العراق: خبير أكاديمي يحذر من استخدام الطرق القسرية في زيادة استخراج النفط

أدت إلى هلاك الكثير من الآبار

TT

حذر خبير أكاديمي من الطرق القسرية المستخدمة حاليا في زيادة معدلات إنتاج النفط من آبار حقول شركة نفط الجنوب، التي أدت إلى هلاك الكثير من الآبار واجهاد اكثر من 850 بئرا لتلبية احتياجات مطالب الحكومة التي اعتمدت في ميزانيتها للسنوات الثلاث الماضية على مبيعات الشركة في الوقت الذي لم تحصل فيه على التقنية الحديثة واعتمادها في كل عمليات الاستخراج على المكائن والمعدات ومستلزمات الإنتاج والنقل والتخزين القديمة المتخلفة.

واكد الدكتور عبد الجبار الحلفي، الباحث في جامعة البصرة، في دراسة أعدها لمركز دراسات الخليج العربي، انه لم تدخل الشركة منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي أية تقنية نفطية حديثة، التي تقلل كلفة الإنتاج وتحسين نوعيته وتزيد إنتاجية الآبار بطريقة عقلانية وعلمية وبموجب معايير الإنتاج العالمي للنفط، وتم عزل قطاع النفط في التسعينات عما يجري حوله في دول العالم من تطورات وتحول جوهري في صناعة النفط.

واشار الى إن الشركة التي تعد رابع اكبر شركة نفطية في العالم تعرضت نتيجة إلى تزايد مطالب الحكومة إلى الإجهاد من دون مراعاة للجوانب الفنية للحقول، مما اضطرت الدوائر الفنية في الشركة إلى استخدام تقنيات الاستخلاص الأولى في حقول الرميلة الجنوبية والشمالية بهدف تحسين عملية استخراج النفط، وهذه الطرق تعني استخراج كميات إضافية من البئر أو المكمن في الأماكن العميقة والبعيدة بداخله عن طريق حقن البئر بالمياه.

وأكد ان تلك الطريقة تتطلب تكاملا بين جميع التخصصات كالجيولوجيا والجيوفيزياء وهندسة المعادن والحفر والصيانة، وان حقن البئر بالماء لاستخراج الخام الغائر يعني ان تلك الآبار ستصاب بشقوق طبيعية بسبب القدم وتخلف طرق الصيانة، وكلها تؤدي إلى زيادة النفاذية وتوقف الإنتاج في وقت مبكر مقارنة بالتوقعات المستنبطة من محاكاة المكمن.

واوضح الخبير العراقي: ومن هنا يأتي الخوف من العمل على زيادة الإنتاج في حقول الجنوب الى معدلات قياسية لان معظم الآبار منهكة باستثناء حقل غرب القرنة، إذ بدأ الهبوط في إنتاج حقول الرميلة الجنوبية والشمالية خلال عقد التسعينات، وهذه الحقول تمثل في تراكيبها الجيولوجية وخواصها المكمنية تراكيب وخواص حقول النفط الكويتية الشمالية الأربعة المتاخمة للحدود العراقية الكويتية، وقد استخدمت فيها شركة البترول الكويتية تقنيات حديثة هدفت إلى مضاعفة إنتاجها خلال الفترة 1999 ـ 2006.

وافاد: لقد كان من المؤمل عقد مؤتمر عالمي للنفط في البصرة ترعاه شركة نفط الجنوب في ابريل (نيسان) من عام 2004، لكن يبدو ان هنالك جهات لم يرق لها تطوير حقول الجنوب وإعادتها إلى معدلاتها الإنتاجية المعروفة، حيث بلغ أعلى إنتاج نفطي للعراق عام 1979 عندما وصل الى 3.7 مليون برميل في اليوم، منها 2.7 مليون برميل من نفط الجنوب، عندما كانت الآبار في افضل حالاتها الفنية والاقتصادية، اذ ان لكل بئر عمرا اقتصاديا وفنيا وبعد أن يبلغ ذروته العمرية يبدأ بالتراجع السريع عندما يستمر الإنتاج بطرق اجهادية، وهذا ما يحدث الآن في حقول نفط الجنوب مشبها البئر (بالبقرة الحلوب).

وشدد على ان العاملين بالشركة قد أدركوا هذه الحقيقة فأصدرت عدة جهات إدارية وفنية ونقابية فيها أخيرا بيانات طالبت الحكومة بالمعالجة السريعة لاوضاع الشركة التي تعاني الإهمال منذ فترة طويلة والعمل على جلب استثمارات جديدة وتطويرية.