الحلويات الشاميّة تسحب البساط من المشتقات التمرية

أبرزها الكنافة والبسبوسة والقطائف

الكنافة النابلسية تفرض وجودها على موائد الخليجيين («الشرق الأوسط»)
TT

فرضت قائمة الحلويات الشامية نفسها على موائد الخليجيين اخيراً بعد أن لقيت استحسان العائلات ورغبة أفرادها لتكون بديلاً قوياً ومنافساً شرساً للتمور بمشتقاتها من الحلويات والسكريات، لا سيما أنها تمدّ الجسم بنفس المفعول والطاقة الناتجة عن تناول التمريات.

وكانت السكريات المشتقة من التمور بكافة أصنافها تمثل أحد عناصر المائدة الخليجية في رمضان وغيره من الشهور، لا سيما بين فترتي المغرب والعشاء التي عادة ما تستغلها العائلات في الخليج والسعودية على وجه الخصوص في احتساء رشفات من القهوة العربية وشرب الشاي.

وتقدمت حلويات «الكنافة» و«البسبوسة» وبلح الشام «الطرنبة» و«القطائف» خطوات متقدمة على ذائقة الخليجي لتحتل مكانة الحلويات المشتقة من التمور من أبرزها «المعمول» و«المحلّى» و«بسكوت التمر» و«التمريةّ» المخلوطة بجوز الهند واللوز وغيرهما من المكسرات السعودية، لتزخر الحلويات الشامية بصناعة مستقلة ونشاط نام متخصص في الحلويات الشامية تشهد في الوقت الراهن إقبالا منقطع النظير في إعداد عشرات الأصناف منها.

في الوقت ذاته، بدأت أيادي الخليجيات ومنذ سنين قريبة التحرك لضبط محتويات صناعة الحلويات الشامية بكافة الأشكال والأصناف المتاحة، وهو ما يؤكده عبد الله المسعد، موظف حكومي سعودي، أن عائلته باتت أكثر احترافية ودقة في صناعة الحلويات الشامية الشهيرة منذ فترة لدرجة تفضيلها أكثر على الحلويات المصنوعة في محال الحلويات.

وقال المسعد انه يعرف الكثير من أقاربه وأصدقائه الذين يفضلون الحلويات الشامية المصنعة منزليا، مفيدا «الكثيرون يفضّلون القيام بإعداد تلك الحلويات في المنازل بعد اقتناء مقاديرها من الأسواق الكبرى ومحلات السوبر ماركت».

ويأتي شهر رمضان المبارك ليكشف حقيقة توجه العائلات الخليجية والسعودية لتلك الحلويات الشامية كونها تمدهم بالطاقة والحيوية بعد فترة صيام يومية، إضافة إلى ما تحتويه الحلويات الشامية من سحر للناظر والمتذوق. وأوضح متعاملون في سوق الحلويات في السعودية أن الحلويات الشامية التي تشهد إقبالاً كبيراً طيلة أيام السنة، شهدت قفزة غير مسبوقة مع بدء شهر رمضان المبارك لتسجل بذلك سبقاً على المحلات التي تتفنن في إنتاج مشتقات التمور.

من جانبه أكد فهد العتيق صاحب محل «قمحيات» في العاصمة السعودية الرياض أن الطلب على الحلويات الشامية يزداد في شهر رمضان مقارنة بباقي أشهر العام، كما أن الطلب المتزايد على تلك الحلويات يجعل المخابز تحت ضغط العمل اليومي من أجل توفير كميات أكبر للزبائن.

وبين العتيق أن محله يبدأ مع بداية أيام شهر رمضان بدراسة أكثر الأصناف التي يرغب الزبائن بشرائها من أجل الإكثار من تلك الأصناف في باقي أيام الشهر الفضيل لافتا الى أن أغلبية المشترين يفضلون الشراء اليومي بدلا من الشراء الأسبوعي.

ويقول العتيق ان أغلب السعوديين يختلفون عن الشاميين في الذوق الفني لتفضيلات أكل الحلويات الشامية، ذلك أن الخليجيين يفضلون إضافة العسل وماء السكر «الشيرة» عوضا عن الزيوت الأصيلة والسمنة أو الزبد رغبة منهم في إضافة نكهة طبيعية متميزة تضيف للمتذوق بعدا آخر.

ويحرص الخليجيون على شراء الحلويات الشامية من المخابز الشهيرة في مدنهم، بينما يفضل البعض عملها بالمنزل ولا يتوقف الخليجيون والسعوديون على وجه الخصوص عن تذوق الحلويات الشامية، بل يتجاوز ذلك لتقديمها كنوع من الإهداء في مختلف المناسبات الاجتماعية. وتتفنن ربات البيوت الخليجية في استحضار مكونات الحلويات الشامية حيث تبرز الكنافة النابلسية بمقاديرها المتضمنة السمن البلدي وشعر الكنافة الطازجة بالإضافة إلى قليل من الفستق، فيما تبدو «البسبوسة» أكثر مقادير من نظيرتها الكنافة التي تحتوي على ملعقة طعام بيكنج بودر وبيضة واحدة إضافة إلى كأس ونصفها سكر وحليب طازج ونصف كأس زبادي بالإضافة إلى نصف كأس جوز هند مبشور ناعم وكأسين من السميد وثلاثة أرباع كأس سمن كريسكو وقليل من شرائح اللوز المقشر.

يذكر أن للكنافة والقطايف مكانة كبرى عند العرب القدامى وتقول الروايات ان أول من قدمت له الكنافة كان الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان في زمن ولايته للشام كطعام للسحور لتدرأ عنه الجوع، ثم اتخذت الكنافة بعد ذلك مكانتها عند الفاطميين الذين كانوا يتناولونها في الأيام العادية إلا أن تناولها اقتصر في العصور الأيوبية والمملوكية والتركية على شهر رمضان، فأصبحت حلوى شهية لكل غني وفقير مما اكسبها طابعا شعبيا.