فاتورة النفط في الأردن تستنزف 25 بالمائة من الناتج الإجمالي

قيمتها ستصل في العام الحالي إلى 2.54 مليار دولار

TT

اصبحت فاتورة النفط تشكل التحدي الاكبر للاردن، إذ تستنزف حوالي 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية احمد الرفاعي، ان قيمة الفاتورة النفطية المقررة لهذا العام الحالي ستبلغ 2.54 مليار دولار مقابل ايراد بيع 1.98 مليار دولار، أي بعجز سيصل إلى 560 مليون دولار، وهو مقدار الدعم الذي سوف تدفعه الحكومة. وتعاقد الاردن في اول شهرين من العام الحالي، على التزود بالنفط على 61.9 دولار و63 دولارا على التوالي، بينما بنيت موازنة 2006 على أساس 60 دولارا للبرميل، مع ان جميع الاتجاهات تشير إلى ان الاسعار مرشحة للزيادة وليس للانخفاض. ويأتي قرار رفع اسعار المشتقات النفطية، المنتظر ان تعلنه الحكومة الاردنية خلال الاربع والعشرين ساعة المقبلة، لتخفيف الدعم الذي تقدمه لفاتورة النفط، بسبب توقف المنح النفطية التي كان يحصل الأردن عليها من العراق والخليج بسعر اقل بكثير من الاسعار العالمية، بسبب علاقاته الوثيقة مع تلك الدول، سواء السياسية أو الاقتصادية.

والسبب الثاني الذي دعا الحكومة لتخفيض الدعم، هو انها لم يعد بمقدورها التعاطي مع التقلبات في الاسعار العالمية ولعدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الاوسط، كذلك التوتر الحاصل في كل من فنزويلا ونيجيريا والمضاربات في اسواق النفط. وموقف الحكومة الاردنية بالغ الصعوبة والتعقيد وهي أمام معادلتين: الاولى ان رفع اسعار المحروقات في ظل استقرار الدخول سيؤدي إلى تخفيض مستوى المعيشة، وهو أمر لا يرغب به المواطنون ولا ترغب به الحكومة ايضا، ولكن ليس له بديل، خاصة اننا نتحدث عن مئات الملايين من الدنانير. والثانية عدم رفع اسعار المحروقات والابقاء على الدعم، يعني ارتفاع عجز الموازنة والعجز عن تسديد الديون المحلية والخارجية والاضطرار مجدداً لصندوق النقد الدولي والخضوع لبرامج تصحيح قاسية يدفع المواطنون لها ثمنا يزيد عن فروق اسعار النفط.

والاردنيون سيدفعون ثمن النفط لا محالة حتى لو وزعته الحكومة مجانا على الجميع، لان اموال الخزينة التي سوف تدفع للنفط لن تأتي من غير الضرائب والقروض، ونحن لا نريد زيادة الضرائب على المواطنين أو زيادة المديونية على البلد، فلا اقل من ان ندفع الكلفة الحقيقية لما نستهلكه. وما يقال عن خيار تخفيض النفقات العامة للدولة فهو خيار لا يتسم بالمرونة، لان 89 بالمائة من نفقات الدولة لا تقبل التغيير مثل الرواتب والتقاعد والفوائد والايجارات. ويجمع المراقبون على ان قرار تخفيض الدعم هو قرار ضروري ولا بد منه، وهو قادم ان اجلا أو عاجلا، وان له مضاعفات اجتماعية وسياسية، لكنه من الناحية الاقتصادية مهم جداً فبدون التخلي عن سياسة الدعم وتحرير الاسعار لا تستطيع الحكومة الدخول في اقتصاد السوق الحر، وهو متطلب اجباري لأية دولة تريد الاندماج مع الاقتصاد العالمي والمشاركة في النظام الاقتصادي الدولي الحديث والتمتع بمزايا التجارة العالمية. وفي هذا الصدد اشار المحلل الاقتصادي الدكتور إبراهيم سيف إلى ان المتغيرات السياسية الاقتصادية العالمية قد غيرت من قواعد اللعبة في علاقة الدولة بالمواطن، حيث تحول مفهوم الرعاية لدى الدولة إلى مفهوم التنظيم والاشراف، وان توجه المنظمات العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية يقضي برفع الدعم كليا، وعدم تقديم معونات بأي شكل وتحرير الأسعار وإزالة الضرائب والعوائق الجمركية أمام حركة التجارة لفتح المجال أمام المنافسة العادلة، وهذا ما ينطبق على الأردن الذي له التزامات مع المؤسسات الدولية وعليه يقع عبء تحرير الاسعار ورفع الدعم عن كافة اشكال النشاطات الاقتصادية.