«الحنيني» في قلب سكرامنتو

الحنين إلى الطبق السعودي في أميركا

TT

«الحنيني» إحدى الوجبات السعودية الشعبية، ويتم تناوله في مختلف الأوقات، فقد يكون وجبة افطار تزودك بالطاقة او حتى في المساء حيث توفر الدفء اللازم خلال فصل الشتاء. حنين المغتربين لتلك الوجبة الشهية كان وراء تربع الحنيني على مائدة سعودية في سكرامنتو، قلب عاصمة ولاية كاليفورنيا. حيث اشتعلت فكرة الحنيني «الــمطور» في ذهن نورة منصور السعودية المغتربة هناك، والتي اعتراها الحنين والشوق لجلسات السمر والزنجبيل الساخن والتجمع مع الأصدقاء حول دفء النار ورائحة الهيل الزكية في شتاء السعودية.

كان الكورن فليكس (رقائق الذرة) هو أداة الاختراع، وبه تحول الحنيني الأكلة التقليدية السعودية إلى طبق (متأمرك) ساخن، ذهبي ومغرق بالزبدة والليمون. لاتزال تصنع تلك الوجبة المليئة بالسعرات من التمر منزوع النوى وأقراص البر الجاف،حيث يوضع التمر على نار هادئة ومن ثم يضاف له البر بعد تفتيته ويحرك ليمتزجا معا حيث يقدم ساخناً وتسكب عليه الزبدة. ولكن في سكرامنتو استخدمت نورة السكر مقابل التمر والكورن فليكس مقابل قرصان البر لتسعف بهذا حنينها لأطايب والدتها، وذكرت نورة منصور لـ«الشرق الأوسط» أن مكالمة هاتفية وردتها من والدتها وهي في نزهة برية كانت وراء البدء في تجربة صنع الحنيني في قلب أمريكا، ففي المكالمة التي طالت استمعت فيها نورة لأحاديث الأحبة وضحكاتهم اثناء جلوسهم حول الحطب المشتعل، يحتسون الحليب الساخن الذي تكثر فيه قطع الزنجبيل ويستمتعون بتناول الحنيني. وتضيف نورة «أنه لطالما كان تاريخ الحنيني مرتبطاً دوماً برواية ساخرة تناقلها الأجداد تصور مشهداً لطفل مترف يستحث أحد رفاقه الفقراء ليلعب معه رغم برودة الجو القارسة، إلا أن رفيقه اعتذر منه مبرراً ذلك بالبرد والجوع فما كان من الأول إلا أن قال: «كل حنيني والبس جوخك وتعال نلعب»! وتصور بساطة العبارة وسهولة إبداء الحل من قبل الطفل الغني سخرية لاذعة لحياة اجتماعية تحتضن مستويات عدة وتروي لنا مفارقات حفظها التاريخ عن ظهر قلب ويقابل ذلك الحنيني السعودي كعك ماري انطوانيت. الذي كان إجابتها عندما قيل لها إن الشعب الفرنسي لم يعد لديه خبز ليأكله فأجابت ليأكلوا الكعك! ولشهرة عبارة «كل حنيني..» في المجتمع السعودي تجدها في كتب القصص القديمة وعلى ألسنة الشيوخ وحتى ستجدها مكتوبة على أحد مشاريع الأسر المنتجة في فعاليات مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة كعبارة تسويقية لمنتج تقليدي يحمل له التاريخ حكاية! ومن قصص متوارثة إلى عبارة دافئة تصور توقيت أكلة الحنيني الشتائية والتي أوردها محمد بن ناصر العبودي، رجل العلم والأدب في إحدى كتاباته «عندما تدخل الشمس من الفرجة هذه فهذا معناه بداية تقديم الحنيني لأهل البيت صباحاً وأن مربعانية الشتاء قد بدأت». ويعتبر خبز الحنيني من الأكلات الشعبية السعودية القديمة التي عرفت ، وما زال المجتمع محافظاً عليها ولا يستغني عنها خصوصاً في فصل الشتاء وهناك مقولات شعبية عديدة تدل على فائدة هذه الأكلة في الشتاء حيث يقال (ما ينطح المربعانية مثل الحنيني) وهو دليل على أنه لا مثيل لخبزة الحنيني لمواجهة برد الشتاء القارس وخاصة بدايته. وخبز الحنيني غني بالفيتامينات، والبروتينات الحيوانية، وكربوهيدرات، والسكريات، والحديد، والكالسيوم، والأملاح المعدنية، والفوسفات. كما أنه خال من أية إضافات صناعية (كيميائية) كالمنكهات والمحليات والملونات.

* الحنيني على الطريقة النجدية

* المقادير : ماء ودقيق بر وحبة البركة وفلفل اسود، وسمن بلدي، وتمر منزوع النوى، وحليب ساخن الطريقة:

عجن دقيق البر مع قليل من الماء وذرة ملح حتى تتشكل عجينة متماسكة ولكن ليست صلبة، ثم تترك لمدة ساعة مغطاة بغطاء بلاستيكي أو فوطة مبلولة بالماء، ثم تقطع على شكل كور صغيرة وتفرد بحيث تكون صغيرة ومن ثم توضع في المقلاة حتى تنضج. بعد ذلك يفرم التمر منزوع النوى مع أقراص البر ليصبح أشبه بعجينة التمر مع البر ولكنها على شكل كتل صغيرة متماسكة مع بعضها ومن ثم يتم وضعها على النار قليلاً، وبالنسبة لإضافة التوابل وخاصة الفلفل الأسود يمكن وضعه مع التمر أثناء الفرم أو أثناء خبز الأقراص، ويؤكل الحنيني إما مع القهوة كحلى أو كبديل للتمر أو مع الفطور مع اللبن والكثير من الناس يفضل أن يأكله مع السمن البري.