القرص.. خبز مغربي بمرتبة الحلوى

رفيق كأس الشاي عند العصر 4

القرص شهي بلونه الذهبي (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

رغم وجود أنواع كثيرة من الخبز والفطائر المعروضة في المخابز، بطريقة مغرية للزبائن، إما محشوة بالشوكولاته، أو الجبن، أو عجينة اللوز. فإن الأصناف التقليدية لا نجد بديلا عنها، ونَحنّ إلى تناولها باستمرار، من بينها «القرص»، فهذا الخبز التقليدي الذي يرقى إلى مرتبة الحلوى، لا نجد أشهى منه على الفطور أو في المساء نتناوله مع كوب من الشاي أو القهوة، خصوصا إذا كان طازجا وخارجا لتوه من الفرن، تفوح منه رائحة المنسمات الطبيعية الزكية، ويكسو وجهه لون ذهبي لماع.

وتنتشر في الأحياء الشعبية المغربية، أعداد كبيرة من المخابز المتخصصة في بيع القرص، تجد إقبالا كبيرا عليها خصوصا في فترة ما بعد العصر. حيث يخرج الناس بغرض التسوق أو التنزه، وفي طريقهم إلى المنزل، يمرون على هذه المخابز لشراء هذا الخبز اللذيذ ليرافق صينية الشاي المسائية، الموعد اليومي الذي لا يتخلف عنه المغاربة.

وفي الرباط تعد مخبزة الملاح، العنوان الأشهر لاقتناء القرص، أو «القراشل» كما يطلق عليه في مدن أخرى مثل مكناس وفاس.

واكتسب هذا المخبز التقليدي أو «الفران» كما يسمى بالعامية، شهرته لأنه قديم في هذا الحي، فهو موجود منذ أكثر من خمسين عاما. وكانت مهمته الأساسية هي طهي خبز الأسر والعائلات القاطنة بالحي، وهي المهمة المستمرة حتى الآن، وإن تراجعت نسبيا بسبب توفر معظم الأسر على الأفران التي تعمل على الغاز في المنازل.

يقول محمد العلاوي، نجل صاحب المخبز، والمشرف على تحضير القرص، إنه يبيع ما بين 200 إلى 300 قرص في اليوم، مشيرا إلى أنه تعلم «الصنعة» على يد والده، مؤكدا أن مدينة مكناس، هي «الموطن» الأصلي لهذا الخبز الحلو، وليست الرباط.

أما سر الإقبال على «القرص» في مخبزه، فيكمن في أنه يحضره على الطريقة التقليدية مثلما يحضر بالمنازل، وإن كان العلاوي يستعمل الآلات لمزج العجين، في حين أنه يحضر يدويا في البيوت. ولا تختلف طريقة تحضير القرص كثيرا عن طريقة تحضير الخبز المغربي العادي، الذي يرافق الطاجين، غير أن ما يميزه هو أنه لا يقتصر على الدقيق والملح والماء والخميرة، بل يضاف إليه البيض، والحليب، والسمسم المطحون، والنافع، وحبة حلاوة، وروح الزهر، والسكر، كما يمكن إضافة قليل من الحليب حسب الاختيار، فيمزج العجين جيدا، ثم يقطع على شكل كريات صغيرة، تترك حتى تختمر ويتضاعف حجمها، ثم تدهن بصفار البيض، وترش بحبات السمسم أو السكر، وتدخل إلى الفرن لتطهى حتى يصبح لونها ذهبيا.

ونظرا لمذاقه اللذيذ يمكن تناول القرص لوحده، أو بعد إضافة الزبدة والمربى أو الجبن.

ولا يقتصر مخبز العلاوي على بيع القرص فقط، بل كشأن معظم المخابز التقليدية، تجد أنواعا أخرى من الحلويات التقليدية البسيطة، التي ترافق الشاي، أو كما يسميها المغاربة «دواز أتاي»، وهي «الفقاص» وهو شبيه بقطع البسكويت يمزج بالسمسم واللوز، والنافع، و«الغريبة البهلة»، وهي حلوى بسيطة للغاية تحضر بالدقيق والسكر والزبدة، وقليل من السمسم.

تقول إحدى الزبونات، إن معظم النساء لم يعد لديهن الوقت لتحضير الحلويات التقليدية في البيوت، سواء العاملات والموظفات، أو حتى ربات البيوت، وبما أنها تباع جاهزة في المخابز، فالإقبال يتزايد عليها، أكثر من السابق. إلا أنه في المناسبات مثل الأعياد، فيصبح من الضروري تحضيرها في البيت كجزء من طقوس الاستعداد لاستقبال الأعياد، وهو تقليد متوارث عن الأمهات.