«السمح».. حبوب الجوف العجوزة

يمكن تناولها بعد 80 عاما من التخزين

TT

(السمح)، نبتة برية تنمو تلقائيا وتعتمد على مياه الأمطار، تشتهر بها منطقة الجوف (شمال غربي السعودية) فقط، وتخزن حبوب السمح لمدة 80 سنة في أماكن جافة وتحافظ على خصائصها الغذائية ويمكن للإنسان تناولها بعد تلك المدة الطويلة من السنين.

توجد نبتة السمح تحديدا في منطقة البسيطا جنوب غربي المدينة، وتنمو بعيدا عن تدخل الإنسان بعد هطول الأمطار على ارض مستوية رملية خالية من الحجارة، ويقدر مساحة سهل البسيطا بـ 7000 كيلومتر مربع.

وفي القديم كانت مهمة جمع السمح في الجوف من اختصاص النساء فقط، ثم انتقلت إلى الرجال في العصر الحالي، حيث يتم جمع نبتة السمح الصغيرة، التي لا يتجاوز ارتفاع طولها عن الأرض ما بين 15 إلى 20 سنتيمترا، وتشبه أوراق السمح أصابع الطفل الصغيرة وتكون ممتلئة بالماء ولها أزهار بيضاء، بعد الجمع تنقع في الماء حتى تنفك الأكمام التي تضم الحبوب وتسقط في الماء وتنزع قشور النبات الطافية على الماء وتستخلص حبوب السمح وتجفف من الماء، وتحفظ الحبيبات بسنابلها في أمكان جافة، بعيدا عن الرطوبة. وتمتاز حبوب السمح بالقساوة والقوة لدرجة أنها تتحمل ثقل سيارة ولا تتكسر.

ويقول مرشد الشراري وهو من أكثر المهتمين في الجوف بالسمح وجمعه والمتاجرين به لـ «الشرق الأوسط»: إن السمح يستخدم كالبر في الكيك والخبز والعصيد، كما أنه يحمص لصناعة (البكيلة) أكلة شعبية تشتهر بها الجوف وهي عبارة عن تمر (الحلوة)، الذي يخلط مع السمح والسمن الطبيعي وتبقى الأكلة صالحة للتناول لأكثر من عام. ينمو السمح مع بداية موسم الأمطار المعروف باسم (الوسم) في شهري أكتوبر (تشرين الاول) ونوفمبر (تشرين الثاني) ويتم حصده في شهر أغسطس (آب)، وكلما كثرت الأمطار كثرت نسبة نموه، ويعد نادرا الآن لقلة هطول الأمطار، ولم يستطع جنيه منذ سبع سنوات، حسب قول الشراري. وقد حاول المزارعون زراعته في المناطق التي ينمو فيها، إلا أنهم لم يستطيعوا جنيه بعد أن نمت النبتة.

ويوضح الشراري، ان أكثر المواسم التي توافر فيها السمح كانت عام 1982 وعام 1998 وعام 2002 وأن كمية المحصول في هذه المواسم لم تنفد حتى الآن مع الإقبال المتزايد من الناس على شرائه، وأن المتبقي قد يكفي استهلاك السوق من السمح لعام واحد فقط. ويقول الشراري: إن السمح غني بالبروتين والألياف ونسبة الرماد الذي يزود الجسم بالأملاح، ويضيف الشراري، أن جامعتي فرجينيا الأميركية وجامعة الملك سعود بالرياض، أجريتا بحوثا تحليلية على السمح واتفقتا على انه غني بالمعادن مثل البوتاسيوم والصوديوم والمنجنيز والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والزنك والنحاس، بالإضافة إلى فيتامين ج والسكريات. السمح يحتوي على قرابة 22.5% بروتين وبهذا فهو يماثل البقوليات كالحمص والعدس ويفوق القمح كما يحوي قرابة 54% سكريات وحوالي 4.5% دهون وتصل نسبة الألياف فيه الى قرابة 9%. والسمح يعد منشطا للجهاز المناعي للإنسان كما أنه يساعد على الهضم بسبب وجود نسبة عالية من الألياف فيه. ويضيف الشراري، ان أسعار السمح قد تضاعفت لندرته وللإقبال المتزايد عليه حيث كانت أسعاره 10 ريالات سعودية (2.64 دولار أمريكي)، ثم 15 ريالا (3.96 دولار)، حتى وصل سعره حاليا إلى 35 ريالا ( 9.24 دولار).