البنك الدولي: 60% من خطوط الهاتف على الصعيد العالمي قائمة في بلدان نامية

أكد أن الشراكة والمنافسة بين القطاعين العام والخاص ضروريتان لتوسيع قطاع الاتصالات

TT

افاد تقرير دولي صدر امس زيادة وتحسين نوعية خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقدرة على الحصول عليها تؤدي الى زيادة كفاءة الاقتصاد وقدرته على المنافسة على الصعيد العالمي.

وقال التقرير الجديد الصادر عن البنك الدولي عن المعلومات والاتصالات من اجل التنمية، وتلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه انه على الرغم من التقدم المُحرز على الصعيد العالمي في تحسين القدرة على الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما زالت البلدان الفقيرة متأخرة عن غيرها في جعل تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات شائعة في الدوائر الحكومية والمدارس ومنشآت الاعمال التجارية.

وحث التقرير الصادر عن البنك الدولي بعنوان «المعلومات والاتصالات من اجل التنمية 2006: الاتجاهات والسياسات على الصعيد العالمي» حكومات البلدان النامية على العمل المشترك بين الوزارات وفي اطار الشراكة مع القطاع الخاص بغية توسيع نطاق وصول واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ويتضمن التقرير الجديد سلسلة من مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خاصة بحوالي 150 بلدا، يستفيد من، ويبنى على، الخبرة العلمية المكتسبة من خلال انخراط البنك الدولي في هذا القطاع الى حد كبير، فهو اكبر جهة مانحة دولية عاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من اجل التنمية، ويقوم بتنفيذ ومساندة مشروعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ما يزيد على 80 بلدا بما يزيد على 3 مليارات دولار اميركي.

وقالت كاثي سييرا، نائب البنك الدولي لشؤون البنية الاساسية: «يبين هذا التقرير ان المنافسة من القطاع الخاص ما زالت القوة الدافعة في توسيع نطاق القدرة على الحصول على خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية بالنسبة لمليارات الاشخاص في مختلف مناطق العالم. ولكن للتعاون اهمية رئيسية لضمان تحقيق المزيد من التقدم، اي التعاون بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص بهدف اتاحة الاتصالات لمليارات قادمة من الاشخاص، وفيما بين الدوائر الحكومية بهدف توسيع نطاق تقديم الخدمات للمواطنين واجراء معاملاتهم بالوسائل الإلكترونية، وفيما بين البلدان بغية ضمان القدرة على الاتصال والتواصل على الصعيد الاقليمي».

وأوضح التقرير انه في السنوات الخمس والعشرين الماضية، شهدت البلدان النامية زيادة كبيرة في القدرة على الحصول على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولا سيما في مجال الاتصالات الهاتفية، وفيما بين عام 1980 وعام 2005، ازداد عدد المشتركين الحاصلين على الخدمات الهاتفية بأكثر من ثلاثين ضعفا. ففي عام 1980، بلغت حصة البلدان النامية 20 في المائة من خطوط الهاتف على الصعيد العالمي. وفي عام 2005، اصبحت نسبة 60 في المائة من خطوط الهاتف على الصعيد العالمي قائمة في بلدان نامية.

وبين التقرير ان هذا التوسع حدث نتيجة: ثورة تكنولوجية في مجال الهواتف الجوالة، والمنافسة من القطاع الخاص. ففي عام 2003، اصبح في 130 بلدا من بلدان العالم ما لا يقل عن ثلاث شركات تتنافس في تقديم خدمات الهاتف الجوال. كما ادى الانفتاح على المنافسة من القطاع الخاص الى تدفقات داخلية كبيرة من الاستثمارات من الخارج حيث تدفق الى قطاع الاتصالات بين عامي 1990 و2003 نحو 200 مليار دولار من الاسثمارات الاجنبية.

فبين عام 1990 وعام 2003، على سبيل المثال، شهد 122 بلدا من اصل 154 بلدا نامية قدوم استثمارات اجنبية في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، وازدادت الاستثمارات الاجنبية المباشرة السنوية في هذا القطاع في البلدان النامية من ملياري دولار عام 1990 الى مستوى عال بلغ حوالي 35 مليار دولار. وفي السنوات القادمة، يمكن ان تصل الاستثمارات السنوية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الاسواق الناشئة الى 100 مليار دولار.

من جهته، قال محسن خليل، مدير ادارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجموعة البنك الدولي: «يبين هذا التقرير ان الانتقال الى تقديم خدمات تنافسية جيدة اللوائح التنظيمية ما زال يعتبر الاساس اللازم لاستغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من اجل عملية التنمية. ولكن ما زال هناك شوط ينبغي اجتيازه لأن، على سبيل المثال، حوالي نصف بلدان العالم ما زال لديها مؤسسات تحتكر عملية تقديم خدمات الاتصالات المحلية والدولية الثابتة، مما يجعل تكلفة الاشتراك في خدمات الإنترنت عالية جدا وغير محمولة. ولكن ما زال ينبغي بذل المزيد من الجهود لكي تتمكن خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من تحقيق امكاناتها الكاملة كحافز مهم لنمو الدخل وتحقيق التقدم في الوفاء بالاهداف الانمائية للالفية الجديدة».

واوضح خليل، على سبيل المثال، وجود حاجة مستمرة لمساندة الحكومات لمبادرات «القدرة على الحصول على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات». وفي اطار تخطي المنافسة المنصفة والفعالة من جانب القطاع الخاص، يوجز هذا التقرير ايضا شراكات مبتكرة بين القطاعين العام والخاص بهدف توسيع نطاق القدرة على الحصول على هذه الخدمات ليشمل المناطق الريفية والمناطق النائية».

ونوه التقرير الى ان استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، شاملة شبكة الإنترنت، يتزايد اهمية بالنسبة للانتاجية والعمالة في البلدان النامية. ووجد مسح استقصائي للشركات تم اجراؤه في 56 بلدا ناميا ان الشركات التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقق معدلات نمو وتستثمر اكثر وانتاجيتها وربحيتها اكبر قياسا بالشركات التي لا تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقدم التقرير بعض الدروس المستفادة من بلدان نامية من حيث تحسين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مبينا ان العديد من البلدان النامية اعتمدت استراتيجيات خدمات إلكترونية تتطلب زيادة القدرة على الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها. ووجد استعراض لما بلغ 40 استراتيجية من هذا القبيل في بلدان نامية، في اطار دراسة مرجعية من اجل هذا التقرير، ان ما زيد على 85 في المائة منها تستهدف على سبيل المثال: من توسيع نطاق استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدوائر الحكومية والمدارس، وتطوير البنية الاساسية للاتصالات السلكية واللاسلكية، واتاحة الاطار القانوني والتنظيمي الكافي.

الا ان العديد من الاستراتيجيات التي تم استعراضها تضمنت نواقص من حيث ترتيبات التنفيذ. وبصورة محددة، اتضح ان آليات الرصد والتقييم اما ضعيفة او غير موجودة. فعلى سبيل المثال، يعتبر العديد من الحكومات ربط المدارس بالشبكات من بين الاهداف المهمة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومع ذلك. ليست هناك بيانات في العديد من البلدان عن ذلك النوع من الربط، مما يجعل من العسير قياس مدى التقدم او تقييم مساهمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية التعليم والتثقيف.

كما يدعو التقرير الى اعتماد استراتيجيات خدمات إلكترونية لوضع اهداف واضحة مشتركة بين القطاعات واجراءات تدخلية محددة لبلوغ تلك الاهداف، مع الوضوح فيما يتعلق بالموازنة والمسؤولية عن تنفيذها، كما يقترح هذا التقرير مؤشرات رصد لمتابعة التقدم المحرز نحو تحقيق الغايات، وينوه بوجود فجوات كبيرة فيما يتعلق بالبيانات المتوفرة.

وعرض التقرير جداول النظرة السريعة التي تغطي 144 بلدا وتتيح نظرة سريعة على مدى التقدم المحرز في هذا القطاع في تلك البلدان. وتتضمن هذه الجداول حوالي 30 مؤشرا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تتيح بيانات عن القدرة على الحصول على هذه التكنولوجيا، ومدى رخص تكلفتها، وكفاءتها واستمراريتها وتطبيقاتها. وتسهل تلك البيانات عملية التقييم والمقارنة على حد سواء على مر الزمن (الفترة 2000 ـ 2004) وفيما بين البلدان، وذلك بهدف تقييم: قدرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وادائها والتقدم المحرز والفرص السانحة.

وقالت كريستين زين ـ واي كيانغ، الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي وإحدى محرري هذا التقرير «مع ان بلدان العالم النامية شهدت تقدما هائلا في ادخال البنية الاساسية الضرورية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فان الصورة اكثر تفاوتا بالنسبة لشبكات الإنترنت السريعة الوصول والاستخدام لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتستطرد كريستين قائلة: «ازداد استخدام شبكة الإنترنت على الصعيد العالمي بواقع اكثر من اربعة اضعاف فيما بين عامي 2000 و2005، ولكن الفروق في عدد اجهزة الخدمة ـ الشبكة المأمونة ـ وهذا مؤشر على مدى خدمات انشطة الاعمال التجارية عن طريق الإنترنت ـ ما زالت كبيرة فبينما لدى البلدان المتقدمة اكثر من 300 جهاز خدمة شبكي لكل مليون شخص، فان لدى البلدان النامية اقل من جهاز خدمة شبكية اثنين لكل مليون شخص. ولدى كندا لوحدها اجهزة خدمة شبكية مأمونة اكثر مما لدى كافة البلدان النامية مجتمعة. فالفجوة الرقمية واقع حقيقي وعلينا جميعا مواصلة العمل لملئها».