كتاب جديد يصور مارلين مونرو في المطبخ

وصفة كتبتها بخط يدها تثبت أنها كانت طاهية محترفة

TT

قد تبدو صورة امرأة شديدة الجاذبية وهي تستعمل السكين وتقف في المطبخ أمرا مستحيلا، وبالعودة إلى خمسينات القرن الماضي، لم يكن من المتوقع أن تبدد نجمة من نجمات هوليوود مواهبها (أو تخاطر بجمال أظافرها) من أجل أن تقوم بتقطيع البصل وإعداد الطعام.

لكن كتابا جديدا، يتضمن وصفة بخط يد النجمة فائقة الشهرة مارلين مونرو التي تشير إلى أنها لم تكن فقط تقوم بالطهي بصورة عادية بل بثقة وبفن.

يجمع كتاب «شذرات» الصادر حديثا (عن دار النشر «فارار ستراوس وجيرو»، الذي يباع بسعر 30 دولارا) رسائل متنوعة وقصائد وأغلفة رسائل كتبت عليها النجمة الشهيرة وتغطي الفترة من زواجها الأول عام 1943 حتى وفاتها في 1962. وتعود معظم المواد المتضمنة في هذا الكتاب، إلى أواخر خمسينات القرن الماضي، عندما كانت مارلين في أوج شهرتها وعندما انتقلت إلى نيويورك وتزوجت آرثر ميلر وتعرفت على لي ستراسبرغ ورابطة «أكتورز استوديو» الخاص بالفنانين المحترفين التي كان يرأسها. محاولات مارلين المؤثرة لتأكيد الجانب الفكري في شخصيتها هي التي جذبت الانتباه إلى هذا الكتاب ومحتواه، ولكن الوصفة التي جاءت في الصفحة رقم 180 كانت أكبر تأكيد وتوضيح لهذا الجانب. مكتوبة على ورقة كان قد كتب على رأسها عنوان شركة التأمين، فإن هذه الوصفة تشرح بشيء من التفصيل كيفية إعداد حشو الدجاج أو الديك الرومي. الوصفة تحتوي على عدد كبير من المكونات (11 مكونا، وليس من ضمنهم خمسة أنواع من الأعشاب والبهارات، أو الملح والفلفل)، بالإضافة إلى «ثلاثة أنواع من المكسرات وثلاثة أنواع من البروتينات الحيوانية». ومن غير التقليدي للحشو الأميركي استخدام خبز نقع في الماء ثم جفف وقطع إلى أجزاء صغيرة، وكذلك في افتقارها إلى الدهون والمرق والبيض المضاف أو أي مواد حافظة أخرى.

كما تحمل توازن لا لبس فيه بين الاستفاضة الزائدة والمرونة التي تعتبر من السمات المميزة للطهاة ذوي الخبرة والثقة، طهي حوصلات الطائر كل على حدة ويحمر اللحم (من دون استخدام زيت). وقد تركت بعض التفاصيل الأخرى غير واضحة، فلم تحدد كمية التوابل. كما أن هناك تعليمات مثل «ضع حفنة» من الجبن الرومي المبشور غير واضحة بما يكفي، لكن ماذا سنفعل في السطر الأول من الوصفة.. «لا تضع ثوما»؟

بالنسبة إلى المشتاقين لإعادة إنتاج الوصفة مثلنا، كان هذا تحد لم نقدر على مقاومته، وخصوصا أننا مقبلون على موسم الذروة للأكل الذي يحتاج إلى حشو. وكان هدفنا هو ملء الفراغات وإنتاج وصفة الحشو التي يمكن لأي شخص أن يقوم بها بصورة تامة بنجاح. فمن بين كل الهدايا التذكارية الخاصة بحياة مارلين مونرو، كانت هذه الوصفة هي ما نريد حقا.

وقد اتفقنا منذ البداية على تبني الفترة التي كتبت فيها هذه الوصفة، وقاومنا إغراء بالاستبدال بإكليل الجبل الطازج والزنجبيل مجموعة من الأعشاب الجافة. ووفقا لكتاب «شذرات» فإن هذه الوصفة تعود إلى عامي 1955 و1956، عندما كانت مارلين تعيش في شقة في 2 ساتون بليس. وقد حصلنا على مجموعة من الصور لمارلين وهي تطوف على الممرات في دغيستينوا في ثوب من كريب وحذاء بكعب عال، لتقوم بشراء الخبز وكل هذه العبوات التي تحتوي مجموعة متنوعة من الأعشاب الجافة. لكن جوهر الخلاف الحقيقي - مزيج من أعشاب المريمية والبردقوش والزنجبيل وجوزة الطيب بدلا من توابل الدواجن التجارية المعتادة - كان فيما يحدث عادة في مثل هذه المنتجات.

وثمة استدعاء آخر للحكم لتفسير عبارتها «الجوز/الكستناء/الصنوبر، كوب واحد مكسرات مطحونة» على أنها كانت تقصد ثلث كوب من كل نوع من هذه المكسرات. وبدت ثلاثة معايير صغيرة من كل واحدة غير مقبولة، لكن مارلين لتحديد كمية البقدونس تجعلها مساوية لكمية البصل والكرفس، التي تقدر بكوبين لكل منهما.

الشيء الأكثر إثارة للحفيظة في هذه الوصفة هو ما تحتويه من مبالغة، فقد كنا في حاجة إلى أكثر من ساعتين لكي نضع العجين المخمر في الماء ونقوم بتقطيعه (ولكي نكون منصفين، العجين المخمر قطع نفسه بنفسه تقريبا)، ثم نقوم بتقشير البيض ونضع الكبد المسلوقة في الماء، ونقوم بتحمير لحم البقر، وتقطيع الفلفل وطحن وإعداد المكونات. وعندما وضعت هذه المكونات أخيرا مع بعضها البعض ملأت 15 طبقا وسلطانية. والسؤال: هل كان لدى مارلين حقا كل هذا الوقت؟

وعندما قمنا بحذر شديد بوضع كل شيء معا في وعاء أكبر (ملأت هذه الوصفة أكثر من 20 كوبا)، ودهشنا لاكتشاف واحدة من أجمل الوصفات التي واجهتنا. العناصر الفردية في هذه الوصفة، مثل وجود الكثير من الزبيب والبيض المقطع، كان لها تأثير مفاجئ، وقد أعطت المزيج لونا لطيفا به الكثير من التناقضات. وعلاوة على ذلك، فقد كان المزيج لذيذا، وكان به توازن جميل بين الخضراوات واللحوم والتوابل الجريئة والطعم الحلو للزبيب. وحتى الملمس كان مميزا، ورقيقا، أي أصبح مزيجا رطبا وحسنا معبأ في تجويف الدجاج. وأجريت اختبارات لاحقة على هذه الوصفة ولكن بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة ولكن العبقرية (والحجم الضخم) للوصفة الأصلية ظلت كما هي.

وسألنا آن مندلسون، وهي مؤرخة تغذية ونشرت لها صحيفة «نيويورك تايمز» مقالات في السابق، إذا كانت تستطيع تحديد أهم ما في هذه الوصفة. وقد أعربت مندلسون عن إعجابها بالخبز المنقوع في الماء، وافتقارها إلى النباتات واستخدام الجبن الرومي ومزيج التوابل الشديدة. وقالت إنها أرجعت مصدر هذه الوصفة إلى سان فرانسيسكو، وذلك بسبب العنوان الذي كان مكتوبا على الخطاب الذي به الوصفة (شارع سوتر) والخبز المنقوع في الماء، لأنه لم يكن معروفا خارج منطقة الخليج خلال فترة مارلين. ورأت مندلسون أن هناك لمسات على ما يبدو ذات «طابع إيطالي» مثل كمية الزبيب الكبيرة، والجبن الرومي المبشور، والصنوبر والجوز والتوابل. وكتبت مندلسون في رسالة عبر البريد الإلكتروني قائلة: «خلال حياة مارلين، كانت توابل الأوريغانو غير مألوفة لكثير من الطهاة غير الإيطاليين، وكذلك لم يكن استخدام عشبة إكليل الجبل في حشو الدجاج معتادا».

وكانت هناك دلائل على طلاقة مطبخ مارلين في بيع آثارها الشخصية في صالة «كريستي» للمزادات في عام 1999، حيث تم بيع اثنين من كتب الطهي الخاصة بها وكان الكتابان مهترئين وبهما شروح على الهوامش: الكتاب الأول هو «فاني فارمر بوسطن لمدرسة الطهي الحديثة» (كتاب لجميع الأغراض كما كانت الكتب في النصف الأول من القرن الـ20)، إصدار 1951 وطبعة 1953 من كتاب «جوي للطهي» (الذي احتفظ بنفس العنوان للنصف الثاني من القرن الـ20). ولم نتمكن من العثور على هذه الوصفة للحشو في أي من الكتابين (وقد بيع كتاب «فاني فارمر» مقابل 13800 دولار، بما في ذلك العمولة، وبيع «جوي» مقابل 29900 دولار، كما بيعت مجموعة أواني مارلين المصقولة واللمعة مقابل 25300 دولار).

ولذلك فنحن نتساءل: ما الرابط بين مارلين مونرو وسان فرانسيسكو والمطبخ الإيطالي؟ مثل أي محب لمارلين يعرف عن ظهر قلب، أنها تزوجت من جو ديماجيو في قاعة مدينة سان فرانسيسكو في 14 يناير (كانون الثاني) 1954. واستمر هذا الزواج لتسعة أشهر، وهي الفترة التي عاشت معظمها مع ديماجيو في بيت كبير في شارع يقع على شاطئ منطقة مارينا. وكان والده من الجيل الأول من المهاجرين إيزولا ديلي، القادمين من الساحل الشمالي لجزيرة صقلية، حيث كان أقاربه يعملون في صيد الأسماك.

هل يمكن أن تكون مارلين قد تعلمت هذه الوصفة، أو على الأقل، بعض نصائح الطهي، من أهل ديماجيو؟ فالصنوبر والجوز والزبيب والجبن الرومي في هذه الوصفة تشير إلى صقلية. ثم إن هناك أيضا جولتن جو، التي كانت حريصة على الاندماج في المجتمع الأميركي، كان معروفا لدينا أنها لا تلح إلا على طلب واحد عند إعداد الطعام، وهو: لا تضعوا ثوما.

* خدمة «نيويورك تايمز»