البندورة .. فاكهة تعامل معاملة الخضار

«تفاحة الحب» المظلومة تتحول إلى أداة للتعبير السياسي

TT

يسمونها في المغرب بـ «المطيشة»، والمطيشة هي «الطماطم»، و«الطماطم» هي الـ «توماتل» الهندية الحمراء، التي جاءت من البيرو والمكسيك. وهي أيضا «البندورة» كما يسمونها في دول المشرق وراثة من التسمية الفرنسية المنقولة عن الإيطالية والإسبانية pommedor، التي تعني «التفاحة الذهبية» أو «تفاح الأطباء» أو «تفاحة الحب». ويقال أيضا إن الإنجليز ورثوا كلمة «توماتو» TOMATO الحديثة من كلمة «توماتل» الإسبانية. ومن هنا نعرف أن الإسبان جلبوا هذه النبتة من الدول اللاتينية ونشروها في أوروبا لتتوزع جنوبا وشرقا باتجاه الشرق الأوسط والعالم قاطبة.. (عام 1519).

لكنها بالنهاية «البندورة» ثمرة متعددة الألوان (الاسود، الليلكي، الزهري، البرتقالي، الأصفر الاقل حموضة، والأخضر)، رغم انه يغلب عليها النوع الأحمر، وهي نبتة جميلة مستديرة ناصحة تشع بالحيوية والحياة. وهي تلك الفاكهة التي أرادها الناس في قدورهم الساخنة، لطعمها اللذيذ المغذي والفاتح للشهية. ولذا يصعب استبدالها في بعض المناطق والبلدان، خصوصا دول المتوسط، الأوروبية والعربية، ويعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة لتنويع مختلف الأطباق. ويمكنك أكلها مطبوخة، طازجة ومقطعة او كجزء من شتى أنواع السلطات.

وتستخدم البندورة من زمن طويل، للتعبير عن الأفراح، والاحتجاج على السلطة، إذ تقام لها المهرجانات في اسبانيا ويتضارب بها الناس حتى الثمالة لاستقطاب السياح وخلق أجواء من المرح واللعب الطفولي. كما درجت العادة، خصوصا في الدول الفقيرة، باستخدام البندورة لرشق رجال الشرطة او رشق تماثيل الزعماء او الشخصيات التاريخية للتعبير عن موقف سياسي او ديني او اجتماعي. ولا يزال الكثير من الهنود الأصليين في أميركا اللاتينية حتى الآن يرجمون تماثيل كريستوفر كولومبوس بالبندورة للتعبير عن استيائهم من الاستعمار الذي تبع وصوله الى مواطنهم الذي قضى على البيئة التي تربوا فيها وبالتالي أدى إلى تدعضعهم وانقراضهم التدريجي.

الكلمة: وقد وضع عالم النبات الفرنسي تيرنيفوت الاسم اللاتيني العلمي للبندورة وهو Lycopersicon esculentum، ويعني الاسم: «الدراقن السام الذي كان يقضي على الذئاب»، إذ تم اختلاط الأمر على العالم واعتبر البندورة من أنواع فاكهة الدراقن السامة، لذلك ربما لم تكن مأكولة، وكانت تعتبر سامة وتستخدم فقط للزينة خلال احتفالات أهل الحكم والنخبة. ويقال إن انتشار البندورة بدأ على نطاق واسع واستهلاكي، أثناء الحرب الأهلية في أميركا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. بأية حال فإن الجدال حول ما إذا كانت البندورة من فصيلة الفاكهة ام من فصيلة الخضار، تم حسمه من قبل سلطات الجمارك في الولايات المتحدة الأميركية في نهاية القرن التاسع عشر، عندما صنفتها كفاكهة لتحصيل الضرائب عليها ومنع التحايل الذي كان يقوم به بعض المهربين. إذ كانت بعض الخضار ممنوعة في تلك الفترة وكان الناس يتعاملون ويتعاطون مع البندورة كنوع من الخضار.

بأية حال، فإن البندورة علميا وزراعيا نوع من أنواع الفاكهة. وتعتبر من أهم أنواع الثمار لفوائدها الجمة للجسم، إذ انها قادرة على الوقاية من 8 أنواع من أنواع السرطان. وإذا كنت تفضلها منزوعة القشرة فضعها في وعاء من الماء المغلي لمدة 20 ثانية وبعدها يمكنك نزع القشرة بكل سهولة عنها.

توماس جيفرسون: الرئيس الثالث للولايات المتحدة (1801 ـ 1809)، كان من المولعين بالبندورة وقد زرعها على أنواعها وطبخها بشتى الطرق وكتب عنها وعن جميع أنواع وصفاتها.

ويعتبره البعض علامة في البندورة، إذ ترك وصفات خاصة بـ: حساء البندورة بالفلفل الحلو، والبندورة الخضراء المكبوسة (المخللة)، واومليت البيض مع البندورة.

ويقال إن طباخي الرئيس الأميركي كانوا يشترون البندورة في بداية القرن التاسع عشر لتحضيرها خلال عشاء الرئيس.

* الأنواع:

ـ الطازج الذي يقدم في السلطة عادة او المطبوخ او المشوي.

ـ المعلب (فيه قليل من فيتامين C والكاروتين). ويقال إن البندورة من أكثر الثمار تعليبا في العالم.

ـ المجفف والمطحون.

* وصفة «محشي البندورة» هذا الطبق من الأطباق المعروفة والمشهورة في العديد من البلدان، خصوصا تركيا واليونان التي ورثته عن تركيا وبعض المجتمعات العربية التي ورثته أيضا عن تركيا أيام الإمبراطورية العثمانية. وهو تابع لعائلة الأطباق المعروفة بالتعبير الشعبي بـ «المحاشي»، («ياميستا» باليونانية)، أي الأطباق التي تحتوي على خضار محشية بالأرز وأحيانا بالأرز واللحم. ومن هذه الخضار بشكل خاص الكوسا والباذنجان والفلفل الحلو (اخضر واحمر واصفر وليلكي هذه الأيام). ويمكن طبخ كل نوع من أنواع «المحاشي» على حدة، ويمكن طبخ خليط من الخضار المحشية بالأرز.

ويعرف الطبق في اليونان، خصوصا في جزيرة ميتيلني كجزء من أطباق «المازة»، وطبق يقدم أيضا خلال المناسبات الدينية التقليدية في القرى.

* المقادير:

ـ 4 حبات بندورة كبيرة او متوسطة الحجم.

ـ كوب من الأرز.

ـ اوقية لحم مفروم (غنم او بقر).

ـ بصلة متوسطة الحجم (بيضاء او حمراء).

ـ حبة بطاطا متوسطة الحجم (يمكن استخدام الجزر أيضا وأنواع أخرى من الخضار، لكن البطاطا تعطي السائل او الصلصة كثافة محببة وطعما ارضيا طيبا).

ـ 1/4 ملعقة شاي صغيرة من الملح (رشة).

ـ 1/4 ملعقة شاي صغيرة من الفلفل الأسود المطحون.

ـ ملعقة شاي صغيرة من الـ «اوريغانو» (oregano ) ـ أشبه بالزعتر الخفيف او المردقوش الناعم.

ـ ملعقة طعام من السكر.

ـ ملعقة طعام من الصنوبر.

ـ 200 غرام من صلصة البندورة.

ـ 2 ملعقة من زيت النبات.

ـ مكعبان من مكثف أو مركز الخضار أو اللحم (حسب الذوق).

* طريقة التحضير:

1 ـ بعد قطع رأس كل حبة وتفريغ ما بداخلها، اغسل البندورة بالماء البارد واتركها رأسا على عقب على فوطة حتى تجف.

2 ـ ثم اعمل تقلية اللحم مع الأرز والصنوبر وقطع البصل (المفرومة بنعومة) بالزيت لمدة تتراوح بين 5 و7 دقائق على نار متوسطة، ثم ملح الخليط وبهره بالفلفل الأسود المطحون والـ «اوريغانو» (حسب ذوق الشخص).

3 ـ بعد ذلك اعمل على حشو حبات البندورة بالخليط. بعد قلبها رشها بالسكر، وقطع حبة البطاطا الى 5 شرائح ورتبها في ارضية طنجرة متوسطة الحجم، ثم رتب حبات البندورة فوقها، وغطي كل حبة برأسها المقطوع واضغط بعض الشيء حتى تتماسك قليلا.

4 ـ ذوب صلصة البندورة ومكعبات الخضار بنصف لتر من الماء المغلي، ثم اضف السائل الى الطنجرة واتركها على نار متوسطة لمدة 20 دقيقة. وإذا جف الخليط مبكرا يمكن إضافة قليل من الماء الساخن لتحريكه.

5 ـ بعد ذلك خفف النار واتركها هادئة لمدة 15 دقيقة.

6 ـ وأخيرا يمكن نقل كل حبة على حدة بالملعقة الكبيرة إلى الصحن وإضافة بعض الصلصة فوقها لتكون جاهزة للأكل.

* بعض الناس يقدمون إلى جانبها اللبن الطازج وبعض الخضار كالفجل الأحمر والفلفل الأحمر الحار والخبز.