الشنكليش.. في طريقه للدخول إلى موسوعة «غينيس»

«الروضة» .. منطقة سورية تملك الوصفة السحرية

شنكليش عملاق.. الأكبر في العالم («الشرق الأوسط»)
TT

يسمونها في الداخل السوري بالشنكليش وفي الساحل تسمى السوركة والتسميتان أصلهما تركي ويعربها أصحاب المطاعم في دمشق من خلال إطلاق اسم (جبنة سوداء) عليها، ومهما كانت التسمية فهي تعود لتلك الأقراص المدورة على شكل كرة المضرب والمحضرة من قريش اللبن المسحوب منه الدسم (حيث تحضر في الريف الداخلي من قريش لبن الأغنام فيكون لونها من الداخل مائلا للاصفرار في حين تحضر في المنطقة الساحلية من قريش لبن الأبقار فيكون لونها أبيض ناصعاً وهي المفضلة في هذه الحالة لتناولها كمقبل غذائي وكذلك في وجبات الفطور والعشاء) ويعجن القريش حيث تقوم النساء بتدويره (دعبلته) على شكل كرات كبيرة ومن ثم يضاف له مطحون الزعتر البري الأخضر لتعطي فيما بعد شكلاً جميلاً ومذاقاً لذيذاً، لكن الرائحة قد تكون غير محببة بسبب تخمر قريش اللبن ومع ذلك يستقطب الشنكليش الكثير من متذوقي منتجات الألبان حيث يؤكل مع زيت الزيتون على الفطور والعشاء أو يقدم كمقبل غذائي حيث تضاف له البندورة والبصل ويطلق عليه في هذه الحالة تسميات محلية سورية ومنها: (الجعيفورة والبازركان) وهي على الأغلب تسميات تعود في جذورها إلى اللغة التركية والفارسية كما حال تسمية الشنكليش أو السوركة حيث يتداولها كثيراً سكان الريف التركي كما يؤكد العديد ممن زاروا القرى التركية خاصة في المنطقة الجنوبية من تركيا. كما أن البعض من عشاق الشنكليش يحبون تناوله مع الزبدة البقرية البلدية فيهرس بهذه الحالة قرص الشنكليش مع قطعة زبدة ليأخذ الخليط طعماً لذيذاً ولكن في هذه الحالة تصبح مادة غذائية دسمة. على الرغم من أن مادة الشنكليش تعرفها معظم المدن والأرياف السورية إلاّ أن قرية ساحلية وحيدة اشتهرت بها بشكل واسع من خلال إعدادها بمذاقها اللذيذ المميز والمهارة في إعدادها وجودة مكوناتها والقرية تدعى (الروضة) في الجبل المقابل للبحر المتوسط قرب بانياس وكذلك الأراضي التابعة للقرية وتسمى الخراب على شاطئ المتوسط والتي تتبع محافظة طرطوس الساحلية وتبعد عنها حوالي 20 كلم في منطقة الجبل وقد قرر أهالي القرية الاحتفاء بالشنكليش بطريقة خاصة ومميزة فأقاموا له مهرجاناً احتفالياً حاشداً في القرية مع الأغاني والموسيقى والحفلات الفنية أطلقوا عليه مهرجان الشنكليش، لكن مفاجأتهم لذواقي الشنكليش وللجمهور السوري كانت من خلال تحضيرهم لأكبر قرص شنكليش في العالم تم العمل عليه لمدة 15 يوماً من قبل نساء القرية ليقدموا قرص شنكليش كبيراً وضخماً بوزن 200 كلغ يطمحون من خلاله دخول سجل غينيس للأرقام القياسية حيث خاطبوا إدارة السجل للتحضير لدخول القرص العملاق الموسوعة العالمية ولتشتهر قرية الروضة عالمياً من خلال قرص الشنكليش. وقال( طوني أبوعيسى) منظم مهرجان الشنكليش في القرية والساعي لدخول القرص سجل غينيس والذي صمم موقعاً للقرية على شبكة الانترنت قال لـ «الشرق الأوسط»: الشنكليش نوع من مشتقات الحليب أو اللبن يصنع على شكل أقراص ثم يغطس بالزعتر الأخضر البري، وهو من الأكلات الشعبية التي تشتهر بها بلاد الشام وخاصة المنطقة الساحلية من سورية وتحديداً قريتنا الروضة ويوجد بشكل يومي على موائد أهل القرية. كما أنه من المقبلات اللذيذة المذاق وتشتهر قريتنا بتحضيره منذ عشرات السنين. ويوضح أبوعيسى طريقة تصنيع الشنكليش قائلاً: يغلى القريش (لبن دون زبدة) على النار ويصفى من الماء ثم يدعك باليدين مع الملح ويشكل على شكل أقراص ويجفف بالظل وكان يوضع ضمن الجونة (وهو قفص هرمي مصنع من العيدان) ثم يغطس بالزعتر البري، أما طرق تقديم الشنكليش فهي على الشكل التالي: يقدم بارداً على شكل قطع دون أي إضافات أو مع زيت الزيتون فقط أو الجعيفورة مع البصل والبندورة وتؤكل في كل الأوقات. أما فوائد الشنكليش فهو غذاء له فوائد الحليب دون دسم فهو خافض للكولسترول وغذاء صحي للبدناء ولمرضى السكري كونه خالياً من الدسم، وغنياً بمادة الكالسيوم. والشنكليش قديم ويعرفه أجدادنا منذ مئات السنين. وقد فكرنا كشباب في القرية منذ عدة أشهر أن نقيم مهرجاناً خاصاً بالشنكليش وأن نحضر باسم القرية أكبر قرص شنكليش في العالم وتحقق طموحنا في بداية شهر نوفمبر الحالي حيث كان المهرجان وبحضور المئات من محبي الشنكليش ومن جمهور المنطقة الساحلية مع شخصيات رسمية واجتماعية، وتم عرض القرص العملاق للشنكليش ووزنه 200 كلغ وبقطر 298 سم وارتفاع 46 سم وأضيف له حوالي 5 كلغ زعتر بري أخضر وعملت في تحضيره وتصنيعه 30 امرأة من القرية والغالبية منهن من النساء المعمرات في القرية اللواتي يجدن صناعة الشنكليش بطريقة عريقة وتقليدية ومميزة حيث عملن 15 يوماً للوصول إلى هذا القرص الضخم. وفي نهاية المهرجان وزع كأجزاء على الجمعيات الخيرية في حمص ومعلولا. وقد راسلنا ـ يضيف طوني ـ المسؤولين عن سجل غينيس عبر الانترنت وننتظر مجيئهم لإدخاله في الموسوعة العالمية ونحن واثقون من دخوله الموسوعة لأنه لم يسبقنا في تحضير مثل هذا القرص من قبل احد أو أي قرية ومن هذه المادة الغذائية.

لقد أعد كتيب خاص بمهرجان الشنكليش وزع على الحاضرين حيث كتب في صفحته الأولى شرح عن سجل غينيس والصفحة الثانية تتضمن معلومات كاملة عن الشنكليش والصفحة الثالثة معلومات جغرافية ومكانية عن قرية الروضة منظمة المهرجان. تروى حكاية يتداولها محبو الشنكليش في سورية أن أحد هؤلاء ذهب إلى القاهرة في ستينات القرن الماضي بقصد الدراسة في جامعتها ومن شدة تعلقه بالشنكليش طلب من والدته أن تضع له الشنكليش لأنه لا يستطيع العيش من دونه في القاهرة وهناك في المطار استغرب رجال الجمارك وجود هذه المادة الغذائية حيث لا تعرف في مصر وقاموا بتحليلها في المخبر فوجدوا أنها مادة لا تضر ولا تنفع؟!.. ويعلق طوني على هذه الحكاية قائلاً انها (مزحة ونكتة وقصة غير حقيقية) لأن هناك أخصائيي تغذية من المنطقة الساحلية حللوها غذائياً وأثبتوا فوائدها وقيمتها الغذائية والصحية.