الباذنجان.. طبق يحال إلى القضاء

سيد المائدة الشرقية

TT

دخلت سلطة الباذنجان اللبنانية الأصل والمنشأ في معركة مع تلك المقلدة على ايدي الاسرائيليين الذين وجدوا في هذا الطبق وبعض المأكولات اللبنانية التراثية وسيلة للانقضاض على الطعام اللبناني. ولم تكن المعركة صورية، وانما فعلية بعد ان دخل فيها القضاء الأوروبي للعمل على تسجيل هذه الاصناف في ما بعد رسميا باسم لبنان. هذه الخطوة التي قامت بها جمعية الصناعيين اللبنانيين جاءت بعدما عمد الاسرائيليون الى انتاج هذه الأصناف وادخالها في لائحة مأكولاتهم التي يدّعون انها من تراثهم ويعرضونها في معارض للمنتجات الغذائية العالمية موقّعة باسمهم.

وسلطة الباذنجان هذه التي تدخل في مقبلات المائدة اللبنانية ليست الا نوعا واحدا من لائحة أطباق الباذنجان المتنوعة بأشكالها وألوانها ومذاقاتها. وتتراوح هذه الانواع بين المازات الخفيفة والأطباق الرئيسية الساخنة التي ينحصر تناولها بشكل عام في فصل الشتاء، كـ «الباذنجان المحشي» أو ما يسمى في لبنان بـ «شيخ المحشي» الذي يحشى بعد أن يقلى باللحمة والبصل، ويأكله البعض مع اللبن، ويفضل آخرون تناوله مع الأرز. فيما يبقى للباردة منها، وهي كثيرة، وقعها الخاص في فصل الحر، حيث للخضار وظيفتها المعروفة. وما يساعد على ذلك أن معظم اطباق الباذنجان اللبنانية تجمع في مكوناتها أنواعا عدة من الخضار المطبوخة أو الطازجة. ويأتي على رأسها «المغمور» أو «المسقعة» أو «منزلة الباذنجان» وكلها اسماء لبنانية لطبق واحد مكوّن من الباذنجان والبندورة والحمص المقشور. وهو يؤكل مثل المتبّل وفتّة الباذنجان مع الخضار الطازجة. من دون أن ننسى سلطة الباذنجان التي تتكون من الباذنجان المشوي وتتميّز بنكهتها الخاصة التي تمنحها اياها الخضار الطازجة والمنكهات كربّ الرمان. كثرة أطباق الباذنجان اللبنانية جعلت اللبنانيين ينقسمون الى حزبين في مناصرتها، اذ اللافت للنظر أن الآراء حياله متطرفة، ففي حين يبدي قسم كبير منهم شهيتهم له، يشهر البعض الآخر كرههم له ولكل طبق يمت الى نكهته بصلة. مع العلم أن طعم هذا النوع من الخضار ليس واحدا في المأكولات اللبنانية، بل يلاحظ متذوقها اختلاف طعمها بحسب المكونات التي تدخل في طبخها، باستثناء تلك التي تصنع منفردة مثل «بابا غنوج» أو «متبّل الباذنجان» و«الباذنجان المقلي» وكلها اصناف لا يمكن أن تغيب عن المائدة اللبنانية بل حتى أنها تترأّس «مازاتها» التي لا بد أن يدخل فيها على الأقل نوع طبق واحد من الباذنجان وخاصة «المتبّل» الذي تزيد نكهته لذة اذا أكل مع الخضار ولا سيما البندورة والفجل والبصل الاخضر. وتجدر الاشارة الى ان لكل منطقة لبنانية سرّها الخاص واصول طبخها لهذا النوع من الخضار الذي تنتشر زراعته في معظم المناطق اللبنانية، لكن يمكن القول ان منطقة البقاع «تحتكر» نكهته التي تبقى ذات مذاق خاص وأصيل، ويقول البعض ان «لعبة الباذنجان هي من اختصاص البقاعيين»، ولا سيما في صنع كبيس (مخلّل) المكدوس وهو عبارة عن الباذنجان الذي يحشى بالفليفلة الحارة والجوز.

ومن المعروف أن اللبنانيين يتهافتون في موسم الباذنجان في فصل الصيف على شراء الباذنجان للاستفادة من مذاقه الغني الطازج، ورغم شيوع الاعتقاد الشعبي بأن موسم الباذنجان هو سبب لتساقط الشعر، يبقى موسما غنيا ينتظره اللبنانيون لتحضير مؤونتهم الشتوية من حلو الباذنجان وملحه في أنواع مأكولات متناقضة كـ «المكدوس» و«المخلّل» و«مربى الباذنجان». وكلّها أنواع تبقى من اختصاص اللبنانيين الذين وان تكاسلوا على صناعتها بأنفسهم في هذه الأيام، الا أنهم يحرصون على شرائه من مصدر اصيل وتخزينه في البيت. وفي حين يفضّل البعض أكل المكدوس منفردا في كل الوجبات، يلجأ البعض الآخر الى التفنن في اكله، كأن يدخلونه في تحضير سندويش اللبنة مثلا، وهو ابتكار جنوبي(في الجنوب اللبناني)، أو كأن يؤكل مكان المخلّل مع البيض المقلي و«المجدرة اللبنانية». هذا النوع من الخضار الذي تعني تسميته في الصين «السم»، الذي كان يمتنع البريطانيون عن أكله وينعتون كل من يحاول تناوله بـ «المجنون» ويعتبره الأوروبيون نوع خضار غير موثوق به، نظرا الى شكله ولونه اللذين لا يوحيان بالارتياح. يعود موطنه، كما تقول بعض المصادر، الى الهند الذي انتشر منها الى الصين ودول أخرى ومن ثم انتقل الى الشرق الأوسط وأوروبا واميركا. وصفه ابن سينا بعدما تعرّف عليه بالدواء الشافي. اما اليوم وبعد مرور حوالي ألفي سنة على اكتشافه توحّدت حوله كل الشعوب في العالم واصبح عنصرا أساسيا يدخل في الحمية الغذائية ويحمي القلب من تصلّب الشرايين. وهو مدر للبول، نظرا الى احتوائه على أكثر من 90 في المئة من الماء وأقل من 1.5 من البروتين والقليل من الكربوهيدرات ونسبة ضئيلة من السكريات، كما يحتوي على ألياف وسليلوز وبكتين ومواد دباغية، المسؤولة عن طعمه المرّ.

ولتفادي الوقوع في فخ طعم الباذنجان المرّ، يعمد البعض الى فحصه عبر طريقة بسيطة وهي «محاولة وضع اصبع الابهام عليه بقوة» فإذا بقي اثر له فهذا يعني أن مذاقه سيئ وقاس وإسفنجي. أما الطريقة الثانية فهي ضرورة التأكد من أن أسفل الباذنجان بيضاوي وليس مستديرا، لأن المستدير منه يحتوي على بذور أكثر وحشوة أقل. تذكر المتخصصة في التغذية كارلا ياردميان الحاج في كتابها «صحتك بصحنك» أن الباذنجان يعتبر من العناصر الخافضة لنسبة الكوليسترول في الدم. ويساهم البوتاسيوم والأملاح الأخرى الموجودة فيه على افراز السوائل من الجسم وادرار البول مما يساهم في ضبط التوازن الملحي المائي والتوازن الحمضي ـ القلوي في الجسم، الأمر الذي يساعد على تنظيف الجسم من السوائل الضارة ويحسّن عمل القلب. كما تضيف أن «الباذنجان يستعمل أحيانا لعلاج التسنّج وامراض القلب والسمنة وهو مفيد بشكل خاص لكبار السن، وينصح باستعماله كدواء في حالات الاستسقاء (EDEMA) وفي حالات الاصابة بمرض النقرس. كما ان لون الباذنجان مكتسب من مادة تعرف بالناسوين، وهي مادة مضادة للأكسدة وتحمي أغشية الأوعية الدموية وتبعد خطر تصلّب الشرايين.

وتنصح باستعمال الباذنجان الصغير الحجم لأن الكبير منه يحتوي على عناصر مرة المذاق. وتعطي طريقة سهلة للتخلّص من طعمه المر وهي، أن يتم تقطيعه الى شرحات ويرش عليها الملح ثم تغسل بعد حوالي نصف ساعة، شرط أن لا يحفظ في البراد، قبل تقشيره أكثر من أسبوع لأنه يتأثر بتغيرات درجات الحرارة. وتؤكد أن الباذنجان يمتص كميات كبيرة من الدهن لذلك ينصح بتفادي قليه قبل طبخه. وفي اميركا، أكدت دراسات وزارة الزراعة أن الفوائد الصحية للباذنجان كثيرة، وأن مركّبات «ناسيولين» المضادة للأكسدة والمتوافرة في قشر الباذنجان تخلص الجسم من الجراثيم التي تسبب الشيخوخة، كما تحمي جدران الخلايا من التلف خصوصا الكوليسترول في بنية جدران خلايا الدماغ، اضافة الى دورها في إنتاج هورمونات الذكورة والأنوثة وتكوين أملاح عصارة المرارة اللازمة لامتصاص بعض أهم الفيتامينات.

وأثبتت الأبحاث ان الباذنجان يحوي ايضاً مركّبات «فينوليك» المضادة للأكسدة واهمها حامض الكلوروجينيك الذي يعتبر من أقوى مضادات الأكسدة النباتية والذي تكمن اهميته ايضاً في الوقاية من التغييرات المخلة بتركيبة الحمض النووي في نواة الخلية الحية، ويمنع تالياً تكوين الخلايا السرطانية في الجسم، كما يقي من عدوى الميكروبات والفيروسات ويقلل نسبة الكوليسترول. أما لمرضى القلب، فقد اشارت الدراسات الى أن تناول عصير الباذنجان يقلل كمية الكوليسترول ويرخي عضلات جدران الشرايين في القلب.

* المغمور

* المكونات:

زيت (لقلي الباذنجان).

حبتا باذنجان كبيرتان (مقشر ومقطع أرباعاً).

ملعقتا زيت. ثلاث حبات بصل (مقطع لشرائح).

ثلاثة فصوص ثوم (مطحون).

كيلو من البندورة الطازجة مقطعة الى قطع صغيرة.

ملعقة كبيرة من عصير الليمون. رشّة من الفلفل الحار (اختياري).

علبة حمّص (400 غ) (مغسول ومصفّى).

* طريقة التحضير:

* يقلى الباذنجان أو يمسح بالزيت ويشوى على الجانبين. يوضع على ورق المطبخ للتخلص من الزيت الزائد. تسخن ملعقتان كبيرتان من الزيت في مقلاة ويقلى فيها البصل حتى يذبل. يضاف الثوم ويقلب لبعض الدقائق ثم تضاف البندورة وعصير الليمون ومسحوق الفلفل الحار والحمص. يغطى الخليط ويترك على نار هادئة لمدة 30 دقيقة ثم يضاف الباذنجان. يترك الخليط على نار هادئة لمدة 5 دقائق إضافية أو حتى ينضج الباذنجان. يقدم هذا الطبق بارداً مع أنواع من الخضار الطازجة بحسب الذوق.

* بابا غنوج

* المكونات - حبة أو حبتان من الباذنجان الأسود الكبير.

- نصف كوب من الطحينة.

- ملعقتان من الخل الاحمر او دبس الرمان او عصير الليمون (حسب الذوق).

- قليل من الملح.

طريقة التحضير:

- يشوى الباذنجان في الفرن لمدة نصف ساعة ثم يقطع قطعا كبيرة، ليتم بعد ذلك طحنه بالشوكة أو في آلة الطحن.

- يترك كي يبرد قبل اضافة المكونات الاخرى - تضاف الطحينة والخل الأحمر والملح وتخلط المكونات جيدا.

- يضاف اخيرا زيت الزيتون.

- يمكن تزيين الطبق بالبقدونس المفروم او النعناع او حبات الرمان الصغيرة او الكمون والسماق.

* مربى الباذنجان

* المقادير:

- كيلو واحد من الباذنجان بحجم صغير قليل البذور.

- 3 أكواب سكر.

- ملعقتان من الكلس (جير).

- كوب من الجوز المفروم خشناً.

الطريقة:

- ينزع اسفل الباذنجان ويقشر ويشق من أحد جوانبه.

- يذوب الكلس بالماء ويغمر به الباذنجان لمدة 24 ساعة حتى يكتسب قساوة ويحافظ على شكله أثناء الطهي.

- في اليوم التالي يغسل الباذنجان جيداً ويصفى من الماء.

- يوضع في وعاء ثم نضيف إليه السكر على نار هادئة ونحركه حتى يذوب السكر كلياً.

- يترك على نار هادئة حتى ينضج.

- عندما يبرد يحشى الباذنجان بالجوز.

- يحفظ في إناء جاف محكم الإغلاق ويسكب عليه قطرة (الماء المحلى) بحيث يغمره. ونحفظه في مكان بارد.