الشيف أسامة السيد.. قلب موازين الطبخ

طاه لم يعشق الطبخ في صغره

الشيف أسامة السيد أثناء تقديم أحد برامجه («الشرق الاوسط»)
TT

لم يتوقع الشيف أسامة السيد «سفير شركة براون المتخصصة في الأجهزة الكهربائية المطبخية والوجه الإعلاني المألوف»، القادم من دبي إلى جدة للاحتفال مع جمهوره من هواة الطبخ من الجنسين للطبخ بجهاز خلاط لبراون بأن يجد هذا العدد الهائل من الجمهور الذي ينتظره في احد مولات جدة الشهيرة، فأكثر من 2000 سيدة انتظرن قدومه حاملات في أيديهن أجهزة الجوال لتصويره ولالتقاط صورة معه، كما تقول احدى الحاضرات أم مهدي التي جاءت تنتظره لأكثر من ساعتين وتقول عن سبب هذا الإعجاب «أتابع برنامجه بشكل يومي واشتريت كتابيه المتخصصين في الطبخ، وبصراحة له الفضل في نجاح زواجي»، وتقصد بأنها كانت على وشك حفرة من نار فحياتها الزوجية كانت مهددة وغير مستقرة لعدم إجادتها للطبخ وبعد أن نصحها الكثير بمتابعة الشيف أسامة استطاعت أن تتجاوز المحنة التي كانت بسبب المطبخ على حد قولها، فالشيف أسامة كثيرا ما يشجع السيدات للدخول الى عالم المطبخ ويقول «لا للاستسلام» يقصد في حالة عدم نجاحك للمرة الأولى هذا لا يعني فشلك، وهذا سبب احتفاظ كل بيت عروسين بكتاب وصفاته. مشهد الجماهير الغفيرة والمكتظة من حول الشيف، خيل للبعض بأن هناك فنانا أو مطربا أو ممثلا لدرجة أن بعض الصبايا اللاتي لا يعرفن شيئا عن المطبخ حضرن الى المكان، فقد خيل لهن بأن «تامر حسني» يتسوق فاكتظت النساء والفتيات من حوله أو ماجد المهندس.

الشيف «الطباخ» أسامة السيد مصري الجنسية، لم يعشق المطبخ يوما من أيام طفولته على عكس غيره، ولم يتعرف على موهبته إلا بعد أن أنهى دراسته بمعهد الفنادق بالعاصمة المصرية في عام 1979، التي تفرض على طلابها التعرف على جميع خدمات ومرافق الفندقة، فوجد نفسه كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» يعثر على ضالته في المطبخ.

من هنا ومن بين الأفران والصاج ورائحة الملح والفلفل الأسود، كتبت بداية هذا العشق بين أسامة السيد والمطبخ، ليجد نفسه وبشكل سريع استطاع أن يجمع من المال ما لم يكن باستطاعته أن يجمعه في أي مهنة أخرى وهذا سبب كما يقول: «الطبخ صار بالنسبة لي مهنة أكثر من هواية، فكان لا بد من تطوير أدواتي للاحترافية».

ولم يعترض من حوله على مهنته الجديدة «الطباخ»، بل صار اسمه مشهورا ومعروفا في مصر في غضون سنوات، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية ليستكمل مسيرته في الدراسات المتخصصة في مجال الطهي، حيث درس فن الطهي الفرنسي الكلاسيكي وفن التجميل بالسكر والشكولاته والثلج وغيرها من الفنون من خلال دراسته في L"Academie de Cuisine بولاية مريلاند عام 1982، بالإضافة إلى الدراسة المتخصصة في علم التغذية من جامعة كورنيل الأميركية في عام 1988. وظل في أميركا قرابة ستة وعشرين عاما عمل خلالها كرئيس للطهاة في أهم مطاعم العاصمة الأميركية، وكان نائباً لرئيس أكبر شركة للحفلات الخاصة بأميركا، وقام بأعمال المتحدث بأسماء أكبر شركات للأدوات المنزلية في أوروبا، وكذلك قام بالتدريس في بعض مدارس الطهي الأميركية. شغل الشيف أسامة العديد من المناصب، حيث عمل رئيسًا للطهاة عام 1981 في مطعم Serbian Crownوهو من أرقى المطاعم الفرنسية الصربية بواشنطن، عام 1983 تدرج ليصبح رئيسًا للطهاة ومسؤولاً عن المطبخ في واحدة من أهم شركات الحفلات الخاصة بالعاصمة الأميركية Braun"s Fine Caterers  ، وهي الشركة المسؤولة عن تحضير وإعداد الحفلات الخاصة لغرفة التجارة ووزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض وغيرها. وساعدته الشركة كما يقول كثيرا ليتعلم فنون المطابخ العالمية بين أوروبية وشرق آسيوية وهندية ومكسيكية من أبناء نفس تلك المناطق ويقول:«عملي في أميركا تطلب مني أن أجيد جميع أنواع المطابخ العالمية أيا كانت، فضيوف البيت الأبيض من جميع دول العالم وعادة ما ينظمون حفلات على شرف وفد ما، فعلى سبيل المثال إذا كان الوفد هنديا فمن المفترض أن يعد الطعام الهندي على نفس جودة ومذاق المطبخ الهندي الأصيل «فكنت استضيف طباخين هنودا يجيدون المطبخ الهندي لأتعلم منهم وهكذا حتى طورت نفسي وتعلمت جميع أهم واشهر الأطباق في كل مطبخ من المطابخ العالمية».

وبعد أن نال شهرة واسعة في أميركا توقف السيد أمام نقطة كانت تراوده كثيرا مما جعلها رسالته ألا وهي نشر المطبخ الشرقي ليكون عالميا كما يقول:«لم يتعرف الشرقيون أنفسهم على هذا المطبخ، وبالتالي لم يتعرف الغرب عليه، باستثناء بعض المطابخ كاللبنانية والسورية». ويضيف:«من خلال سفري وتنقلي من بلد لآخر اكتشفت أنه على سبيل المثال تختلف سفرة وأطباق السعوديين من منطقة لأخرى، إضافة إلى أن أهل الحجاز لا يعرف معظمهم إعداد الأطباق الشهيرة لأهل نجد والعكس صحيح وهكذا في بقية المناطق، هذا ليس في السعودية فحسب، فالنموذج ينطبق في جميع الدول العربية».

وتحقيقا لرسالته لم يكتف السيد بإصدار كتاب للطبخ، فتوجه للتلفزيون الذي فتح أمامه باب الشهرة على مصراعيه وصار واحدا من أشهر نجوم الطبخ في العالم العربي، وتتسابق شركات المنتجات الغذائية أو الكهربائية المتعلقة بالمطبخ بأن يكون الوجه الإعلاني لمنتجها، وهذا كما يقول عمر صاحب مدير التسويق لشركة براون بمنطقة الخليج «أجرينا دراسة للسوق قبل أن يقع اختيارنا للشيف أسامة السيد فأثبتت النتائج، بأن الشيف يحتل المرتبة الأولى كأفضل طاه تفضله النساء وتتابع برنامجه فهو يتمتع بأسلوب سهل وسلس في عرضه لطريقة إعداد الطعام ويتوافق في هذا مع فكرة الخلاط ملتيكويك».

لم يجد السيد صعوبة في تقديم برنامجه «مع أسامة أطيب»، فالمسألة كلها كما يقول:«أركز في إعداد الطعام دون أن أهمل اتصالات وملاحظات المشاهدات». وبسؤاله عن جملة «سر الطبخ»، يضحك ويقول:«قديما كان الطباخ يحتفظ بسر نكهة طعامه ليبقى سرا لبعد موته وقد يورثه لعائلته لتكمل من بعده ما قام به وكثيرا ما كانت عائلات أوروبية وأميركية تحتفظ بهذا السر، لأنه يعد ماركة لوجبتها الشهيرة، إلا أن الوضع اختلف اليوم فلم يعد هناك ما يسمى بسر الطبخ لأن من يرفع هذا شعارا له يدل على أفكاره التقليدية وخوفه من المنافس وبالتالي هو غير قادر على التطور ومواكبة جنون الأطباق المتجددة وغير مبتكر».

على الرغم من أن الشيف أسامة السيد، متزوج وأب لثلاثة هم آدم وعمر وسارة، إلا أنه يترك المطبخ في البيت لزوجته، لأن البيت هو عالمها ومملكتها الخاصة ولا يدخله إلا بعد موافقتها.

ومن الجدير ذكره أنه حصل على العديد من الجوائز لمشاركته في مهرجانات الطهي، ومنها الجائزة الأولى في مسابقة Culinary Salon بواشنطن، واخيراً حصل على العضوية الشرفية في World Gourmet Club في مهرجان Grand Gourmet Summit 2006.