الرمان.. قصته وتاريخه وفوائده

تضم حلب ثلث عدد أشجاره في سورية

الرمان من الفاكهة الصحية جدا
TT

احتفل في منتصف شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي في مدينة حلب بمهرجان لشجرة الرمان من خلال عروض كرنفالية ومعارض لأنواع الرمان ومنتجاته ولوازم زراعته رافقها محاضرات وندوات عن آخر المستجدات في تطوير زراعته وثماره وتحويلها إلى منتجات لذيذة المذاق. والحلبيون المعروفون بمطبخهم الشهير كانوا السباقين للاحتفاء بالرمان ومعهم الحق في ذلك، فريف حلب يضم لوحده أكثر من ثلث عدد أشجار الرمان في سورية حيث يوجد فيه 930 ألف شجرة من أصل مليونين وسبعمائة ألف شجرة رمان في سورية وتنتج هذه الأشجار 20 ألف طن من ثمار الرمان من مجمل الإنتاج السوري البالغ 60 ألف طن.

وثمار الرمان الشهيرة بقشرتها السميكة والتي تخفي ما بينها حبات ذات أحجام مختلفة وتتميز بلون يتماوج ما بين الاحمر الزاهي والزهري الفاتح والمائل للبياض ومذاقها لذيذ يختلف بحسب اللون والنوع. فهناك المذاق الحلو الذي يرغبه محبو السكريات والحلويات وهناك الطعم الحامض الذي يستعمل في تحضير دبس الرمان ويتناوله متبعو الحميات الغذائية الخاصة، وهناك الطعم اللفان والذي يرغبه معظم محبي الرمان كونه يتميز بمذاق معتدل ليس حامضا وليس حلوا.

وتعتبر ثمار الرمان من أفضل فواكه المائدة الخريفية حيث تنضج أواخر فصل الصيف وطيلة أشهر فصل الخريف ويتم تناول حباتها اللذيذة بعد فتح الثمرة وتقطيعها لعدة قطع حيث تظهر الحبات الحمراء والزهرية لتقوم بعدها سيدة المنزل بفرط الحبات من بين قشور بيضاء رقيقة تبطن قشر الثمرة السميكة وهذه القشور تحتضن حبات الرمان بشكل هندسي جميل وكأنها لوحة تشكيلية أبدعها فنان حديث (تجويفات وأخاديد وسواها) وتؤكل الحبات مباشرة أو يتم استخلاص عصير منها بعد إضافة قليل من السكر له في حال كان من النوع اللفان أو الحامض، كذلك تستخدم الدمشقيات حب الرمان كما هو بإضافته للتبولة حيث يعطيها نكهة جميلة، فيما النساء الحلبيات يضعنه مع حشوة الكبة المشوية حيث يضاف للحم والجوز أو الصنوبر فيعطيها مذاقا ممتازا. ولكثرة عشق البعض من نساء دمشق للرمان فإنهن يعملن على فرط كميات كبيرة منه في موسم ثماره ويعبئنها في أكياس خاصة كمونة ويحتفظن بها في ثلاجة المنزل ليستفدن منها في فصل الشتاء والربيع، كما أن العديد من ربات البيوت يجففن ثمار الرمان كما هي ويعلقنها في مطبخ المنزل حيث تبقى بشكلها الحي ولا تفسد حوالي ثلاثة أشهر ولكن بشرط أن تكون من النوع الحامض حيث إن نوعي اللفان والحلو لا يمكن الاحتفاظ بهما وتجفيفهما لانهما يفسدان بسرعة. كما يصنع من حب الرمان ما يسمى(دبس الرمان) الذي يستخدم كمنكهات في الطعام والسلطات والفتوش بشكل خاص ويحضر إما منزلياً أو من خلال حرفيين مختصين بتصنيع الدبس بأنواعه(الرمان والعنب والتمر وغيره) ويتم تحضير دبس الرمان من ثمار الرمان الحامض فقط باستخلاص الحب من الثمار ثم تهرس الحبات وتعصر وتصفى من خلال قماش أبيض رقيق ويوضع العصير على نار هادئة حتى يصل مرحلة الغليان ويتحول لمزيج لزج ومتماسك وبعدها يترك حتى يبرد ومن ثم يعبأ في قوارير زجاجية ليستخدم فيما بعد في جميع الفصول. ويذكر الباحثون والمختصون ومنهم الأكاديمي الدكتور نزال الديري أن الرمان الذي تؤكل ثماره واسمه العلمي:( punica granatum ) في حين هناك رمان الزينة واسمه العلمي:( punica granatum florepleno) حيث يزرع لجمال أزهاره ذات التويجات المتعددة الحمراء اللون. والرمان شجرة متساقطة الأوراق صغيرة الحجم يعتقد بأن أول وجود لها كان في إيران والمناطق المجاورة من حوض البحر الأبيض المتوسط والدول العربية ويؤكد المختصون أن الرمان نبتة قديمة ورد ذكرها في الكتابات السنسكريتية والتوراة والفرعونية وكان يعرف الرمان في مصر باسم ارهماني ثم اشتق منه الاسم القبطي(أرمين أو رمن) ثم الاسم العربي رمان وذكر في القرآن الكريم بقوله تعالى «فيها فاكهة ونخل ورمان» كما يطلق عليه في اللغة اللاتينية اسم pomegranate حيث اشتق منها اسمه العلمي وتعني باللاتينية( التفاح عديد البذور). وتبدأ شجرة الرمان بطرح الثمار بدءا من السنة الثالثة وتصل إلى قمة الإنتاج بعمر 15 سنة وتعيش أحياناً حتى عمر 50 عاماً وتعطي الشجرة الجيدة حوالي 200 ثمرة. ومن أصناف الرمان المعروفة في بلاد الشام هناك: الأصناف الحلوة ومنها: الماوردي وبنت الباشا والمليسي والطرابلسي والصيفي وأبوحلقوم والشوكي والأسود وهناك الرمان الحامض العادي والرمان اللفان ويتميز بثمار كبيرة وزوايا بارزة شقراء اللون وحباتها حلوة حامضة وذات لون احمر.

ويؤكد الباحثون في مجال الصحة والغذاء أن للرمان فوائد غذائية وصحية كثيرة جداً في حال تناوله كحب أو كعصير أو كدبس فهو منشط لعضلة القلب ويحميه من التجلط وهو يقي المعدة من كثير من الأمراض كما انه يعالج قرحات المعدة، وحتى لبّه الداخلي الأبيض وهو عادة ذو طعم مر ولكن يمكن استخلاص أدوية منه أو يؤكل لعلاج أمراض المعدة وللوقاية من مرض السكري، كما أن عصيره مقو للجسم البشري ومنشط للدورة الدموية ومغذ للأعصاب.