إيريك بريفار.. فنان يلعب على أوتار المطبخ الفرنسي

قال إن الطاهي أشبه بمصمم الأزياء

TT

«مهنة الطهي تشبه مهنة الخياطة أو مهنة تصميم الازياء»، هذا ما استهل به الطاهي الفرنسي إيريك بريفار حديثه مع «الشرق الأوسط»، وشرح بالقول إن الطهي فن وابتكار، كما ان الخياطة فن، وتصميم الازياء هو أيضا كذلك، ولكن مهما كان المصمم ماهرا لا يمكن ان يثبت جدارته الا من خلال المواد التي يستعملها في تصميماته، فكيف يمكن ان تصمم قطعة راقية من دون استعمال الحرير والقطن المصري وارقى انواع الاقمشة والاكسسوارات؟ وهذا السؤال ينطبق أيضا على مهنة الطهي، فكيف يمكن ان ينفذ أي طاه طبقا من دون أن يكون مسلحا بالمواد الخام الجيدة؟ الشيف إيريك بريفار، طاه خجول ومفعم بالاحاسيس، يتكلم عن الاكل بشغف، ويشرح عن مهنة الطهي بإسهاب، ويقول إن الطبخ هو اسلوب حياة يجب على المرء اتقانه، وبذل جل جهده في تطويره حتى لا يقع أسير النمطية.

ولد بريفار في مدينة بورغوندي الفرنسية من عائلة تحب الاكل، كان أجداده من طرف أمه وأبيه مزارعين، وكان افراد العائلة يلتمون حول المائدة لتناول كل وجبات اليوم، وكانت كل الاطباق محضرة من مواد خام، فالخضراوات والفاكهة من حقولهم، والدجاج وشتى انواع اللحوم الاخرى من مزرعتهم وحتى الحليب والقشدة والبيض من انتاج العائلة.

عشق الطبخ منذ صغره، بدأ من سن السابعة بتحضير الكاراميل وعدة أنواع من الكيك والحلوى الفرنسية التقليدية البسيطة، وفي سن الرابعة عشرة عرف ان مهنته في المستقبل ستكون في المطبخ، وعندما أخبر أهله بأنه أخذ قراره في العمل في أحد مطاعم بورغوندي المتواضعة، لم يتفهموا قراره، خاصة أن مهنة الطهي آنذاك، لم تكن تؤخذ على محمل الجد وكانت اشبه بمهنة من لا مهنة لديه. وبعد أن أصر على قراره، عمل بريفار في أحد مطاعم القرية وبعدها انتقل الى مدينة ليون في فرنسا لتعلم مهنة الطهي في معهد أوكسير، وبعد انهاء مرحلة الدراسة عمل بريفار في مطعم «روليه سان فياكر» Relais Saint-Fiacre الى جانب الطاهي ميشال موريه الذي فتح أمامه المجال للعمل مع عمالقة الطهي أمثال جويل رونتي في فندق كونكورد لا فاييت الباريسي والطاهي مارك مونو في مطعم «لايسبيرونس سين بير سور فيزولي» إضافة الى العمل مع الطاهي فيليب غرول في مطعم «مانوار دو باري».

وبعد ان أصبح لاسم إيريك بريفار صدى في الاجواء الباريسية، قرر الانتقال للعيش في العاصمة اليابانية طوكيو، وبدأ هناك بالعمل كطاه تنفيذي في فندق رويال بارك، وعندما اكتشفه الطاهي الفرنسي جويل روبوشون، الذي يعتبر من أهم الطهاة العالميين على الاطلاق، سرقه من الفندق ليعمل معه في مطعم «جامين» الذي يملكه في طوكيو.

وبعد فترة طويلة من العمل والجهد للتعلم من خبرة روبوشون، فاز بريفار بجائزة «أفضل عامل في فرنسا» التي تقدم لأرفع حرفيي فرنسا.

وحاز نجمتي ميشلين خلال عمله في فندق «ليه إيليزيه»، وها هو اليوم الطاهي التنفيذي في مطعم «لو سينك» Le Cinq واحد من أرفع مطاعم العاصمة الفرنسية التابع لفندق فورسيزونز، جورج الخامس.

أطباق إيريك بريفار، مبتكرة، وهي تجمع ما بين الكلاسيكية والابتكار والمطبخ الحديث أو ما يعرف باسم La Nouvelle Cuisine، يكمن في كل منها مفاجأة، وعرس من النكهات الصارخة، وفيها طعم آسيا ولا سيما طعم اليابان، فقد لا ينطبق اسم مطبخ «الانصهار» أو الـ Fusion على مطبخ بريفار إنما يمكن تسميته بالمطبخ المبتكر والجريء.

الاطباق فرنسية مع لمحة يابانية، يعتمد في تحضيرها على النكهة والاحترام والتقديم، فيقول بريفار، إن أهم ما يستعمل في المطبخ الفرنسي هو المنتج نفسه، فمصدر المنتجات والمكونات هو سر نجاح الطبق، لذا يعمد دائما إلى الاعتماد على 4 مصادر وليس أكثر للحصول على جميع المكونات اللازمة في مطبخه، كل الخضراوات والفاكهة مصدرها من مزارعين معروفين في فرنسا، فهو يعمد الى الذهاب الى المزارعين وصيادي السمك وأصحاب مزارع الدواجن بنفسه، ليضمن الطعم نفسه.

ويضيف بريفار، بإنه متى ما وجد المكون الجيد وجدت الطبخة اللذيذة، فالطاهي لا يلعب إلا جزءا محددا في المطبخ، ففي الكثير من الاحيان، لا يحتاج الطاهي الى بذل جهد كبير لاعطاء نكهة للسمك او اللحم، فإذا كانت النوعية عالية الجودة فهي لا تحتاج للكثير من الاضافات، ولكن يجب فهم التعامل معها وطهيها على نار هادئة ورشها بالقليل من البهارات الطازجة والمطيبات.

ومن المهم أيضا أن تكون المأكولات صحية، فلا يجوز ان نضيف المواد الدهنية الى مأكولات تحتوي بالاصل على دهون، فمن الضروري بأن نوجد التوازن ما بين الطعم اللذيذ والصحي، لا سيما وأننا نعاني حاليا من مفهوم خاطئ للاكل، فمعظم مأكولاتنا غير صحية، وتحتوي على مواد حافظة وملونات، ويتحجج الناس بضيق الوقت، وهذا العذر ليس مبررا، فبدلا من التبضع في محلات تجارية ضخمة، يستطيع المرء التوجه الى إحدى المزارع.

الفاكهة والخضراوات الطازجة وغير العضوية يمكن ان تبقى في الثلاجة لمدة تتعدى الثلاثة أيام إذا كانت جيدة.

وبالحديث عن التأثير الياباني الواضح في أطباقه، يقول بريفار، إن الاكل الياباني ملحمة حقيقية، وإنه يقوم بتبني العديد من المكونات اليابانية مثل الواسابي والطحالب البحرية في مطبخه، إنما يتقن كيفية التعامل معها، وهذه مشكلة العديد من الطهاة هذه الايام، يعرفون كيف يتفنون ولكنهم لا يعرفون كيف يوظفون نكهة جديدة في مطبخهم.

يستعمل بريفار الفاكهة في أطباقه بشكل كبير، ويقوم بتغيير لائحة الطعام بشكل مستمر لتتلاءم مع الفصول، خاصة أنه وعلى حد قوله يعمل في فندق الفصول الاربعة، فلا بد من التغيير لاكثر من سبب، الاول هو اهمية استخدام المكونات في موسمها الطبيعي، والسبب الثاني يعود الى ارضاء الزبائن وابعاد شبح الضجر والروتين عنهم.

الطحالب البحرية من أجود أنواع الخضراوات في العالم، ويحرص اليابانيون على استعمالها في مطبخهم، وتستحوذ على العديد من المكونات الصحية المفيدة، فينفرد بريفار بتقديم الزبدة بالطحالب، إنها نكهة لا يمكن وصفها وتقدم مع الخبز الريفي الاسمر، وسيكون بامكان الذواقة شراء هذه الزبدة قريبا من محلات بيع المأكولات الراقية بعد ان عرضت إحدى أكبر شركات تصنيع الزبدة على بريفار تصنيع هذه الزبدة وبيعها في الاسواق، ويقول بريفار، إن الزبدة من ضمن المقبلات المهمة على الطاولة، فهو يحرص على وجود نوعين من الزبدة، إضافة الى ابريق من زيت الزيتون الايطالي، وقطع من الخبز الطازج.

وشدد بريفار على أهمية الحرارة في الطهي، ففي بعض الاحيان يستلزم طهي بعض الاطباق ساعات عديدة، فهو يقول إنه لم يخترع أي شيء جديد هنا، إنما الطبخ ومنذ آلاف السنين يرتكز على الحرارة المناسبة، ففي افريقيا ولغاية يومنا هذا، يقوم الاهالي بطهي مختلف انواع المأكولات داخل ورق الموز لساعات تتعدى الـ17 ساعة، تبدأ عملية الطهي على نار قوية وبعدها تخفت وتنطفئ، وهذه هي الطريقة الامثل للطبخ، فلا يجوز التسريع في نضوج الاكل، فهذا من شأنه التأثير على النكهة، ومن المهم جدا استعمال الماء المناسب في الطبخ، والشرب ما بين الاطباق.

ويقول بريفار إن هناك موضة في الطبخ، لكنه لا يسعى وراءها على الاطلاق، وذلك لان الاكل يجب ان لا يفقد هويته، فهو مع التغيير والتطوير ولكن احترام المطبخ مهم جدا، فالطهي اشبه بمعركة يومية، يعيشها كل طاه يقدس المطبخ والمهنة، فعملية ابتكار الاطباق الجديدة لا تنتهي، كما انه يستمع دائما الى تعليقات الزبائن عندما يخرج الى قاعة الطعام بعد العشاء، والصعوبة في العمل في مطعم مثل «لو سينك» هو تعدد جنسيات الزبائن، وهذا ما يجعل إرضاءهم من المستحيلات، ولكن في غالب الاحيان يعبر الزبائن عن إعجابهم بلائحة الطعام المختارة وبالنكهات المبتكرة وبالاطباق وهذا الامر مهم جدا في مسيرة نجاح أي طاه عالمي.

وعبر بريفار عن حزنه الشديد لتدهور مستوى الاكل في العالم، معلقا بذلك على عدم احترام العديد من الطهاة للطبيعة، وقال إنه يأسف لان أولاده وأحفاده لن يحظوا بفرصة تذوق المأكولات والمكونات التي تذوقها في بورغوندي عندما كان صغيرا، وذلك لانها أصبحت شبه منقرضة، فهو يتذكر عندما كانت ترسله والدته الى الحقول لجمع الحلزونات، التي أصبحت غير موجودة على الاطلاق، لذا ترى بعض الزبائن يسألون الطاهي عن سر تغير نكهات الماضي، والجواب هو ان نكهة الماضي لم تعد موجودة لان الانسان لم يتعامل مع الطبيعة بشكل لائق.

في مطعم «لو سينك» يعمل فريق من الطهاة المساعدين مع الشيف بريفار، يتولى كل منهم عملية معينة، غير ان بريفار يعتقد بأنه لا يستطيع أي طاه تقليد غيره من الطهاة، ففي كل مرة يقوم بتحضير طبق جديد امام زملائه في العمل، ينفذ كل منهم الطبق بنكهة مختلفة، فالطبخ يعتمد على الاسلوب الشخصي، وهذا الشيء من الصعب تفسيره، فبريفار يحب الاطباق الصغيرة والمنمقة والانيقة، ولا يتقيد بأسلوب واحد، ويحب التغيير والتجديد، ولائحة طعامه الخاصة بالموسم الحالي اشبه بلوحة ملونة وأهم لون فيها هو لون الشغف.

ويقول بريفار: «أنا طاه خجول وحساس ولست غوردن رامسي، لدي اسلوبي وطريقتي في العمل، وأؤمن بأن الطاهي يعمل وحيدا ولو كان محاطا بفيلق من المساعدين، الطبخ فن وابداع وترجمة حقيقية لما في داخل كل طاه على حدة».

وكرر وصف مهنة الطهي بالمعركة اليومية، وقال إنه لا يشجع ابنه عليها لأنها مهنة المتاعب، خاصة إذا كان الطاهي مهنيا، لا يقبل بالقليل ولا يعيش على امجاد الماضي، فهو يعمل طيلة الاسبوع ، يبدأ نهاره باكرا ولا ينصرف إلا بعد ان يقفل المطعم أبوابه، وفي أوقات فراغه يقضي وقته في ابتكار أصناف جديدة للمواسم المقبلة.

* سمك التونة مع الخضروات Ventrèche |De Thon En Escabèche De Légumes

* المقادير:

ـ 500 غرام من سمك التونة الطازجة.

ـ 3 قطع من الخرشوف. ـ 2 جزر.

ـ 2 باذنجان متوسط الحجم.

ـ 50 غراما من الطماطم.

ـ 3 بصل أخضر.

باقة صغيرة من الثوم المعمر Chive.

ـ 100 غرام من الفاصوليا العريضة.

قطعة من الكرفس والقليل من الشمر، بالاضافة الى باقة من الخضراوات (حسب الذوق والموسم).

* تحضير الصلصة

* قطع البصل بحجم صغير، واضف اليه 300 غرام من زيت الزيتون، وملعقة كبيرة من الينسون، وباقة من الاعشاب للنكهة تعرف باسمBouquet Garni تضم البقدونس والزعتر والمريمية واكليل الغار، يضاف اليها 300 غرام من الخل الابيض وملعقة كبيرة من السكر.

دع المزيج يغلي على النار لمدة 3 دقائق، أضف بعدها صلصة بنيةBrown Sauce جاهزة ودعها تغلي لمدة 5 دقائق إضافية، وفي النهاية تخلص من باقة الاعشاب وانزعها من الصلصة.

* تحضير الخضراوات

* ضع القليل من زيت الزيتون في مقلاة على النار واضف بعض الكزبرة والكرفس والشمر وقلبها لمدة 5 دقائق،وبعدها اضف مكعبا من مرقة الدجاج ودع الخليط يغلي مع إضافة الخضراوات المتبقية (كل نوع تلو الاخر).

وللحفاظ على نكهة الخضراوات ينصح دائما بسلقها في ماء ساخن مع إضافة الملح اليها، وبعدها تنقل الى الماء البارد لتبقى مقرمشة الطعم.

* تحضير التونة

* ضع بعض الماء والدقيق والفلفل على قطعة سمك التونة، واقلها في قليل من زيت على حرارة 200 درجة مئوية لمدة لا تتعدى الدقيقتين، واضف بعدها الخضراوات والصلصة المحضرة سابقا على التونة لتكون جاهزة للتقديم.

* مكونات سوربيه الطماطم Sorbet à La Tomate ـ كيلوغرام من لب الطماطم.

ـ 140 غراما من زبادي الماعز.

ـ 75 غراما من زيت الزيتون.

ـ 20 غراما من السكر.

ـ 5 غرامات من الملح.

ـ صلصة التاباسكو.

* طريقة التحضير:

ضع السكر مع الطماطم الفاترة في خلاط الايس كريم، اضف الملح والزبادي وباقي المكونات مع القليل من زيت الزيتون.

عندما يجهز السوربيه يوضع في أكواب صغيرة وتضاف اليه صلصة البيستو الايطالية والقليل من الشمر وبذور الينسون (للنكهة فقط)