ الجميع، ومنحت المضاربة فرصة كبيرة للعامل النفسي الذي خيم على الجميع ودفعهم لعمليات بيع عشوائية». لكن الخليلي يرى خللا في ما يحدث عندما استغرب من صعود اسعار اسهم شركات تكبدت خسائر العام الماضي، في الوقت الذي تراجعت فيه اسعار اسهم شركات كانت نتائج اعمالها ايجابية وحققت ارباحا مجزية.

واضاف «هنا تلعب المضاربة دورا رئيسيا في تعاملات السوق، ومن الضروري ان تكون الرقابة اشد من ذلك، اضافة لضوابط لعمليات الاكتتابات المكثفة التي كان هدف معظمها امتصاص السيولة لا اكثر».

وفي قراءة سريعة لاسعار الاسهم المدرجة في بورصة عمان، يلاحظ الهامش النسبي لاعلى وادني سعر لمدة 12 شهرا يصل في بعض الحالات الى 935 في المائة، فعلى سبيل المثال، بلغ الحد الاعلى لسعر سهم الشرق العربي العقارية في 12 شهرا 72.5 دينار (102.4 دولار)، بينما بلغ الحد الادنى لنفس الفترة 7 دنانير (9.9 دولار)، في حين يبلغ سعر سهم الشركة حاليا 10.75 دينار (15.2 دولار) وهو مؤشر خطير على حدة المضاربة.

ولم تسلم معظم الاسهم من ذلك فان معدل الهامش لتلك الاسعار تجاوز 300 في المائة.

ويشير وسطاء الى ان ذلك اضر بالأسهم الممتازة التي تعرضت أخيرا لضغوط عمليات البيع، نتيجة الالتزامات التي بدأت شركات الوساطة المطالبة بها من المستثمرين، مما دفع مستثمرين استراتيجيين الى بيع ما يملكونه من تلك الاسهم ليعرضوها لمزيد من الانخفاض.

واعترف وسطاء في اجتماع لهم الاسبوع الماضي، بانهم يتحملون جزءا من المسؤولية في اشاعة الخوف والتسرع في عمليات البيع، داعين الى التهدئة من طرفهم. وأوصوا في نهاية الاجتماع بعدم ممارسة الضغوط على المستثمرين في هذه المرحلة، ليتمكن السوق من تجاوز الأزمة، وان اعتبرها البعض عملية تصحيح متوقعة وصحية، لكنها جاءت حادة، حسب وصف بعضهم.

وقال احدهم ان مرحلة التخوف بدأت من الوسطاء أنفسهم وانتقلت منهم في قاعات التداول ثم انتقلت الى الحلقات الاخرى من المستثمرين، محليين وخارجيين.

يذكر ان بورصة عمان تمكنت من تحقيق أداء مميز، خلال عام ‏2005، حيث شهد الرقم القياسي لأسعار الأسهم خلال عام 2005 ارتفاعاً كبيراً متجاوزاً كافة مستوياته القياسية ليغلق بنهاية العام 2005 عند 8192 نقطة، وبارتفاع نسبته 93 في المائة، مقارنة بإغلاق عام 2004، وذلك بعد أن وصل في 8/11/2005 إلى نحو 9348 نقطة.

وجاء هذا الارتفاع كمحصلة للارتفاع الذي شهدته الأرقام القياسية لكافة القطاعات خلال عام 2004، حيث ارتفع الرقم القياسي لأسعار أسهم قطاع البنوك بما نسبته 134 في المائة، ولقطاع التأمين بنسبة 98 في المائة، ولقطاع الخدمات بنسبة 78 في المائة، ولقطاع الصناعة بنسبة 15 في المائة.

كما أظهرت مؤشرات أداء البورصة إلى أن حجم التداول قد تضاعف عدة مرات خلال عام 2005، فارتفع بنسبة 345 في المائة ليصل إلى 16.9 مليار دينار (23.9 مليار دولار)، كما ارتفع عدد الأسهم المتداولة بنسبة 93 في المائة، مقارنة بعام 2004، ليصل إلى 2.6 مليار سهم. وصاحب هذا الارتفاع في حجم التداول وعدد الأسهم المتداولة ارتفاع بعدد العقود المنفذة، ليصل إلى حوالي 2.4 مليون عقد بارتفاع نسبته 103 في المائة عن العام السابق. كما ارتفع معدل دوران الأسهم في البورصة إلى 94 في المائة مقارنة بـ58 في المائة لعام 2004. ومما يذكر أن جميع المؤشرات أعلاه، هي الأعلى منذ تأسيس سوق عمان المالي في عام 1978.

وارتفع صافي استثمارات غير الأردنيين في بورصة عمان ليصل إلى 413.4 مليون دينار (584 مليون دولار)، مقارنة بـ68.9 مليون دينار (122.7 مليون دولار) لعام 2004. كما ارتفعت نسبة ملكية غير الأردنيين في بورصة عمان لتصل إلى 45.3 في المائة مقارنة بـ41.3 في المائة بنهاية عام 2004.

ومما يذكر أن أداء الشركات المساهمة العامة أظهر تحسناً كبيراً خلال عام 2005، حيث ارتفع صافي الربح قبل الضريبة بنهاية الربع الثالث من العام بنسبة 103 في المائة، ليصل إلى 1.1 مليار دينار 1.6 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من عام 2004.