الأكل «سياسة» في فلسطين

«زيت وزعتر» تصنع معجنات لفلسطين وأخرى لأوباما بألوان الشعب الأميركي

TT

يذهب الفلسطينيون بدافع الفضول لمشاهدة معجنات «أوباما»، الرئيس الاميركي المنتخب التي ابتكرتها شبكة مطاعم زيت وزعتر في رام الله في الضفة الغربية. وامام المطعم في الشارع الرئيسي وسط المدينة، يسأل الفلسطينيون عن كعكة «اوباما» المدوّرة. البعض يكتفي بالمشاهدة، والبعض، يبتاعها مقابل دولار ونصف الدولار. وخلال يومين، منذ فوز الرئيس الاميركي باراك اوباما، تمكن المطعم، من بيع اكثر من 700 كعكة. بدت الفكرة مربحة من الناحية الاقتصادية، الا انها ايضا عكست الى حد كبير تعاطف الفلسطينيين مع اوباما. وحتى صاحب الفكرة، وهو ناصر عبد الهادي، ابو يوسف (45 عاما) صاحب مطاعم زيت وزعتر، فقد صنع كعكة اوباما المدورة على شكل حرف «o»، (اول حرف من اسم اوباما بالانجليزية) لانه يناصر بشدة الرئيس الاميركي الجديد. وقال ابو يوسف، لـ«الشرق الأوسط»: «صنعتها قبل الانتخابات منذ رشح نفسه(اوباما) دعما له، وفي البداية كنت اوزعها مجانا». ويرى ابو يوسف «ان انتخاب الرئيس الاميركي الجديد يعتبر نقطة تحول تاريخية في السياسية الاميركية يجب التقاطها جيدا، اذ لا يكفي ان نظل نردد ان كل الرؤساء الاميركيين سيئون». وقال ابو يوسف الذي بدا سعيدا بإقبال الناس على كعكته الجديدة، «تغيرت اللعبة، الاولوية للمواطن الاميركي اصبحت للاقتصاد وليس للامن، وهم انتخبوا اوباما من أجل الاقتصاد، يريدون خفض اسعار البترول والطاقة البديلة. و«يجب ألا نفوت ذلك، فالدول مصالح وليس صداقات». ومصلحة اميركا الخروج من ازمتها فقد اصبحت مع الدول العربية وليس مع اسرائيل وعلينا ان نلتقط ذلك». وتنتشر شبكة مطاعم زيت وزعتر في معظم مدن الضفة الغربية. جميعها صممت بطريقة تراثية واستخدم في بنائها احجار واخشاب قديمة وتستخدم افرانا قديمة كذلك واواني فخار الى الحد الذي يعتقد معه اي زائر انه يجلس في خيمة او بيت تراثي قديم. «الاكل سياسة» يقول ابو يوسف. «والزيت والزعتر هو الاكل الفلسطيني، ومثل ماكدونالدز بيسوق للهمبورغر، نريد أن نسوق للزيت والزعتر».

اذن ليس مصادفة، اختيار ابو يوسف اسم مطاعمه. انه يفاخر بالزيت والزعتر. وقال «الاكل هو سفير الثقافات، فأكلتنا التراثية، هي الزيت والزعتر، ونفتخر بها». واضاف، «ازكى زيت في العالم هو الزيت الفلسطيني، وهو يضاهي اي زيت آخر، والزعتر مفيد للجسم وينمي الذكاء». ولا يكتفي ابو يوسف باطلاق اسم (زيت وزعتر) على مطعمه فقط، بل ان كل ما ينتجه المطعم المزدحم عادة بالناس، من معجنات، يصنع بزيت الزيتون في «فرن حطب الزيتون» القديم. ويعرض ابو يوسف عدة انواع من المعجنات، بالزعتر، والجبنة، وغيرها. اما ابهى معجناته فهي «معجنة فلسطين»، وكي يعطي ابو يوسف معجناته، معنى اسمائها ويضيف اليها «روحا»، فانه يصنعها من عدة الوان طبيعية. ومثلا، فان معجنة فلسطين تحمل الوان العلم الفلسطيني. وهي مصنوعة من الجبن (الابيض)، والقزحة (الاسود)، والبندورة (الاحمر)، والريحان (الاخضر). وفي حقيقة الامر فان روعة الوان هذه المعجنة تغريك مباشرة كي تتذوقها. وحتى كعكة اوباما، فقد حرص ابو يوسف على ان تحمل كل الوان العرق الاميركي. وقال «جعلناها كعكة مدورة، نسبة للحرف الاول من اوباما، واضفنا اليها جبنة بيضاء، نسبة للاميركيين البيض. وقزحة، نسبة للاميركيين السود. وبندورة، نسبة للاميركيين الحمر. ونعناعا، لان اوباما من مناصري البيئة». تأسست شبكة مطاعم «زيت وزعتر» في نابلس عام 1999، ومن ثم انتقلت الى مدن اخرى. وتحرص مطاعم «زيت وزعتر» على ان تبتكر دائما ما هو جديد، وقبل اعوام صنعوا مجسم كعكة، لفندق «الياسمين» في نابلس، اثر مرور 600 عام على بنائه. وفي العام الماضي، صنع المطعم، مع مجموعة من الشركات الفلسطينية، اكبر صحن «تبولة» في العالم (وزنه اكثر من طن) ودخل الصحن، موسوعة جينيس للارقام القياسية. وقد وضعت التبولة في طبق قطره الداخلي، 3.30 متر وارتفاعه 25 سنتيمترا. واستخدم المطعم لصنع طبق التبولة، 2130 حزمة بقدونس، و400 حزمة نعناع، و70 كيلوجراما من البرغل، و100 كيلوجرام من عصير الليمون، و35 لترا من زيت الزيتون. وكان الطبق يكفي لاطعام حوالي 3000 شخص. وقال ابو يوسف: «كان هدفنا هو أن ندعم المنتجات الفلسطينية وأن يشتري العالم منتجاتنا بمواصفات عالمية وحسب سعر السوق». واضاف: «نعمل دائما مبادرات، حياتنا سياسة، والاكل سياسة، والسياسة بتكسبنا اقتصادا».