« النقد الدولي» يحذر من خطر صعود أسعار النفط على الاقتصاد العالمي

إيرادات أوبك المالية وصلت عام 2005 إلى 500 مليار دولار تمثل 1.1 من الناتج العالمي

TT

حذر تقرير دولي من ان الاسعار المرتفعة للطاقة «تفاقم» الاختلالات في الاقتصادات العالمية وتزيد من خطر حدوث أزمة. وقال صندوق النقد الدولي في تقرير نشره امس في الفصل المخصص لآفاق الاقتصادات العالمية بعنوان «اسعار النفط والاختلالات العالمية» ان حالات الخلل الاقتصادية في العالم «ستبقى كبيرة على الارجح خلال فترة اطول» مما لو كانت اسعار النفط أقل من ذلك. وأشار التقرير ان الدول المنتجة للنفط «اصبحت اكثر حذرا في الانفاق الحكومي بعد ان اصبحت متنبهة للهدر المالي السابق»، مبينا انه بالنتيجة فان الفائض المالي للدول المنتجة للنفط، الذي غالبا ما يتجاوز 15 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي (GDP)، سيستغرق وقتا للرجوع الى المستويات الادنى مثل السابق.

وافاد التقرير الدولي «انه نتيجة ان النتائج التضخمية لأسعار النفط اصبحت محدودة، كما ان شروط التمويل الخارجي اصبحت مواتية، جزئيا بسبب العولمة، فان الدول المستهلكة للنفط لم تعد بحاجة للتكيف مثلما كان الحال في الماضي». وقال الصندوق ان العولمة كان لها تأثير مهم على التضخم على مدى العقد الماضي من خلال اشتداد المنافسة الدولية والتي ساهمت بدورها في منع الشركات من رفع اسعارها وبالتالي ضمان معدلات متدنية من التضخم.

الا ان الصندوق في هذا الاطار حذر كذلك من ان العولمة ليست ضمانة لمعدل تضخم منخفض خلال السنة المقبلة او العامين القادمين، مبينا ان احد الاسباب الرئيسية لذلك يتمثل في النمو الاقتصادي العالمي القوي، والذي من المتوقع ان يستمر، الامر الذي يجعل الواردات العالمية تتجه صعودا مما يزيد الضغوط التضخمية.

وكان صندوق النقد الدولي قد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي الى 4.8 في المائة في العام الحالي، مرجعا ذلك الى المكاسب الكبيرة في الاقتصادات الآسيوية. كما رفع الصندوق توقعاته للعام المقبل 0.3في المائة الى4.7 في المائة.

وأوضح الصندوق ان قيمة صادرات النفط الخام وصلت الى نحو 800 مليار دولار في 2005 وهذا في الارقام الواقعية يجعلها أعلى من القمة التي بلغتها في 1980. وفي هذا الاطار قال الصندوق «ان اعادة تدوير الدولارات النفطية من خلال اسوق رأسمال العالمية يدفع بمعدلات الفائدة في الولايات المتحدة نحو الهبوط، مما يوفر ارضية لطفرة غير دائمة للاستهلاك الخاص الاميركي». وفي هذا السياق ايضا قال التقرير ان عائدات تصدير البلدان المصدّرة للنفط ارتفع بشكل كبير على مدى السنتين الماضيتين، حيث وصلت الايرادات المالية للدول الاعضاء في منظمة النفط البلدان المصدّرة (أوبك) الى نحو 500 مليار دولار عام 2005 وهي تمثل ضعف ما تم تحقيقه عام 2003. لكنها تبقى اقل من ناحية حصتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي حيث بلغت 1.1 في المائة في حين انها وصلت الى 2 في المائة عامي 1974 و1979. كما اوضح الصندوق أن الاسعار المرتفعة للطاقة تقف وراء نصف تدهور العجز في الحسابات الجارية للولايات المتحدة، مؤكدا انها مسؤولة بشكل مباشر عن نصف نقطة (او نحو نقطة مائوية من الناتج المحلي الاجمالي الاميركي) في تدهور حساب الولايات المتحدة الجاري خلال السنتين الماضيتين.

وأعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه من قلة التعديل او التكيف في اختلال الحسابات الجارية في كافة أنحاء العالم، مبينا ان العجز الكبير في الحساب الجاري في الولايات المتحدة يزيد أخطار التعديل النزلي (الهبوط) في الدولار الاميركي، الامر الذي قد يدفع الى ارتفاع معدلات الفائدة الاميركية بحدة وربما يؤدي إلى كساد محتمل.

واقترح تحليل صندوق النقد الدولي ان معالجة حالات عدم التوازن في الاختلالات في الاقتصادات العالمية يمكن ان تتم من خلال مساعدة كل من الدول المنتجة والمصدرة. بالنسبة للدول المصدرة للنفط، وهي في غالبيتها من الدول النامية، فان السياسات التي تهدف الى زيادة الانفاق في المناطق التي سيكون لها تأثير إيجابي دائم على النمو ومستويات المعيشة مثل التعليم ومشاريع البنية التحتية سيكون امرا مرحبا به سواء على الصعيد المحلي او المساهمة في معالجة الاختلالات العالمية. اما فيما يتعلق بالدول المستهلكة للنفط فانها تحتاج لنقل تكلفة ارتفاع اسعار النفط العالمية الى اسعار المشتقات النفطية في الاسواق المحلية من اجل تخفيض الاستهلاك.