تاكاكو فوجيتا: السوشي من أهم مأكولات رأس السنة الميلادية

أشهر طاهية يابانية في ضيافة المطبخ المصري

عبد الكريم الجهيمان و عبد الله الغذامي و عبد الله بن خميس
TT

مع اقتراب رأس السنة الميلادية، استضافت مصر الطاهية اليابانية الشهيرة «تاكاكو فوجيتا»، وذلك لتقديم محاضرة عن مأكولات رأس السنة التي تعتبر أهم وأكبر مناسبة للطعام في اليابان، كما قامت بعرض أهم المأكولات اليابانية وعلاقتها بالمناسبات المختلفة، إلى جانب الحديث عن أسرار «السوشي» وأسباب تفوق المطبخ الياباني عن غيره، واحتلاله الصدارة بجوار المطابخ العالمية الأخرى، مثل المطبخ الفرنسي.

تقول تاكاكو لـ«الشرق الأوسط»: «إن فنون الطبخ في اليابان ترتبط بفصول السنة والأعياد أو المناسبات طوال العام، حيث تعيش اليابان ثلاث مناسبات طوال العام يتغير ألوان الطعام فيها وشكله، بحسب كل مناسبة، حيث يكثر طبق شوربة الجندوفلي في 3 مارس (آذار)، وهو عيد العرائس أو عيد البنات، حيث إن قوقعة الجندوفلي تنقسم إلى قشرتين لا يمكن أن تنطبق كل قشرة إلا مع مثيلتها من نفس القوقعة؛ تيمنا بتحقيق أمنية أن ترتبط كل فتاة موجودة في المنزل بشريك حياتها الذي يوافقها في ميولها وفكرها. ويعتبر هذا التاريخ هو عيد نمو الفتاة؛ حيث يزين البيت بالعرائس، كما يصنعون عرائس من الورق ليقوموا بقذفها في النهر بعد ذلك للتخلص من أحداث سيئة وشرور قد تلحق بالفتاة الموجودة بالمنزل».

أما المناسبة الثانية فتوافق 5 مايو (أيار)، وهو يوم الحرب، ويأخذ فيها «السوشي» شكل الحراب الحربية والخوذ أحيانا باستخدام نوع من أوراق الشجر التي تشبه الرماح، وذلك ليمنح من بالمنزل مزيدا من القوة والبأس.

أما المناسبة الثالثة فهي رأس السنة الميلادية، التي تعتبر بحسب تاكاكو أهم وأكبر مناسبة في اليابان للطعام، حيث يتم فيها تقديم قرابين من الطعام للشمس والرياح والنار والسماء والماء؛ اعتقادا أن تقديمها يجلب السعادة طوال العام، ويتم عمل «سوشي» خاص لتلك المناسبة، حيث يستخدم فيها فول الصويا، ويقال له «mami»، ليمنح أطفال المنزل الذكاء، وبيض السمك ليكون بيتا مثمرا ومليئا بالأطفال، وسمكا صغيرا كان يستخدم كأسمدة للأرض، ليدل على حياة مثمرة، وليمنحهم موسم حصاد غزير للأرز أهم محصول لديهم، كما يستخدم الجمبري في السوشي الخاص بتلك المناسبة، ليمنحهم أمنية أن يعيشوا كثيرا حتى تنحني ظهورهم مثل انحناء الجمبري، كما يستخدمون نوعا من الجمبري ذهبي اللون ليمنحهم الذهب والثروة، بالإضافة إلى استخدام نبات «osechi»، وهو نبات به فتحات كثيرة ليمنح الذي يأكله الرؤية الثاقبة، وبعض النباتات الأخرى علامة على قوة التخصيب. كما يقومون في هذه المناسبة بصناعة رموز ترمز للآلهة من عجينة الأرز، ويستخدمون أفرع شجر الصنوبر في البيت، وهي متدلية على الجدران لتدل على قرب تلك الآلهة منهم.

أما فيما يخص طعام فصول السنة، فتوضح تاكاكو أنه في الربيع يغلب على الأكل الألوان الصفراء والألوان المبهجة والمستمدة من زهرة الأقحوان الصفراء أو زهرة الذهب، اعتقادا أن من يتناولها ستخلص جسده من بعض السموم وتمنح العمر طولا أكثر، أما في الصيف يغلب على الأكل الألوان الحمراء والصفراء، بينما يغلب عليه اللون الأخضر في الخريف، لأنه موسم الحصاد في اليابان، كما يقدم بجوار كل أكلة أزهار تدل على أحد فصول السنة التي يعيشونها وقت تناول تلك الأكلة.

وعن أهم ما يميز الطعام الياباني، تقول تاكاكو إنهم يفضلون في اليابان طبخ الطعام الطازج، والمرتبط بالموسم الذي يعيشون فيه، وأن معظم طعامهم مرتبط بالبحر والجبل، أي يقوم على طهي كل ما هو طبيعي، وما يمنحهم البحر من خيرات، كما أنهم لا يميلون إلى استخدام التوابل، لأنهم يريدون الاستمتاع بمذاق الأكل ذاته، وليس التوابل التي تضيع الطعم الأصلي للأطعمة، مضيفة: «دائما ما نفكر في الشخص الذي سيتناول الطعام كي نستطيع أن نمنحه أفكارا تجعله يستمتع بطعم الأكل وتزيل أي عقبة أمامه في توصيل تلك المتعة له، كتقطيع الطعام الذي يصعب مضغه على سبيل المثال بشكل غير مرئي من الداخل كي يسهل مضغه وهضمه أيضا».

وعن أسرار شهرتها العالمية، أوضحت تاكاكو: «أهم شيء هو أنني عندما أطهي أي طعام أضع نفسي مكان الشيء المطهي، أي أكون في أفضل شكل كي يستمتع بي من يتذوقني، فلو كنت أطهي (جمبري) على سبيل المثال؛ فإنني أتقمص شكل الجمبري وأتخيل كيف لي أن أظهر في أحلى شكل، بالإضافة إلى أنني أمنح كل أكلة وقتها في التحضير والطهي، ولا أستعجل عليها مهما كانت بسيطة».

وقد لاقت محاضرة الطاهية العالمية، التي جاءت بدعوة من المؤسسة اليابانية بالقاهرة، إقبالا كبيرا، نظرا لشهرتها، ليس على مستوى اليابان فقط، وإنما على مستوى دول كثيرة، حيث إنها ليس فقط تعد الطاهية رقم واحد في اليابان، بل إنها معروفة خارج اليابان أيضا، حيث إنها تدير مدرسة مشهورة ومتخصصة لدى المهتمين بفنون الطهي الياباني في طوكيو لتعلم من خلالها الرجال والنساء من جميع الأعمار أن يتفهموا حقائق الطهي الياباني الأصيل، ولتنقل معرفتها العميقة بالمأكولات اليابانية الموسمية وثقافة الاحتفال بالأعياد اليابانية عن طريق الطهي، بالإضافة إلى تقديم مختلف الوصفات في البرامج التلفزيونية والمجلات والدورات التعليمية.

وأشادت تاكاكو بالطعام المصري الذي يعبر عن تراث المصريين، ومرونته في استقبال الأكلات الجديدة، مبينة أن ذلك هو فلسفة الأكل في اليابان، وهو ما جعلها ترحب بعرض أسرار طهيها بالقاهرة، وموضحة أن أحلى طبق لدى المصريين يحبونه في اليابان هو «بابا غنوج»، وهو مقبول لدي الكثيرين من اليابانيين، بينما يتشابه طبق البليلة في مصر مع طبق شهير لدى اليابانيين، في حين يعد طبق البطاطس باللحمة هو أشهر طبق لدى اليابانيين، مثل صينية البطاطس باللحمة في مصر، ويأتي بعده السوشي.

وأمام عدد كبير من المصريين قامت تاكاكو بطهي ثلاث وجبات شهيرة، هي طبق الدجاج والباذنجان بصوص السمسم، وطبق القرع العسلي على شكل زهرة الذهب (الأقحوان)، وأخيرا «سوشي القوالب».