«سيقان الثوم».. مذاق قوي ورائحة خفيفة

أطباق مبتكرة وسريعة

شوربة «الثوم» خفيفة وصحية («الشرق الأوسط»)
TT

كان والدي كثيرا ما يقول: «لأن أتناول القليل من الثوم خير لي من رطل من الكمأة»، وبذلك رسّخ منزلة الثوم في عائلتنا.

عندما كنت في مرحلة النمو، لم تخل وجبة من بعض فصوص الثوم ذات الرائحة القوية: فمن الأومليت على الإفطار إلى الفشار المضاف إليه زبد الثوم قبل النوم. وإذا كان هناك سبب في عدم صناعة أبي لجيلاتي الثوم، فهو أنه كان يصنع مثلجا من حساء الغازباتشو البارد المضاف إليه الثوم.

لذلك لم يكن غريبا عندما وجدت سيقان ثوم ملتفة وخضراء طازجة في سوق المزارعين أن اشتري بعضا منها، على الرغم من عدم معرفتي ماذا سأفعل بها؟.

يعطي شكلها الجميل بعض الإشارة إلى ما يمكن فعله. وهي سيقان صغيرة في رقة القلم الرصاص لها رائحة ثوم خفيفة. يوجد أعلى كل ساق صغيرة برعم ناتئ غير متفتح. وقد فكرت في وضعها في زهرية مع زهور القرنفل، ولكني أدركت في النهاية أنه من الأفضل أن أتناولها.

وحيث إنني لم أجد في كتب الطهي أي شيء عن سيقان الثوم، فقد اتصلت بوالدي لأسأله. فقال لي: «سيقان الثوم؟ هل تقصدين الثوم الأخضر؟» وكان يقصد محصول الثوم الذي يظهر في السوق في الربيع، وهو عبارة عن رؤوس ثوم متصلة بعروش خضراء عريضة. ولكني أخبرته أنها ليست ما يقصده، فهي تبدو مثل سيقان التيوليب اللولبية. وفي الوقت الذي لم يعرف فيه كيف يطهوها أيضا، قررت أن أقوم بالتجربة.

ولأن السيقان ذكرتني بالفاصولياء الخضراء الطويلة، فعلت بها كما أفعل بالفاصولياء. فقطعتها إلى أجزاء بطول بوصتين، ووضعتها في ماء مغلي وأضفت إليها خلا بالليمون.

وكان لها مذاق قوي كالتوابل وكان طازجا، بعكس الثوم العادي الذي يحتاج إلى إضافة لتقوية المذاق، لا تحتاج السيقان إلى ذلك. فهي ذات نكهة قوية.

ومنذ شرائي لها أول مرة، أصبحت أشتري سيقان الثوم كلما رأيتها، مستخدمة إياها في السلاطة والحساء.

وأستخدم الثوم الأخضر في الحساء والصلصة والطعام المطهو. ويضاف إلى وجبة الإفطار المكونة من الخبز المحمص والزبد طبقة رقيقة من الثوم الأخضر عليه ملح البحر والزعتر الطازج. ولن تتسبب رائحة الثوم الأخضر في نفور الأشخاص منك، نظرا لخفة رائحته ونضارته، مما يميزه عن الثوم العادي.

إحدى مميزات الثوم الأخضر هي عدم وجود قشرة ورقية لأنه غير مجفف. فبعد إزالة الجذور والرأس، كل ما عليك هو تقشير الطبقة الخارجية للبصلة.

وخطر لي في مساء يوم في يونيو (حزيران) الماضي، أن هذا النبات يستحق الاحتفال به في حفلة أقدم فيها الثوم في أشكاله العديدة.

وبعد عدة أسابيع، عدت إلى سوق المزارعين لشراء احتياجاتي، ولكني كنت متأخرة. فقد قال لي أحد المزارعين: «لقد انتهى المحصول». «فلتأت العام المقبل»: وتعهدت بأن أقيم حفلة للثوم في الربيع المقبل. وفي الوقت نفسه كان لدي الكثير من الوقت للتخطيط والبحث. فعلمت أن سيقان الثوم هي أغصان الزهور التي تنمو من رأس الثوم. ويقطعها المزارعون لكي تسمح بنمو رؤوس الثوم. وعندما يحصد الثوم قبل تكوين الفصوص، يسمى ذلك الثوم الأخضر.

وبحلول شهر مايو (أيار)، بدأت أطارد المزارعين في سوق الخضراوات لأسألهم متى يحين موعد الحصاد. وأثار هذا الإلحاح اهتمام بيل ماكسويل، من مزارع ماكسويل في نيوجيرسي، الذي قدم لي بعض النصائح حول الثوم الأخضر، بعد أن طلب مني الانتظار حتى منتصف يونيو (حزيران).

على الرغم من الاهتمام الذي بدأت تحظى به سيقان الثوم في الأعوام القليلة الماضية، إلا أنها ظهرت في السوق «عندما اكتشف البعض أنه من الممكن التربح من هذا الشيء الذي يقطعونه من نبات الثوم ويتخلصون منه»، كما يقول ماكسويل. وأضاف بيتر هوفمان، وهو طاه في سافوي: «في وقت ما أدرك البعض أن سيقان الثوم طرية ولذيذة» واقترح عليّ أن أطهوها مع خضراوات أخرى أو مع سرطان البحر ليِّن القشرة، أو حتى أقوم بشوائها صحيحة.

وأخيرا ظهرت سلال سيقان الثوم في السوق، وبدت كأنها ثعابين ملتفة، وحزم من الثوم الأخضر تبدو سيقانها مثل الكرات. وبينما كنت أغرف كميات كبيرة وأضعها في حقيبتي، فكرت في الحفلة التي سأقيمها. وتوصلت إلى قائمة من الأطعمة لعرض أنواع الثوم في أشكال عديدة: نيئ ومطهو بسرعة ومضافا إلى اللحم.

وخططت أن استدرج ضيوفي إلى طعم الثوم بتقديم حساء دسم من الثوم الأخضر والسيقان المطهوة والمهروسة في الزبد. وبينما يغلي الحساء على الموقد، وتحمر رؤوس الثوم الخضراء، فكرت في أن الجميع سيحتاجون إلى وجبة سريعة، فصنعت صلصة. وكان لدي فاصولياء بيضاء معلبة، فقررت إضافتها إلى السيقان لإبراز لونها الأخضر الرائع.

وضعت الفاصولياء والسيقان في المخفق مع القليل من الليمون وزيت الزيتون. وكانت الصلصة بلون البازلاء الخضراء وقوامها ناعما. وكنت أخشى ألا يلقى قبولا حتى من والدي محب الثوم.

ولكن كل من الصلصة والحساء نالا إعجاب الضيوف. وكذلك كان طبق السوفلي المحشو بقطع الثوم الأخضر، والثوم المعمِر، والكثير من جبن غريير، وهو ما انهال عليه الضيوف.

وفي طبق آخر، طهوت الثوم مع اللحم المملح، وقطع الفلفل الأحمر الحارة، والقليل من عصير الليمون، والجرجير ليخفف الفلفل والليمون من حدة مذاق الثوم.

واستخدمت الثوم بطريقة أخرى مع أجنحة الدجاج المتبلة بإضافة صلصة الأيولي من الثوم الأخضر. وجئت بهذه الوصفة من موقع Gilroy Garlic Festival على الإنترنت، حيث تبلت الدجاج وجهزت صلصة الأيولي بالبيض والزيت والكثير من الثوم.

وكان هذا الطبق هو نجم الحفلة، فتناوله الجميع مع الصلصة. وبعد أن انتهى الجميع منه، قمت لأحضر الحلوى. ويبدو أن والدي خشي أن أكون قد صنعت ما تخيله من قبل: جيلاتي الثوم. ولكنه اطمأن عندما رآني أحضر له فراولة طازجة. وسألني: «هل تعرفين لماذا لم أصنع جيلاتي الثوم أبدا؟» قلت: «لأنها فكرة مريعة؟» فأجاب: «بالضبط».

* خدمة «نيويورك تايمز»