تبادل مراكز في السوق السعودية ينذر ملاك أسهم المضاربة بالهبوط

هيئة سوق المال تكشف تدليسا في تداولات أسهم 3 شركات صاعدة

TT

أنهت سوق الأسهم السعودية تعاملاتها أمس، بإظهار توجه واضح لتبادل المراكز، وهو ما يرشح صعود أسهم العوائد وينذر ملاك أسهم المضاربة بهبوط تصحيحي متوقع، ويأتي ذلك فيما تراجع المؤشر العام للسوق 173.94 نقطة أو ما يعادل 0.98 في المائة هبوطا إلى 17557.02 نقطة.

وجاء التراجع غير الحاد الذي تعرضت له السوق أمس، إثر تداول 179.8 مليون سهم بقيمة تقدر بنحو 24.6 مليار ريال (6.5 مليار دولار)، من خلال تنفيذ 451.9 ألف صفقة، ارتفعت بنهايتها أسهم 47 شركة، فيما تراجعت أسهم 31 شركة.

وأظهرت تعاملات سوق الأسهم السعودية، تحركا للسيولة يكشف انتقالها من قطاعات تضم أسهم مضاربة، إلى قطاعات قيادية تضم عدد كبير من أسهم العوائد، وهو ما يرشح حدوث انقلاب في الصورة الحالية للسوق.

وشهدت السوق أمس، تفوقا في عدد الشركات التي صعدت أسعار أسهمها، مقابل تراجع في عدد الشركات التي سجلت أسعار أسهمها تراجعا ملحوظا، بمقارنة أسعار أقفال السوق بإقفالها أمس الأول، فيما ينتظر أن تسفر التعاملات المقبلة عن ارتفاع عدد الشركات التي تسجل أسهمها تراجعات في السعر.

ومن شأن حدوث هذه التوقعات على أرض الواقع، أن تسجل شاشات التداول اليومية قيما سوقية حمراء، وظهور يحمل اللون الأخضر للمؤشر العام للسوق، وهو شبيه للسيناريو الذي مرت به السوق قبل انهيارها الأخير منتصف الربع الماضي من تعاملات هذا العام.

لكن ذلك لا يعني وجود مؤشرات حقيقية لتراجع تصحيحي قاس، خلال الفترة القريبة المقبلة، إلا في حال تحرك المؤشر بشكل متسارع يكسر خلاله نقاط المقاومة بصعود لا يتوقف قبل تجاوز منطقتي الـ18 ألف نقطة، والـ19 نقطة دون توقف.

وعلى صعيد متصل بالتعاملات اليومية للسوق، أعلنت هيئة سوق المال أنها قررت إيقاف تعاملات اثنين من المتداولين في السوق، بحيث لا يسمح لهما بشراء أي من الأسهم المدرجة في السوق، فيما أتاحت لهما فرصة بيع ما يملكون من أسهم.

وجاء قرار الهيئة إثر تورط اثنين من المتعاملين في إجراء عمليات شراء، وبيع بمبالغ كبيرة في أسهم شركات سجلت أمس صعودا قويا، هي: اللجين، المواشي المكيرش، والكهرباء، بقصد إيجاد انطباع غير صحيح بشأن أسعار أسهم هذه الشركات وحجم التداول، مما يعد من الممارسات التي تنطوي على احتيال وتدليس وتلاعب. وتضمن القرار استكمال التحقيق في الموضوع تمهيدا لإقامة الدعاوى ضدهما أمام لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية وفقا للنظام.

* المرشد: المحفزات موجودة والمخاوف حاضرة

* في هذه الأثناء، أوضح لـ«الشرق الأوسط» مطشر المرشد وهو محلل مالي وعضو في جمعية الاقتصاد السعودية، أن محفزات الصعود خلال الفترة المقبلة، موجودة فعليا، لكنه لم ينفي حضور مسببات الخوف من التراجع في التوقيت نفسه.

وفسر ذلك بأن القوائم المالية لعدد كبير من الأسهم القيادية تحفز على صعود جيد للأسعار، وهي محفزات تدعمها أيضا الحالة العام للاقتصاد السعودي والتوقعات الجيدة لعوائد النفط على دخل الدولة، مقابل وجود أخطاء في التعامل اليومي مع سوق الأسهم من قبل بعض المضاربين والمبتدئين في سوق المال على السواء.

وذهب إلى أن السوق التي عادت من قاع الأسعار بمحفزات نفسية وأخرى تعتمد على قراءة تحليلية اقتصادية بحته، شهدت خلال الأسبوعين الماضيين ما لا يبشر بخير، على حد قوله.

وزاد أن ما يبعث على التشاؤم خلال الفترة القريبة المقبلة، يتمثل في أن درس الانهيار، يبدو وكأن السوق لم تستوعبه جيدا، بعد أن عادت حمى المضاربة على أسهم ارتفعت أسعارها دون أن يكون لديها محفزات كافية، داعيا المتعاملين في السوق إلى أهمية الأخذ بنتائج الربع الأول، مكانة الشركات، مكررات الربحية، عدم الالتفات للأرباح غير التشغيلية، والاعتماد على أساسيات الاستثمار في أسواق المال.

* شمس: أسعار الأسهم لم تتأثر بنتائج الشركات المميزة

* ويقول مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات الدكتور محمد شمس لـ«الشرق الاوسط»، إن سوق الاسهم السعودية تمر هذه الايام بحالة من الارتباك والتي سببتها تجزئة الاسهم نظرا لأن كثيرا من المتداولين لم يستوعبوا معنى التجزئة، لا سيما أنها جاءت بعد عملية الانهيار الاخيرة. ويضيف شمس أن السوق ما زال في مرحلة ترقب وحذر شديدين، مشددا على ان الاوضاع لن تهدأ إلى بعد مضي شهر تقريبا، خصوصا ما انتهاء عملية التجزئة.

كما أشار الخبير إلى أن تعويض الخسائر التي لحقت بالمستثمرين جراء الهبوط الأخير يحتاج الى مدة تزيد عن الشهرين، لا سيما وان التجزئة ستؤدي الى بطء جني الأرباح.

وقال إن تأثير الأحداث الخارجية قد يكون معدوما في سوق الاسهم السعودية، نظرا لاعتماد السوق على المضاربة الصرفة، حيث تجاهلت السوق تمام الارتفاع الكبير التي شهتدها ارباح الشركات والتي صعدت الى مستويات قياسية، اضافة الى تجاهلها التام الى الانباء التي اطلقتها الشركات مؤخرا من حيث انشاء خطوط انتاج جديدة ومشاريع قوية، قد تضفي على المركز المالي للشركة الشيء الكثير.

* السمان: السيولة تتحرك عبر تغيير المراكز

* وعلى الطرف الآخر قال لـ«الشرق الأوسط» أيمن السمان، وهو محلل مالي وقارئ للمؤشرات الفنية لسوق الأسهم السعودية، إن السيولة بدأت تتحرك من أسهم المضاربة نحو أسهم العوائد، عبر ما يسمى تغيير مراكز محافظ كبرى في السوق.

واعتبر تراجع أسهم قيادية في قطاعات: البنوك، والاسمنت، والاتصالات، والصناعية، مؤشرا على أنها تخضع لضغوط أجبرتها على التراجع، بما لا يتفق مع نتائج مالية جيدة لعدد من شركات هذه القطاعات.

وبين السمان، أن ضغط أسعار أسهم قيادية دليل على أن السوق تمر بفترة تجميع تتزامن مع التذبذب الأفقي للمؤشر العام للسوق، وذلك استعدادا لرفع أسعار أسهم مؤثرة في هذه القطاعات بما يضمن كسر نقاط مقاومة شرسة تنتظر وتتربص في طريق عودة المؤشر للمسار الصاعد.

وعن إمكانية وجود تصحيح قريب قد يتعرض له المؤشر، قال إنه يتوقع تصحيح أسعار لا يشمل كافة السوق، على أن يكون التصحيح السعري يتدرج بالانتقال من قطاع لآخر، مرشحا قرب موعد تصحيح أسعار أسهم المضاربة بالتزامن مع صعود أسهم العوائد.

ويرى أحد المستثمرين بأنه ليس من المقبول ما يحدث لعدد من الشركات الضعيفة، والتي صعدت بالنسبة القصوى واصفا ذلك بالظاهرة غير الصحية، والتي قد تنعكس بشكل سلبي على السوق ككل. وطالب المستثمر عبد العزيز الجابر المضاربين الذي يحرصون على رفع أسعار الأسهم إلى مستويات غير مقبولة طالبهم بأن يستشعروا روح المسؤولية الجماعية، كما أن عليهم مراعاة تأسيس قواعد سعرية صلبة للشركات من خلال التدرج المدروس في رفع أسهمهم في تلك الشركات سواء كان هدفهم المضاربة أو الاستثمار، كما أن عليهم أن يدركوا بأن الجميع سوف يتضررون من تصرفات غير مسؤولة ان حدثت. وفي المقابل، أكد أن سياسة البيع الجماعي لن تزيد السوق إلا أوجاعا، حيث كان من المفترض أن يأخذ المتعاملين دروسا مجانية على حد وصفة من الهزة الأخيرة التي تعرضت لها الأسهم.

وشدد الجابر على أن السوق بشكل عام في وضع فني جيد، خصوصا أن أسعار النفط تشهد ارتفاع مضطرد نتيجة للاضرابات التي تشل حقول الإمداد في نيجيريا، إضافة إلى الملف الإيراني، كما أن المؤشرات الفنية كلها تعطي إشارات شراء.