الحمص يغزو الولايات المتحدة بنكهات غريبة

مجدي وادي: عندما أعود إلى الوطن سيطلقون علي النار لما فعلته بالحمص

TT

«عندما أعود إلى أرض الوطن، سيطلقون النار علي بسبب ما فعلته بالحمص»، هكذا قال مجدي وادي بينما كان ينتظر طائرة ينطلق عليها إلى لوس أنجليس، حيث سيجتمع مع مسؤولين تنفيذيين من «كوستاكو» ليعرض عليهم قائمة شركته التي تضم 14 صنفا من الحمص بنكهات مختلفة، من بينها الثوم والسبانخ.

وكان وادي يعني بكلمة «الوطن» دولة الكويت، حيث ولد، والأردن، التي هاجر منه عام 1994، وهي أماكن يكون الحمص فيها عادة عبارة عن حمص مهروس مع الطحينة والثوم، لا أكثر.

وقد قام وادي، الرئيس التنفيذي لـ«الأرض المقدسة» المتخصصة في إنتاج الأطعمة، خلال الأعوام القليلة الماضية بتنويع أطباق الحمص وأضفى عليه جاذبية من نوع خاص. ويقول: «أقدم منتجا أميركيا، وهذا ما يريده الأميركيون. نكهات وأصناف وصلصة الجواكامول».

بدأت شركة «الأرض المقدسة» في مينابوليس عام 1987، وكانت عبارة عن مقهى يبيع أطباق الحمص كشيء جانبي. وفي ذلك الوقت، لم يكن الأميركيون يأكلون الحمص كثيرا. ولفترة طويلة كان يعرض في متاجر الأطعمة الصحية وممرات الأطعمة الخاصة بفئات معينة داخل الأسواق. ولكن، في الوقت القريب بدا أن الأميركيين يرون أن تلك الوجبة الخفيفة القليلة الدهون والتي تحتوي على قدر كبير من البروتين مع القليل من زيت الزيتون ليست شيئا غريبا بدرجة كبيرة. وانضم عمالقة في قطاع الأطعمة إلى سوق الحمص، وفي عام 2008 أصبحت «فريتو لاي نورث أميركا»، وهي شعبة تتبع «بيبسيكو»، مالكة لشركة «صابرا ديبينغ» التي تنتج أكثر من عشرة أصناف من الحمص، ومن بينها صنف مع الصلصة.

وقبل 15 عاما، كانت سوق الحمص تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار، وكان يسيطر على ذلك عدد قليل من الشركات. وفي الوقت الحالي، يسيطر الحمص على مبيعات فئته في الأطعمة، التي تحقق مبيعات سنوية تبلغ أكثر من 325 مليون دولار سنويا، حسب ما تفيد به شركة «سيمفوني آي آر إي غروب» لأبحاث السوق. وأشارت الشركة، التي تتخذ من شيكاغو مقرا لها، إلى أن المبيعات ارتفعت بمقدار أكثر من 18 في المائة خلال العام الماضي.

ويقول بيتر كليبر، مدير التسويق في «يو إس إيه دراي بي آند لانتيل كونسل» داخل إداهو التي تجري أبحاثا عن الحمص وتروج له، إن ذلك كان له آثار على مزارع أميركية. ويضيف كليبر: «قبل عشرة أعوام، كنا نحصل على 90 في المائة من الحمص من خارج البلاد. وفي الوقت الحالي يأتي من الخارج 40 في المائة فقط، ويرجع ذلك كله إلى شهيتنا الأميركية الجديدة للحمص».

ويقول وادي إن أمه ساعدت على إيجاد هذه الرغبة بين الأميركيين. ويشير إلى أنها كانت تحث على الأكل والتذوق، متذكرا مطلع التسعينات عندما كانت فاطمة وادي مسؤولة عن إنتاج ومبيعات الحمص داخل شركة «الأرض المقدسة». وأشار الابن إلى أنها «كانت تعمل في المهرجانات المقامة في الشوارع، وكانت تذهب إلى كل مكان ومعها أطباق الحمص وبعض الخبز الشامي».

وبدأت شركة «الأرض المقدسة» بمنتج بسيط وخطة تسويقية، وخلال الأعوام التي تلت أصبحت كيانا بارزا في سوق الحمص ذات النكهات.

وفي عام 2000، قدمت «الأرض المقدسة» الحمص وعليه الفلفل الحار. وبعد ذلك، قامت الشركة، التي تنتج نحو 100,000 طبق حمص كل شهر داخل سوق الأطعمة الشرق أوسطية، بإنتاج حمص بنكهة الجواكامول. وبحلول أغسطس (آب) القادم، سيعرض مزيجها من الحمص والفول السوداني في المحلات والأسواق. ويقول وادي: «هذا من أجل ابنتي نور، فلم تكن تحسب أنها تحب الحمص، وبعد ذلك قمنا بوضعه في زبد الفول السوداني».

وتنتج شركات أخرى أصنافا من الحمص، وداخل سومرزورث في نيوهامبشير، تقوم شركة «كرازي كامل» بإنتاج ستة أصناف من الحمص المحلى، ومن بينها مزيج من الحمص والكوكا تسميه حمص موس الشوكولاته. وفي كارولينا الشمالية، تقدم «غوود هيلث نتشورال فوودز» من غرينزبورو حمصا بأربع نكهات، ومن بينها جبن فيتا.

وتقوم إحدى الشركات في دينيفر، تستخدم الاسم الإسباني للحمص، ببيع امتيازات «غاربانزو ميديترانين غريل»، التي تقدم أطباق حمص يمكن تزيينها بصوص الكزبرة والفلفل الحار الأخضر.

وربما تغضب هذه الأصناف التقليديين، ولكنها تزيد من مقدار الوعي بالحمص، وتخلق مبيعات. ولهذا نتائج طيبة مع «كوستكو» و«تارغيت»، التي تفكر هي الأخرى في عملية توزيع أوسع، فيما ستصبح «الأرض المقدسة» علامة وطنية أيضا.

ويقول وادي: «نتحرك بالقرب من الشركات الكبرى. وتساعدنا هذه الشركات على ذكر قصتنا. ومن خلال الإعلانات التلفزيونية، سوف نعرّف الأميركيين وضع الحمص على البطاطس المخبوزة بدلا من سور كريم».

وللوهلة الأولى، تبدو مينابوليس مكانا غريبا بالنسبة لشركة يملكها مسلم تبيع أطعمة مستوحاة من الشرق الأوسط. ولكن تشترك الثقافات في روابط معينة.

ويقول وادي: «يهتم المسلمون بالسلوكيات والقيم، ونحن مخلصون للعائلة أيضا». وتأتي أمه في معظم الأيام للتأكد من أن مدير الإنتاج سامر وادي، شقيقه الأصغر، ملتزم بوصفتها، على الأقل في منتج الحمص الأساسي داخل «الأرض المقدسة».

وبدأت «الأرض المقدسة» كمطعم وبقالة صغيرة، ولكن بعد العديد من التوسعات تعمل كملتقى طرق حيث يشتري الأتراك القهوة معها حب الهال ويبحث الإثيوبيون عن الإنجيرا، فيما يتوجه المصريون إلى جزار لشراء لحم الجمال المخلية من اللحم.

وفي الجوار، وداخل منشأة حديثة يدير سامر وادي عملية إنتاج الحمص داخل «الأرض المقدسة». وتبدأ كل نصف ليلة بالحمص المجفف، الذي ينقع في المياه طوال الليل. ويتم غلي الحبوب، وبعد ذلك توضع النكهات بنفس الصورة التي يقوم بها العامل بمحل الآيس كريم.

وداخل «الأرض المقدسة» يكون الحمص مختلفا بدرجة كبيرة. وتبيع عائلة وادي الحمص مع الفول إلى المصريين المعتادين على أكل بوريه مع هذه الحبوب. ويبيعون الحمص اليوناني في عبوات مزينا بالخيار. وقريبا، تخطط العائلة لتقديم الحمص مع فلفل هابانرو للصوماليين الذين يريدون شيئا حار.

وتعد القدرة على التكيف من الأشياء التي تجعل الحمص يحقق مبيعات جيدة داخل الولايات المتحدة.

ويصف مينا بينا، مدير العلامة التجارية داخل شركة «صابرا ديبينغ»، استراتيجية التسويق للحمص على النحو التالي: «خذ شيئا جديدا إلى المستهلك الأميركي مثل الحمص، وأضف بعد ذلك المحتويات التي يعرفونها ويحبونها مثل الطماطم المجففة بالشمس».

ومن الأسباب الأخرى، كما يقول سامر وادي، خلو المنتج من الكولسترول. وقد ظهرت مطاعم تقدم الحمص خلال الأعوام الأخيرة في مينابوليس مثلما هو الحال داخل الكثير من الولايات، ويعد ذلك شيئا بارزا. ومن المعروف هنا أن السكان المحليين منفتحون ومستعدون لتجربة الأذواق المختلفة.

وقال ميا بولت، بينما كان يتسوق في «ويدج»، وهي جمعية تعاونية داخل مينابوليس كانت من أوائل تجار التجزئة لـ«الأرض المقدسة»: «نريد تجربة الأشياء الجديدة، ونريد الغريب. وربما يكون الحمص هو كل ما نستطيع القيام به».

ويعتقد مجدي وادي أن الحمص يمثل منتجا بارزا. ويتحدث عن الحمص كجسر يسد الهوة بين الأصالة والدين والثقافة. وليس هو الوحيد الذي يرى ذلك. وفي مقطع فيديو على «يوتيوب» تحت عنوان «حمص: الراب» يغني ريمي منصفي، وهو كاتب أغان من فرجينيا، بينما يستخدم علبتي حمص مثل البونغو.

ويقول منصفي، الذي ولد لأم لبنانية وأب عراقي: «الآن صفق بيديك بسرعة إذا كنت تعتقد أن الحمص الأفضل». ويمكن استخدام الراب كأغنية لـ«الأرض المقدسة». أو لدعوة لجميع الشعوب إلى تناول الحمص. وقال وادي، قبل أن يستقل طائرة إلى كاليفورنيا: «كل شيء ممكن، ويمكننا تحقيق الكثير من خلال الحمص».

* خدمة «نيويورك تايمز»