الأسماء تتعدد والحلاوة واحدة

بودينغ.. حلوى.. شوكولاته

TT

لم أكن أريد أن أصنع «آيس كريم بالشوكولاته»، فقط كنت أريد عمل بودينغ (حلوى) بالشوكولاته.

لسنوات عدة، كنت أحاول جاهدة أن أصنع «بودينغ بالشوكولاته» لذيذة الطعم جميلة المنظر، لذا كنت أتابع جدتي باستمرار، وهي لم تكن كغيرها ممن يستخدمن الخلطات المعبأة التي نادرا ما تعطي النتيجة المطلوبة. بل كنت أراها وهي تخلط الحليب الطازج مع البيض والنشا ومعها الشوكولاته الذائبة. وعلى مدى أكثر من عقد، ظللت أجرّب وصفات البودينغ التي يقدمها أفضل الخبراء مثل «فاني فارمر» أو التي تُنشر في بعض المجلات المتخصصة مثل مجلة «بتر هومز آند جاردنز». وكنت أصنع بودينغ شهية، فقد كنت ألتهمها وأنا أمام الثلاجة، ولكن لم تكن أي منها جيدة بالدرجة التي تجعلني أكرر صنعها. وعندما كنت أذهب إلى المطاعم، كنت أجد أن البودينغ بالشوكولاته التي تقدم هناك لا علاقة لها بما كانت تصنعه الجدة، فتلك التي تقدم في المطعم لذيذة جدا ولها شكل رائع مع نكهة الشوكولاته قليلة السكر. لذا كنت أتساءل: ما هو الموجود في هذه البودينغ أكثر مما في تلك التي أصنعها، سوى الكثير من القشدة المكثّفة؟ وللتعرّف على هذا اتصلت بـ «بدبورا سنيدر»، وهي تعمل في مطاعم «ألتو» و«ليمبرو» في مدينة نيويورك وتقوم بصنع بودينغ لذيذة بالشوكولاته ما زلت أتذكرها منذ أول مرة تذوقتها في مطعم «ليفر هاوس» الذي كانت تعمل فيه في السابق. وشرحت لـ «بدبورا» كيف أصنع البودينغ في البيت، فوصفت لي الطريقة الصحيحة لعمل البودينغ، وكانت طريقة جديدة تختلف عن تلك التي ألفتها وتعلمتها من جدتي الأميركية. وقالت لي «بدبورا» إن المشكلة في عمل البودينغ على الموقد العلوي للفرن، والتي كنت أصنعها دائما، تكمن في النشا الذي يضيّع مذاق الشوكولاته. والبودينغ التي كنت أريدها كانت في الواقع عبارة عن كوب كريم فرنسي كلاسيكي: كسترد بالشوكولاته. ويستخدم صفار البيض بعد أن يتم سلقه لفترة طويلة على نار ضعيفة ولا توجد حاجة للنشا لعمل هذه البودينغ. وقد قمت بعمل هذه البودينغ عدة مرات، ولكني لم أحس أنها البودينغ التي أريد. ولذا اتصلت بكارن دوماسكو، إحدى صانعات الحلوى البارزات وهي تعمل في مطعم «كرافت» بنيويورك. كان لـ «كارن» نفس رأي «بدبورا»، وقالت إن بودينغ الشوكولاته التي تصنعها هي أساسا كوب من الكريم. إذاً لماذا لا تسميه في قائمتها «كوب من الكريم» أو كسترد بالشوكولاته؟ أجابت: «الناس يحبون كلمة بودينغ».

والبودينغ بالشوكولاته هي بالأساس عبارة عن كسترد، يمكن عمله في الفرن أو خلطه على الموقد مثل الكريمة الإنجليزية. ويعود تاريخ الكسترد من غير الشوكولاته، إلى العصور الوسطى. ويعتمد الكسترد في العادة على البيض الذي يوضع على سائل يكون في العادة (حليبا) أو قشدة. أما فكرة وضع النشا فهي تعود إلى أندرو بيرد، حيث كانت زوجته لديها حساسية تجاه البيض. وفي عام 1837، بدأ أندرو يسوّق بودرة «بيردس كسترد» التي تعتمد على النشا، وما زالت موجودة ومنتشرة في المملكة المتحدة حتى الآن. وانتشرت البودينغ التي تعتمد على النشا في الولايات المتحدة وفي عام 1918 ظهرت بودينغ «ماي تي فاين» كأول خليط بودينغ معبأ. وسرعان ما أصبح هذا النوع من البودينغ معيارا للبودينغ الأميركية. ومع هذا كان يوضع عليه مزيد من البيض للحصول على نتيجة أفضل، ولكن كان الشيء الأساسي هو النشا. وفي مطبخي، حاولت أن أقوم بعمل شيء جديد. فإذا كنت أريد بودينغ على الطراز الأميركي ذات منظر شهي، فعليّ أن أقلل من النشا وفي المقابل أزيد كمية البيض والشوكولاته. وفي نفس الوقت، سأقوم بعمل كوب من الكريم وسأقارنه بأفضل شيء صنعته على الموقد. ولكن قلت لنفسي لم لا أجرب عمل فطيرة، وهي عبارة عن كسترد عليه الكراميل. ولم لا أقوم بعمل آيس كريم؟ وما هو إلا كسترد مثلج. بدأت ببودينغ النشا، وقد استخدمت قشدة مكثفة محل كمية كبيرة من الحليب وأضفت المزيد من البيض ليكون لدي في النهاية هذه الحلوى الرائعة. وقدّرت أنه إذا كان هناك نوع جيد من الشوكولاته باللبن، فستكون النتيجة أفضل. وقد جعلني المذاق الجميل للشوكولاته بالحليب أقوم بوضع كمية كبيرة من القشدة كي آكلها معها، وبدا لي أن وضع الموز مع هذا البودينغ والقشدة سيكون شيئا رائعا. وكانت النتيجة في النهاية بودينغ بالموز والشوكولاته، تفوق كل ما كانت تصنعه جداتي في الماضي. بعد هذا تحولت إلى كوب الكريم، لأمزج بين وصفتي بدبورا ودوماسكو، واللتين كان بينهما شبه كبير. وقررت مزج شوكولاته بلا سكر مع القليل من الملح. وانتظرت لفترة طويلة، عدة ساعات، ثم انتظرت حتى أصبح مثلجا. وإذا وضعنا مزيدا من الكسترد المصنوع على الموقد العلوي فسيكون لدينا كوب من البودينغ اللذيذة جدا. وبعد ذلك بأيام، لم يكن في الثلاجة مزيد من البودينغ، ولذا فكرت في عمل شيء جديد. كانت الفطيرة التي صنعتها شبيهة بالفطيرة المكسيكية، ولكني وضعت عليها بذور القرع المخلوطة بالكراميل. وكان أغرب شيء في الكسترد الذي كنت أصنعه هو أنه كان أخف وأرق الأنواع الأخرى من الكسترد وكنت أضع فوقه كراميل بالعسل. وفي النهاية، قررت استخدام الكسترد المجمد، فالأنواع الشبيهة تكون أكثر سمكا بسبب وضعها في الفرن لفترة أطول أو بسبب وجود النشا، ولكن مع الآيس كريم فإن الكسترد الذي يكون مثلجا أكثر يكون أفضل. وبعد تجاربي مع الكسترد، وجدت أن عمل آيس كريم بالشوكولاته أسرع وأسهل، وربما يكون هذا لأنني أضفت المزيد من صفار البيض والشوكولاته إلى وصفتي التقليدية. وباستخدام الكاشو المالحة وقوالب الشوكولاته الممزوجة فيها، صنعت آيس كريم هو الأفضل الذي تذوقته في حياتي.

* خدمة «نيويورك تايمز»