الدبيازة.. تاج مائدة إفطار العيد

سفيرة أهل الحجاز

طبق الدبيازة يتوسط مائدة افطار أول أيام العيد («الشرق الأوسط»)
TT

تتميز مائدة إفطار يوم العيد بالسعودية بالإضافة إلى لمها لأفراد العائلة والأقارب، بالتنوع في إشارة إلى إظهار الفرح والامتنان بهذه المناسبة الكريمة، إلا أن لكل منطقة في المملكة طبقا يلعب دور البطولة ويرتبط بمائدة العيد أكثر من غيره، وفي منطقة الحجاز فإن طبق الدبيازة هو الأبرز على مائدة الإفطار يوم العيد المميزة حتى في موعد بسطها حيث تمد عقب الانتهاء من أداء صلاة المشهد.

وتحتفي مائدة أول إفطار صباحي بعد رمضان بالطعام عن طريق التنوع ليس فقط في أصناف الأطعمة ولكن في أصولها حيث تمثل كل بقاع العالم على مائدة الأفطار ليصبح كل طبق سفيراً لبلده، فهناك الأجبان وكذلك الزيتون الذي تختلف أحجامه وتتباين ألوانه بين الأسود والأخضر ولا تقتصر سفرة العيد على هذا الثنائي بل تحتوي على الأطباق الشعبية كحلاوة الشعر والحلاوة الشامية والهريسة ومزة اللحمة بالطحين والكباب المكاوي والكبدة واللحم المقلقل والتقاطيع ولا يعتمد فطور العيد على النواشف فقط فلا بد من تتويج المائدة بطبق "الدبيازة" التي تعد من أشهر أطباق فطور العيد وتعد من الطقوس الحجازية بامتياز. وما أن تبدأ تباشير العيد في الحلول حتى تستعد ربات البيوت لإعداد العدة للنزول للسوق وشراء مستلزمات "الدبيازة" لتجهيزها بنفائس المكسرات بدءا من اللوز البجلي"الحجازي" وحبات الصنوبر والبندق والكاجو وربما طاب للبعض إضافة أصناف أخرى من المكسرات والتي قد تصل إلى 70. ويبلغ سعر الكليو من الدبيازة ما يقارب 50 ريالا، لدى محلات الحلويات الكبرى التي أصبحت تنافس ربات البيوت في إعدادها، مجنبة إياهن مشقة وعناء إعدادها الذي يتطلب بعض الوقت الذي تفضل السيدات قضاءه في صلة الأقرباء وتهنئتهم بقدوم العيد، أو الاستفادة من آخر اللحظات الروحانية للشهر الفضيل.

وتبقى الدبيازة المعدة في المنزل هي المفضلة لدى الكثيرين، خاصة أن طبق الدبيازة البيتي يعد أفضل معايدة تقدمها السيدة في صباح العيد لأقاربها وجيرانها كما تقول فائزة إسماعيل مؤلفة كتاب مائدة العروسين من المطبخ المكي، ولهذا لا يصح أن تقوم سيدة المنزل بشرائها جاهزة، وتقول إسماعيل " تعد "الدبيازة" أكله مكاوية منذ القدم وتقدم على مائدة يوم العيد لتعطي الميزة الخاصة والفرحة لهذا اليوم بطعمها الحلو ومكسراتها الشهية ولونها الذهبي البراق، والتي يتم تحضيرها قبل العيد بيوم أو يومين ليتسنى إهداؤها للأهل والأصدقاء " وتضيف إسماعيل" تشبه الدبيازة نوعا من الحلوى المصرية تسمى الخشاف ولكن تختلف عنها بأنها تؤكل بالملعقة، أما الدبيازة فتؤكل بالخبز "كعيش الشريك" أو "سميدة المدينة".

ولعمل الدبيازة أصول يجب اتباعها حسبما أوضحت إسماعيل "فلا بد أولا من تحميص المكسرات في قليل من الزيت وترجع الفائدة من القلي لكي لا تصاب بالعفن ولكي تبقى متماسكة، ومن ثم تذويب شرائح قمر الدين بالسمن البري ومن ثم يضاف المشمش الجاف ويزين وجهها بحبات الزبيب الذهبية لتتوج بقلادة التمر الجاف".

وعلى الرغم من أن الجميع يعترف بأهمية طبق الدبيازة على مائدة العيد ويسند إليها دور البطولة إلا أن نسب هذه الحلوى التي أصبحت مكاوية بامتياز يبقى غامضاً بعض الشيء، فهناك من ينسبها إلى الأتراك، والبعض ينسبها إلى الهنود، غير أن حلاً وسطاً توصلت إليه مجموعة من السيدات الشهيرات بإعداد دبيازة شهية جداً يتلخص في أنها "وجبة مكاوية" تشبه في شخصيتها المدينة التي تنسب إليها إلى حد كبير، فكما أن مكة تضم خليطاً من الأجناس انصهرت جميعها في بوتقة واحدة فإن الدبيازة لا تعدو أن تكون طبق المربى تم تطويره وتحسينه وإضافة تفصيل صغير مختلف في كل مرة بأيد تركية، وهندية، وغيرهما ليستقر على صورته الأخيرة المسماة الدبيازة.