مطعم القلعة.. لكل نكهة قصة

موقعه الجميل.. مفتاح الشهية

TT

عند اجتيازك مدخله، تشعر وكأنك اجتزت بوابة الزمن لتصل إلى عصر المماليك ذي الطراز المعماري المميز في تاريخ مصر، بدءا من التختبوش الذي يمكنك تناول مشروبك المفضل به، انتهاء بالجو العام الذي يتيح لك رؤية بعض معالم القاهرة القديمة وفي مقدمتها قلعة صلاح الدين الأيوبي الذي يحمل المطعم اسمها، ذلك هو مطعم القلعة الذي بات واحدا من معالم حديقة الأزهر الشهيرة. أول ما تقع عليه عيناك عند دخول المطعم هو نافورة دائرية الشكل من الرخام، إلى جانب الأبواب والشبابيك والمقاعد والمناضد، التي تجذبك كلها للتأمل في ذلك العصر الذي لا يزال يغرق في غموضه وحكاياته وأسراره ويزيد من إحساسك العام بالجو المملوكي جلوسك في «التختبوش» وهو ما كان يطلق على مدخل البيوت في العصر المملوكي ويتم فيه استقبال الضيوف. ويقول سامح الطحاوي مدير المبيعات بالمطعم: لا يصدق الكثير من السائحين الأجانب الذين يحضرون لتناول طعامهم لدينا أن التختبوش قد تم بناؤه حديثا، حيث يعتقدون أنه بني في العصور القديمة من شدة جمال تصميمه، ومن أطرف المواقف التي حدثت هنا عندما خلع أحد السائحين حذاءه قبل دخوله التختبوش اعتقادا منه أنه «جامع». ومن التختبوش ننتقل إلى ركن آخر لا يقل روعة وجمالا، وهو قاعة «ستديو مصر» التي تنقسم إلى «التراس» وتسع 350 فردا، ويمتاز بطرازه الحديث، وإطلالته البانورامية الرائعة على حديقة الأزهر وجزء كبير من القاهرة، والمطعم المغلق، الذي يتميز بديكوره الكلاسيكي الرائع والمزيد من الخصوصية التي يمنحها لرواده. بعد اختيار المكان الذي قررت تناول طعامك فيه، لا يبقى إلا اختيار الطعام المفضل لديك من بين قوائم الطعام المتعددة التي ستجدها أمامك في قائمة مميزة جدا وكأنها كتيب تاريخي يحكي تاريخ القاعة، حيث ستجد في مقدمتها صورة كبيرة للقلعة، وبعدها ستجد بعض المقالات عن محمد علي مؤسس مصر الحديثة وأهم أعماله وإنجازاته، وأيضا عن قلعة صلاح الدين الأيوبي وكيفية بنائها والتطورات التي حدثت بها في العصور الإسلامية المختلفة مع صور متنوعة ونادرة للقلعة القديمة، وبعدها ستجد قائمة متنوعة للأكلات الشرقية واللبنانية والغربية باللغتين العربية والإنجليزية.

الشيف وليد، الشيف الرئيسي للمطعم قال لـ«الشرق الأوسط» إن المطعم يتميز في الأساس بتقديمه للأكل الشرقي المصري واللبناني، خاصة المشويات بنكهتها المتبلة على الطريقة اللبنانية والمصرية، ويقدم المطعم عددا من الاطباق الشهيرة من بينها ورق العنب بالكوارع، والملوخية بالأرانب، وطاجن بامية باللحم الضاني، وغيرها من الأكلات التي يتميز بها المصريون، هذا غير الفتة التي تقدم بأكثر من طريقة، فهناك الفتة المصرية وهي عبارة عن أرز وعيش ولحم مع الخل والثوم، وهناك الفتة اللبنانية التي تتكون من عيش وحمص مع لحم أو فراخ نضعها مع الزبادي ونزينها بالصنوبر واللوز، أما فتة المجدوش فيتم طهيها بنفس طريقة عمل الفتة اللبناني ولكننا نضع بدلا من اللحم «مجدوش» وهو عبارة عن باذنجان صغير محشو بالمكسرات.

للأطباق البحرية مكانها في قائمة طعام مطعم القلعة، ولكنها تقدم بطريقة خاصة لعل أهمها كما يقول الشيف وليد «سمكة حارة طرابلسية» وهي عبارة عن فيليه سمك بصوص الطحينة والمكسرات ويشتهر بها أهالي طرابلس بلبنان ويقدم هذا الطبق مع الأرز الأبيض. هناك أيضاً طبق «سيرف ـ إنتيرف» وهو عبارة عن قطعة من الإستيك البقري الذي تضاف له وحدتان من الجمبري بصوص الاستاكوزا.

الأطباق الرئيسية ليست السمة الوحيدة في مطعم القلعة، فالمقبلات والسلطات أيضا لها طعم مميز جدا، مثل السجق على الطريقة اللبنانية والكبيبة الشامي، الحمص، التبولة، الفتوش والثومية وسلاطة القلعة المميزة وهي عبارة عن خضراوات طازجة تقدم مع الصوص وتغطى بشرائح الدجاج واللحم البارد والجبن الشيدر والرومي. وفي الطابق العلوي من القاعة في المطعم يمكنك تناول أطباق الحلو المتنوعة مثل الأرز باللبن وأم علي والمهلبية والكنافة بالقشطة، ولا تنسى أن تتذوق الكنافة بالجبنة وهي من أفضل الأطباق التي يتميز بها المطعم، هذا غير الآيس كريم الذي يوجد منه تشكيلات متنوعة ويطلق عليه أسماء بعض الأماكن الأثرية مثل بين القصرين، قصر الشوق، الغورية، تحت الربع ودرب سعادة.

في خلفية استمتاعك بتناول طعامك يمكنك التمتع بسماع الطرب الشرقي الأصيل الذي يميز جو المطعم، فالمطعم لا يحيد عن تشغيل روائع أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وفيروز، ووديع الصافي، هذا بالإضافة لمقطوعات عمر خيرت ويحيى خليل الموسيقية. أما عن الأسعار فإنها واحدة بالنسبة للمصريين أو السائحين العرب والأجانب، وأغلى طبق يمكنك طلبه هناك هو «سيرف ـ إنتيرف» الذي يقدم مع الأرز والسلاطات والمقبلات ولا يتعدى سعره 250 جنيهاً غير شاملة الخدمة، والضريبة. ويفخر العاملون بالمطعم انه صار قبلة العديد من كبار الشخصيات التي زارت حديقة الأزهر ومن بينها سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية المصري، والأمير تشارلز وزوجته كاميلا باركر اللذان تناولا الغداء فيه عند زيارتهما لحديقة الأزهر. ونظرا لطبيعة المكان الساحرة، فقد تم استغلاله لإقامة الحفلات والمناسبات الاجتماعية المختلفة، ففيه إمكانية لإقامة الأفراح، ولكنها تكون مختلفة الى حد ما عن الأفراح التقليدية التي يقوم بإحيائها المطربون، فالأفراح في مطعم القاعة تكون بسيطة تتناسب مع كلاسيكية المكان.