تقرير: بريطانيا تخسر نحو 17 مليار دولار سنويا نتيجة التهرب الضريبي

من خلال إنشاء شركات في الخارج وتقديم القروض وعدم دفع المكافآت نقدا

TT

قال تقرير اقتصادي رسمي ان الحكومة البريطانية تخسر سنويا 10 مليارات جنيه استرليني (اكثر من 17 مليار دولار) نتيجة خطط التهرب من دفع الضرائب. وقال التقرير الذي صدر اول من امس عن مصلحة الضرائب الحكومية في بريطانيا ان هذا المبلغ يعادل 3 بنسات من النسبة الأساسية لضريبة الدخل في بريطانيا. وفي محاولة لمعالجة القضية، دشنت مصلحة الضرائب الحكومية وحدة خاصة تحقّق في مثل هذه الخطط، لكن الاشخاص والشركات التي يزعم انهم يتهربون من دفع الضرائب ينفون هذا الامر ويؤكدون انهم لا يفعلون اي شيء غير شرعي او يتعارض مع القانون ويجادلون بان كل ما في الامر أنهم أفضل فقط في التعامل مع نظام الضرائب مقارنة بالحكومة البريطانية.

وفي هذا السياق قال برنامج بثته محطة «بي بي سي» الثانية (برنامج المال Money Programme) مساء أول من أمس انه نتيجة أن أصول الملياردير فيليب غرين، الذي يملك مجموعة «اركاديا»، التي تملك بدورها محلات «BHS» المعروفة في بريطانيا، مسجلة خارج المملكة المتحدة، ويتم التحكم فيها من خلال زوجته غير المقيمة في بريطانيا، فإن غرين وعائلته سيوفرون حوالي 300 مليون جنيه استرليني.

ومن المعروف أن أملاك غرين مملوكة من قبل «تافيتا انفسمنت»، التي هي الأخرى مملوكة من قبل «تافيتا ليمتد» التابعة لعائلته ومقرها في جزيرة جيرسي البريطانية، التي تتمتع بقوانين ضريبية خاصة. و«تافيتا ليمتد» هي تحت سيطرة تينا، زوجة غرين التي تعيش مع طفليها في موناكو، ورغم أن غرين دفع ضرائب عائدات الشركات، لكن الأرباح التي سيتم دفعها للشركة التي تملكها زوجته في جيرسي لا تدخل ضمن الضرائب، لأنها غير مقيمة في المملكة المتحدة، وهو ما يوفر على غرين 25% كان يمكن اقتطاعها من الأموال التي ذهبت إلى زوجته.

وذكر البرنامج أيضا أن بعض شركات «الحي المالي» في لندن خفضت من فاتورة الدفع للضمان الاجتماعي عبر دفع علاوات الموظّفين من خلال الذهب والمجوهرات والتحف الثمينة بدلا من الدفع نقدا. واستهدفت مصلحة الضريبة البريطانية في فترة من الفترات مثل هذه الدفعات، الا ان المحاسبين في تلك الشركات اطلقوا بدورهم صناديق الائتمان لتخفيض قيمة الضرائب التي تدفعها شركاتهم. ومن خلال هذا النوع من الصناديق يتم دفع الرواتب والعلاوات في حسابات «اوف شور»، ومن ثم تقوم هذه الصناديق بمنح قروض مالية بدون فوائد في غالب الاحيان للموظفين وهي في هذه الحالة لا تدفع ضرائب على القروض.

بالإضافة الى ذلك فان شركات محاسبة تبيع الخسائر إلى الزبائن، ثمّ تقوم بعد ذلك بعمل موازنات تحتسب بها الخسائر مقابل الدخل من اجل التهرب من دفع الضرائب بطرق قانونية. وأكد برنامج المال في المحطة البريطانية ان مثل هذه الخطط كلّفت الحكومة بحدود 2.5 مليار جنيه استرليني كضرائب غير مدفوعة.وفي الحقيقة فإن القوانين البريطانية لم تتغير منذ الفترة الكولونيالية، حيث أنها لا تشمل يومي الوصول والمغادرة، لذا فإن أي واحد من هؤلاء يمكنه مثلا أن يأتي إلى بريطانيا يوم الثلاثاء ويغادر يوم الخميس، إلا أنه يستطيع القول إنه أقام لمدة يوم واحد لأسباب ضريبية.

وتعود قوانين non-domicile إلى أيام حروب نابليون، عندما تم إقرار ضريبة الدخل عام1799 من أجل تمويل المجهود الحربي، والمواطنون البريطانيون الذين كانوا يعيشون آنذاك في المستعمرات كان لا يتم فرض ضرائب على مداخيلهم بشرط ألا يحضروا عائداتهم المالية إلى بريطانيا. وفي عام 1914 تم تعديل القانون بحيث يسمح للمواطنين البريطانيين الذين ولدوا في تلك المستعمرات لكنهم أصبحوا مقيمين في بريطانيا بعدم دفع الضرائب على استثماراتهم في الخارج. وحتى بدون الإقامة في الخارج فإن الأثرياء الذين يسجلون ممتلكاتهم من خلال Offshore Trust يمكنهم التمتع بإعفاءات ضريبية كبيرة، ولكن هذه القضية باتت حاليا تثير جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية، حيث يعتقد بعض السياسيين البريطانيين أن هؤلاء الأثرياء عددهم محدود للغاية، وبالتالي فإن تغيير عدد من القوانين لن يثير ضجة داخلية.

ومثل تلك الأرقام تثير حساسية العديد من السياسيين البريطانيين الذين يضغطون على الحكومة البريطانية للعمل على سد الثغرات القانونية في مجال الضرائب، لأنه بحسب اعتقادهم ليس من العدل ملاحقة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة لدفع كافة الضرائب المستحقة، في حين أن أصحاب الملايين والثروات العالية يتهربون من دفعها بكل سهولة، ولكن هناك في المقابل أطرافا أخرى تجادل ضد كل ما سبق، حيث أنها تعتبر أن القوانين الموجودة تحفز رجال الأعمال والأثرياء للقدوم إلى بريطانيا للعيش أو العمل، الأمر الذي يساهم في نمو الاقتصاد البريطاني عبر خلق الوظائف وإنفاق جزء من أموالهم في البلاد.

وبحسب رأي هؤلاء، فإن تغيير القوانين سيدفع الأغنياء او بعض الشركات لمغادرة بريطانيا بحثا عن مكان أفضل، وهو بالمحصلة خسارة للاقتصاد المحلي.