أكلات كردستانية فيها عبق الريف ورائحته

الدوينة والترخينة والكشك.. أطباق شعبية لذيذة

الكشك إحدى الأكلات الشعبية الكردية (تصوير: كامران نجم)
TT

يزخر المطبخ الكردي بالعديد من الاكلات الشعبية التي ينفرد بها المجتمع الكردستاني دون سواه من المجتمعات المجاورة، وتمتاز بمذاقها الطيب واللذيذ واسمائها الكردية التي يستحيل ترجمتها الى اللغات الاخرى.

وتتصدرها ثلاثة اصناف من الاكلات «الدوينة والترخينة والكشك» وهي التي تنتج في الريف الكردستاني وتستهلك في المدن، خصوصا في فصلي الخريف والشتاء قارسي البرودة في معظم ارجاء كردستان، فأكلة «الدوينة» الشهيرة التي يعتمد عليها اهل الريف اعتمادا كليا في التغذية اليومية يتم اعدادها صيفا بعد موسم حصاد الحبوب، من القمح الذي ينقع لعدة ايام في الماء ثم يفرش تحت اشعة الشمس حتى يجف تماما ثم يجرش في مطاحن خاصة، قبل خلطه داخل قدور كبيرة مع سائل الشنينة الذي ينتج من خلط الزبادي مع الماء ورج الخليط بواسطة المشكاة او عبوات بلاستيكية خاصة، وفصل ما يتمخض عنه من زبد او قيمر وتسمى بالكردية «دو». وبعد خلط جريش القمح مع الشنينة او «دو» في تلك القدور الكبيرة خلطا جيدا يتم تسخين الخليط حتى الفوران ثم يترك تحت اشعة الشمس اللاهبة حتى يتكثف ويصبح كالمعجون، ومن ثم يتم تحويل الخليط الكثيف يدويا الى كرات صغيرة تفرش على ارضية نظيفة تحت الشمس ايضا حتى تجف تماما وتصبح خالية من الرطوبة قبل ان يتم خزنها في حاويات خشبية منعا لاكتساب الروائح او الغبار. اما طريقة اعداد هذه الاكلة الشعبية الكردية فيتم في الريف الكردستاني بتنقيع بضع كرات من «الدوينة» حسب الحاجة في ماء حار حتى تصبح كالحساء او الشوربة ثم يتم غليه حتى الفوران، وبعد ذلك يضاف اليه البصل المحمر في السمن او الزيت او الدهن الحر وقليل من الملح والتوابل، وتقدم كوجبة متكاملة غنية بالطاقة والبروتين، ويحرص القرويون خصوصا المزارعين والفلاحين على تناول الدوينة في وجبات الفطور الصباحية قبل التوجه الى الحقول والمزارع، او عند الظهيرة لكونها اكلة مغذية جدا تبعث فيهم الطاقة والحيوية وتمنحهم القدرة على مواصلة العمل الشاق لساعات طويلة.

اما في المدن خصوصا في مدينة السليمانية وضواحيها التي تستهلك في فصلي الخريف والشتاء كميات كبيرة من الاكلة التي تنفد من الاسواق سريعا، فإن الطهاة يتفننون في اعداد وجبات الدوينة من خلال اضافة انواع مختلفة من التوابل اليها مع قطع من اللحم، ويتم تناولها مع اطباق اخرى برفقة الخضراوات والمشروبات الغازية.

اما اكلة «الترخينة» الريفية ايضا، فيتم اعدادها بطريقة مشابهة للدوينة مع اختلاف بسيط في تركيبتها، حيث يتم خلط جريش القمح ذاته مع الشلغم النيئ بأوراقه الخضراء والذي يفرم بعد غسله، في قدور كبيرة ايضا، ويترك الخليط في مكان حار حتى يتخمر ويصبح حامض الطعم الى حد معين، وبعد ذلك يتم تحويله الى كرات صغيرة يدويا على غرار اكلة «الدوينة» وتجفف تحت اشعة الشمس كليا قبل خزنه بطريقة محكمة حتى حلول الشتاء، حيث تستهلك بكميات كبيرة في القرى والارياف وعلى نطاق واسع في المدن لا سيما من قبل الذين يعانون من ارتفاع مزمن في ضغط الدم، حيث تسهم اكلة الترخينة في خفض ضغط الدم وتنظيم ضربات القلب، كما يؤكد ذلك العديد من خبراء التغذية والمتخصصين، اما طريقة طبخ الترخينة، فإنها مشابهة لطريقة طبخ الدوينة مع الاختلاف طبعا في الطعم والمذاق ويتم تناولها في كل الوجبات اما بمفردها او مع اطباق اخرى خصوصا الأرز.

اما اكلة الكشك، فيتم اعدادها صيفا في الريف الكردي ايضا من مشتقات الزبادي، خصوصا سائل الشنينة الذي يعبأ في قدور كبيرة وتترك تحت اشعة الشمس حتى يصبح السائل كثيفا وهلاميا، فيتم عصره يدويا حتى يتسرب الماء الذي فيه، ثم يحول الى اصابع تترك حتى تجف كليا قبل تخزينه. ويفضل الكثيرون من اهل الريف والحضر في كردستان تناول الكشك في وجبات الفطور نظرا لمذاقه الطيب ورائحته الزكية وفوائده الغذائية العديدة، حيث يتم إعداده بطرق مختلفة كخلطه مع البيض او اضافة البصل المحمر في الزيت او الدهن الحر مثلا، وغالبا ما يعمد عشاق هذه الاكلة الشعبية الى ثرد الخبز في طبق عميق وسكب حساء الكشك عليه ثم البيض المقلي.

ويبقى القول بان هذه الاكلات الكردية الشعبية تهيأ في مطابخ البيوت فقط سواء في المدن او في الريف اذ لا توجد مطاعم خاصة لبيعها مثل غيرها من الاكلات الكردية التي نعرض لها في وقت لاحق.