المستثمرون السعوديون يدونون أحداث سوق الأسهم السعودية الجديدة في «محفظة» التاريخ

تضمنت قصصا وحكايات عن محاولة البسطاء بناء مستقبلهم

TT

سجل المستثمرون السعوديون أحداثا جديدة في «محفظة» تاريخ الأسهم السعودية، بعد أن ظلوا ولفترة قريبة يتذكرون أحداثا مر عليها الزمن، بدون أن يكون من بينها حدث إيجابي ومهم يشيرون إليه، حتى جاء التوجيه الرسمي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بضرورة تجزئة الأسهم، والسماح للأجانب بالاستثمار، ليكون ذلك حدثا جديدا ومهما في تاريخ سوق الأسهم السعودي.

وقطع توجيه الملك عبد الله، الطريق على آراء المراقبين والمتابعين التي بنيت على أحداث قديمة، ليبدأ كثير منهم بالانطلاق من جديد بآراء تستشرف المستقبل وتضع الرؤى للسوق السعودي من واقع الأحداث الآنية، والتي أصبح بمقدور البسطاء من الناس الحديث عنها، وتأملها خلال الفترة القادمة، وبخاصة الباحثين عن فرص الاستثمار في سوق الأسهم، الذين يطلق عليهم اسم «صغار المستثمرين».

وإن كان الكثير من المحللين قد تناولوا مرحلة ما بعد «الانهيار»، وهي المرحلة التي سميت بعودة الثقة، فإن البعض ركز على أهمية الاستفادة من تلك التجارب المرة التي وقع فيها المستثمرون، وراحوا يطلقون تحليلاتهم التي بينوا من خلالها قسوة الدرس، وأهمية حصد نتائج ما تعرضوا له من امتحان لصالحهم. وكعادة الأحداث، وما يصاحبها من ضجيج، اقتنص البعض الفرصة، ووجهوا انتقاداتهم لكثرة ظهور المحللين الذين لم يفوتوا فرصة الظهور من خلال وسائل الإعلام، والتي هي الأخرى وجدت نفسها بحاجة لأهل الرأي والاختصاص، لمتابعة الحدث، وتقديم ما يبحث عنه المتابع، والحصول على نسبة كبيرة من المتابعين.

ويقول خالد العيد الذي دخل سوق الأسهم بمبلغ 150 ألفا قبل عامين، إنه أصبح شديد التعلق بشاشة تداول الأسهم والأخبار الخاصة بالسوق عامة والشركات خاصة، حتى أصبحت تأتيه رؤى في منامه حول السوق، حيث رأى في منامه ذات ليلة حلما عجيبا نوعا ما، كاشفا أنه ظهر على شاشة هاتفه ما نصه «شركة الجوف الزراعية، تتصل بك»، لافتا إلى أنه استيقظ قبل فتح الخط، الأمر الذي ندم عليه كثيرا، على حد تعبيره.

وأضاف العيد أن التعامل في سوق الأسهم فيه تأثيرات على الحياة الأسرية والعملية، مشيرا إلى أنه قبل دخوله إلى سوق الأسهم كان يتوجه إلى مقر عمله عن الساعة 7 صباحا ويخرج الساعة 1 ظهرا، وبعد دخوله إلى السوق بات يتغيب ما معدله ثلاثة أيام، مفيدا بأنه ليس لوحده فإدارته تضم 60 موظفا، 40 منهم يتعاملون بالأسهم.

وفيما أصبح العيد يقدم الأسهم على حياته الأسرية لدرجة بدأ معها يهمل بعض الوعود التي اطلقها لأبنائه، بدأت زوجته تتذمر من الوقت الطويل الذي يقضيه في متابعة سوق الأسهم، لكنه عاد ليؤكد أن عائلته أصبحت مع الوقت على دراية كبيرة بتفاصيل السوق.

وكان العيد قد قرر دخول السوق بعد متابعته لبعض زملائه في العمل الذي كانوا يتابعون شاشة الأسهم من خلال مكتبه، حيث كانوا يروون قصصهم عن السوق وكيف استطاعوا تحقيق أرباح خيالية، ونصيحة احد أصدقائه له بالاقتراض من أحد البنوك المحلية وضخها بالكامل في السوق، «الأمر الذي سيدر عليك أرباحا غير متوقعة، مما شجعني على الدخول مباشرة بدون أدنى ثقافة أو خلفية عن السوق». وأضاف العيد انه بعد شهرين من دخوله استطاع تحقيق أرباح تجاوزت الـ 40 ألف ريال بحسب توصيات أحد زملائه الذي أصبح مستشاره المالي بعد ذلك، إلا أنه استغنى عن نصائحه بعد فترة من الزمن، الأمر الذي شجعه على إضافة مبلغ 170 ألف ريال أخرى قبل شهرين عندما تجاوز المؤشر حاجز الـ18 ألف نقطة لتحقيق أرباح أكبر، مشيرا إلى انه مع هبوط مؤشر السوق في الفترة الأخيرة خسر جميع أرباحه إضافة إلى خسارته جزءا كبيرا من رأسماله بلغ 210 آلاف ريال ليتبقى من رأس المال ما يقارب الـ85 ألف.

وأوضح العيد إلى أنه منذ بدايات دخوله إلى السوق لم يكن يعتمد على دخله الشهري ولا يعلم وقت نزول مرتبه لوفرة السيولة لديه مما يجنيه من أرباح السوق، إلا أنه بات ينتظر نزول مرتبه الشهري يوما بيوم، على حد قوله، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي لم يستطع أن يسدد فاتورة هاتفه المتحرك.

في هذه الأثناء، حللت المنتديات الإلكترونية الحدث من وجهة نظر أعضائها، وكانت الحوارات الدائرة تأخذ طابع الجدية في بعض الأحيان، والسخرية في أحايين كثيرة. ودعا بعض ممن خرجوا من السوق، جميع الخاسرين ببذل الصدقة، والصوم والصلاة والدعاء، وطالب رواد المنتديات بعضهم البعض بالابتعاد عن ترديد بعض المسميات التي تبعث على التشاؤم، كـ«مايو الأسود» ونحو ذلك. المستثمرون الذين ظلوا يدونون أحداث السوق المخيفة في الأعوام الماضية، من دون الإشارة إلى حدث ٍ إيجابي، سيذكرون في مستقبل الأيام، التوجيهات الصادرة من الجهات العليا لحمايتهم، بعد تدوينها، لتكون شاهدا مضيئا في تاريخ سوق الأسهم السعودي، وحدثا يشار إليه كلما ظهر اللون الأحمر أمام أعينهم.

من جهته، قال عبد القادر الغامدي إنه كثيرا ما يعتمد على زوجته في تنفيذ أوامر البيع والشراء حيث كانت تبيع وتشتري عندما يكون مشغولا أو بعيدا عن البيت، مبينا أن أفضل التوصيات كانت تأتيه من زوجته التي لا تعمل، مما يتيح لها فرصة متابعة السوق بأدق تفاصيله حتى صار يعتمد على تقييمها الخاص لأحوال الشركات والسوق بشكل عام. وأوضح الغامدي انه تمكن من تحقيق ارباح مجزية من خلال توصيات زوجته التي أصبحت المستشار المالي الخاص به، وكشف انه كان يرجئ دفع فواتير الخدمات ليستغل مبالغها في المتاجرة بالأسهم.

وفيما راودت البعض أحلام كبيرة من خلال أرباح الأسهم يقول أبو وليد الذي اقترض مبلغ 180 ألف ريال ليصبح بعد فترة قصيرة 250 ألف ريال، إنه رفض نصائح أصدقائه ببيع أسهمه واستغلال السيولة المتوفرة في بناء منزل خاص به بهدف توفير سيولة كافية لشراء منزل في مدينة الدمام وآخر في القصيم وفتح مشروع صغير. واشار أبو وليد إلى أنه خسر أحلامه وجزءا كبيرا من رأسماله لينجو بـ70 ألف ريال فقط. ويتفق الجميع على أنهم يعتمدون في الاستشارات بالدرجة الأولى على منتديات الإنترنت وبعض أقوال الصحف المحلية، إضافة إلى متابعة آراء بعض المختصين الموثوقين في تقديم التوصيلات المناسبة.