ريتشارد ميلز لـ الشرق الاوسط: طلبنا من الرياض زيادة المداهمات ووقف قرصنة الكتب

واشنطن تقرر خلال أسبوعين استمرار بقاء أو ازالة إسم السعودية من «قائمة المراقبة» لخرق حقوق الملكية الفكرية

TT

أكد مسؤول في السفارة الأميركية في الرياض أن واشنطن ستقرر خلال الأسبوعين المقبلين، استمرار أو إزالة اسم السعودية من قائمة خاصة أنشأها الكونغرس الأميركي بالدول التي تشهد خرق لحقوق الملكية الفكرية، حيث تضم «قائمة المراقبة» حاليا 36 دولة وتتم مراجعتها سنويا.

وقال ريتشارد ميلز، المدير المكلف بالقسم الاقتصادي في السفارة الاميركية في السعودية «نحن حاليا في المراحل الأخيرة لاتخاذ قرار بشأن وضع السعودية في هذه القائمة، وكنا قد قدمنا للحكومة السعودية قائمة بالأمور التي نرغب بإحراز تقدم فيها، مثل الشفافية في إجراءات مكافحة خرق حقوق الملكية الفكرية، وضرورة تنفيذ عدد أكبر من المداهمات، إنزال عقوبات أكثر صرامة بالمخالفين، وضرورة بذل جهد لإيقاف المقرصنة على الكتب واشتراكات قنوات التلفزيون. وقال ريتشارد في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض إنه لا يستطيع الجزم بطبيعة القرار، أو كيف سيتم تقييم التقدم التي أحرزته السعودية في هذا المجال، إلا أنه قال إن السعودية أحرزت تقدما مهما خلال السنوات الماضية، خصوصا مع انضمامها لمنظمة التجارة العالمية.

> كيف تقيمون وضع حماية الملكية الفكرية في السعودية حاليا؟

ـ قامت الحكومة السعودية بخطوات مهمة لحماية حقوق الملكية الفكرية، ونحن على علم بهذه الخطوات، وشملت هذه الخطوات تطوير التشريعات والقوانين التي تتوافق مع اشتراطات منظمة التجارة العالمية التي انضمت لها السعودية نهاية العام الماضي، بما يخص حماية حقوق الملكية الفكرية، حيث عززت كفاية العقوبات والغرامات التي يفرضها القانون السعودي لردع مرتكبي أعمال القرصنة. ولكن الحكومة الاميركية كما هو الحال مع باقي أصحاب حقوق الملكية الفكرية لديها مخاوف حول تطبيق السعودية على أرض الواقع لحماية الحقوق، لقد تم تحقيق تقدم ولكن لم يتم حتى الآن ما يكفي لإزالة السعودية من «قائمة المراقبة» التي تضم الدول التي تشهد نسبة عالية من خرق حقوق الملكية. > ما الذي تطالبون السعودية للقيام به في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية؟

ـ السعودية لديها نوعية جيدة من التشريعات الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية، ولكن المطلوب هو رفع العقوبات، وفي مجال تسجيل براءات الاختراع نرى أن هناك تراكما في عدد براءات الاختراع التي يجب تسجيلها وقد تم خلال العامين الماضيين بذل جهود لتسجيل براءات الاختراع المتراكمة تلك، وما لم نشاهده هو تطبيق الأنظمة الخاصة بالحماية، كما نرغب في مشاهدة نسبة أعلى من الشفافية في تطبيق القانون مثلا في إبلاغ الشركات صاحبة حق الملكية الفكرية بتفاصيل المخالفات لحقوقها والعقوبات التي تم إصدارها على المخالفين.

نريد أن نرى خطوات ترسل رسالة واضحة لمن يخالفون حقوق الملكية الفكرية بأن أعمالهم مخالفة للقانون وأنهم سيواجهون عقوبات.

> هل تعني أن هناك حاجة لرفع مستوى العقوبات، وهل تقصد أخبار الشركات بالعقوبات التي يتم تطبيقها بالمخالفين لتتاح لهم فرصة الاستئناف في حال اعتقادهم بعدم كفاية العقوبات؟

ـ نعم، نريد عقوبات كافية ورادعة، فمثلا لا نريد من يضبطون في حملات المداهمة على مواقع خرق حقوق الملكية الفكرية يعودون لممارسة هذه المخالفات من جديد. كما أن هناك أمرا آخر هو عدم معرفتنا للعقوبات التي تصدرها اللجنة المختصة. يجب ردع المخالفين ومنع الآخرين من خرق حقوق الملكية الفكرية عبر إعلان العقوبات.

> هل هناك معايير دولية تطالبون السعودية بانتهاجها في معاقبة المخالفين لحقوق الملكية الفكرية؟

ـ من حق كل دولة أن تضع العقوبات التي تتناسب مع نظامها، ولكن نحن نشاهد أن العقوبة التي تطبق في السعودية على المخالفين لحقوق الملكية الفكرية، وهم في الغالب غير سعوديين، تتمثل في ترحيلهم لبلادهم الأصلية، ولكن نعلم بالعقوبات التي يتم توجيهها للأشخاص الذين يقفون وراءهم، وبعضهم سعوديون.

> هل لديهم تقديرات لخسائر الشركات جراء خرق حقوق الملكية الفكرية في السعودية؟

ـ هناك تقديرات للاتحاد الدولي للملكية الفكرية للخسائر التي تتكبدها الشركات في السعودية في عام 2005 بحوالي 110 ملايين دولار تشمل القرصنة في مجال الأفلام، والموسيقى، وبرامج الكومبيوتر للشركات، وبرامج الكومبيوتر الترفيهية، والكتب. وكما تعلم أن مبيعات برامج الكومبيوتر في السعودية متضررة بشكل كبير بسبب انتشار القرصنة.

> تحدث رئيس الاتحاد الدولي للملكية الفكرية إرك سميث خلال زيارته للسعودية في يناير (كانون الثاني) الماضي عن استخدام بعض الأجهزة الحكومية في السعودية لبرامج غير مرخصة، هل تتابعون في الحكومة الأميركية مثل هذا الموضوع؟

ـ نحن نعمل مع الحكومة السعودية للتأكد من استخدام كافة مؤسساتها للبرامج المرخصة، وكما ذكرت فقد أجرى رئيس الاتحاد الدولي محادثات مثمرة خلال زيارته للسعودية أخيرا، وتحدثوا حول هذه الموضوع لاستخدام الحكومة ذاتها برامج مرخصة.

> كيف سيسهم تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية في السعودية في استقطاب شركات تصنيع البرامج مثلا للاستثمار في السعودية؟

ـ في حال عدم تمتع الشركات العاملة في أكثر القطاعات نموا، بما فيها شركات تصنيع البرمجيات، والتقنيات الحيوية، والمنتجات الصيدلانية فإنهم لن يستثمرون في أي بلد، ووجود السعودية على «قائمة المراقبة» سيجعل من الصعب استقطاب شركات أميركية للعمل في السعودية في هذه القطاعات، أو العمل مع شركاء سعوديين لإطلاق استثماراتهم.

> هل تعتقد أن السعودية تسير بذات السرعة لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية مقارنة بالدول الخليجية المجاورة؟

ـ اعتقد ان السعودية تسير بشكل أبطأ من بعض الدول الخليجية، فرغم اتخاذ السعودية خطوات مهمة نحو تقوية العقوبات، ولكن شاهدنا تطبيق أفضل في بعض الدول الخليجية الأخرى. وهو عامل يحدد الاتجاه التي تقصده الشركات الأميركية للاستثمار. > تحدث تقرير الاتحاد الدولي للملكية الفكرية حول مخالفات تقوم بها بعض أقسام الجامعات في السعودية في تشجيع طلابها لشراء نسخ غير أصلية لكتب في مراكز خدمة الطالب مع عدم وصول كميات كافية من الكتب المقررة دراسيا أو المساندة للمنهج الجامعي، فهل رصدتم مثل هذه الظاهرة وهل هناك خطوات تنسيقية لمحاربتها؟

ـ يعتبر هذا الأمر مصدر قلق بالنسبة لنا، ورغم أني لست مطلعا على أن أساتذة طلاب يشجعون طلابهم على شراء نسخ غير أصلية، ولكن رصدنا مخالفات في هذا المجال، وقد طرحنا هذا الموضوع مع الحكومة السعودية العام الماضي للحاجة لمعالجته، وقد علمنا بأنهم خاطبوا الجامعات لضرورة احترام حقوق الملكية الفكرية، ونحن نقدر هذه الخطوة. هنالك تقارير حول نسخ غير أصلية في بعض المكتبات والحكومة السعودية تعمل على معالجة ذلك.

كما أن هناك مجالا أصغر حجما ولكنه مهم، هو قرصنة اشتراكات القنوات التلفزيونية، وقد رصدنا ذلك في عدة مجمعات سكنية في الرياض وجدة والظهران، حيث تشتري هذه المجمعات اشتراكا واحدا فقط وتوزعه على عدد كبير من السكان يصل إلى 50 منزلا. فمن الضروري للحكومة السعودية النظر في هذه المخالفات.

> هل المشكلة في ارتفاع أسعار الاشتراك؟

ـ يمكن أن تكون أسباب مختلفة، ولكن عندما تحصل على خدمات القنوات مجانا فهو سرقة، وهذا يدفع الأسعار للزيادة. يجب على الحكومة أن ترسل رسالة بأن هذا التصرف هو سرقة.

> متى تتوقعون إزالة السعودية من «قائمة المراقبة»؟

ـ تتم حاليا مراجعة في واشنطن لهذه القائمة، وهو مراجعة سنويا، وتمر هذه العملية في المراحل الأخيرة لاتخاذ القرار بشأن وضع السعودية في هذه القائمة، وسيتم اتخاذ هذا القرار خلال أسبوعين من الآن. لقد أعطينا الحكومة السعودية قائمة نقاط نرغب في إحراز تقدم فيها، مثل الشفافية في تطبيق مكافحة خرق حقوق الملكية الفكرية، ومطالبة بعدد أكبر من المداهمات، وتطبيق عقوبات أكثر صرامة، وإيقاف عمليات القرصنة للكتب واشتراكات قنوات التلفزيون. أنا لا استطيع الجزم حاليا بطبيعة القرار بشأن السعودية وكيف سيتم تقييم التقدم التي أحرزته في هذا المجال، ولكن أستطيع التأكيد أن السعودية أحرزت تقدما مهما خصوصا مع انضمامها لمنظمة التجارة العالمية.

> هل تعطونا فكرة أوسع عن هذه القائمة، وما هي الفوائد التي تجنيها أي دولة عند إزالتها من «قائمة المراقبة»؟

ـ هذه القائمة تمت إنشاؤها من قبل الكونغرس الأميركي في التسعينات، وهو تلزم مكتب الممثل التجاري الأميركي بتوفير تقييم سنوي لمستوى حماية حقوق الملكية الفكرية حول العالم، وفي حال عدم تحقيق أي دولة لمستوى كاف من حماية حقوق الملكية، تضاف لقائمة المراقبة وفي هذه الحالة فإن مكتب الممثل التجاري ووزارة الخارجية يجب أن تضع ذلك في الحسبان عند التعامل مع تلك الحكومات. فالسعودية مدرجة في قائمة المراقبة، وهي قائمة تضم 36 دولة حاليا، ولكن هناك قائمة أخرى تضم 13 دولة تشمل الدول التي تسجل فيها خروق كبيرة لحقوق الملكية الفكرية والسعودية ليست في هذه القائمة، كما أنها بالتأكيد ليست ضمن قائمة مشددة تضم دولة واحدة فقط للدول الأشد خرقا لحقوق الملكية الفكرية.