لكل مناسبة تقليد وطبق

حلوى المناسبات الدينية

TT

تختلف طرق الاحتفال بالمناسبات الدينية حول العالم، ففي حين ينتقي الناس في الولايات المتحدة أفضل ثمرات اليقطين (القرع العسلي) لإخافة الأطفال الذين يطرقون أبواب منازلهم طلبا للحلوى احتفالا بذكرى الأموات، يقضي أغلب الناس في أميركا الجنوبية وإسبانيا يومهم في زيارة المقابر وسط فرح ممزوج بالألم، ويتجمع أفراد الأسرة ويطهون الحلوى المخصصة فقط لهذه الأيام.

ولا يخلو منزل في إسبانيا بشكل خاص في عيد القديسين الذي يوافق 1 نوفمبر (تشرين الثاني) من خزانة فيها حلوى «عظام القديس» أو «الفطائر المقلية» أو «بانيلتس» بحسب المنطقة حتى يصبح اليوم ذكرى لا تنسى.

قبل أسبوع من عيد جميع القديسين تزخر واجهات متاجر الحلوى بكميات كبيرة من الحلوى المصنفة بحسب النكهة، في حين يقف طابور طويل من الزبائن أمام الأبواب في انتظار دورهم حتى يتمكنوا من تناول بعضها.

ما أصل هذا التقليد؟ يقال إن الناس كانوا يتناولون في الماضي هذا النوع من الحلوى لتخفيف ألم فراق أقاربهم المتوفين، لكن أصبحت الحلوى تمثل اليوم نشاطا مهمّا لهذا القطاع، وتقليدا لطيفا ومصدر جذب للسياح.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد علب حلوى «عظام القديس» التي تبيعها متاجر الحلوى في مدريد وحدها سنويا يصل إلى 60.000 وهذا ما يحدث أيضا في كتالونيا التي تباع فيها حلوى «بانيلتس» في كل المتاجر إلى جانب حلوى «بونيلوس».

المكونات الأساسية لكل هذه الأنواع من الحلوى هي اللوز والسكر والبيض والدقيق، لتعطي أصنافا حلوة المذاق! وأغلب هذه الأصناف محشوة بالشوكولاته أو الكريمة ويبتدع البائعون نكهات جديدة مثل جوز الهند والفراولة والزبادي.

* حلوى «سينتس بونز (عظام القديس)»

* هي حلوى رقيقة مشهورة في مدينتي كاستيلا ومدريد وتشبه عجينة الـ«مرصبان» التي يشيع تناولها في أعياد الكريسماس. يقال إن العرب قد حملوا هذا النوع من الحلوى إلى إسبانيا، حيث يستخدمون اللوز والسكر في الحلوى التي يصنعونها، فمن السهل العثور على أنواع مماثلة من الحلوى مربعة الشكل ومزينة باللوز في شمال المغرب.

وتدخل البطاطس أيضا في صناعة هذا النوع من الحلوى وتمنحها نكهة مميزة. يقال إن هذه الحلوى قد ظهرت في بداية القرن السابع عشر بوصفها طريقة أخرى لتحضير عجينة الـ«مارزبان».

إن مذاقها حلو للغاية لاحتوائها على كمية كبيرة من السكر، لذا قد تثير الغثيان قليلا، لكنها مع ذلك غالية الثمن لأنها تصنع يدويا ولا يخلو منها بيت في العاصمة الإسبانية.

* حلوى «بونيلوس»

* تعد حلوى «بونيلوس» أكثر أنواع الحلوى انتشارا بحيث يستطيع أي شخص إيجادها في إسبانيا في أي مكان حتى في أصغر قرية، وكان هذا النوع من الحلوى يقدم في الماضي دون أي حشو، لذا كان يطلق عليه «بونيلوس أوف ويند» (لخلوها من الداخل)، بينما الأصناف التي تقدمها محال الحلوى اليوم محشوة بالشوكولاته أو الكريمة أو بحشوة مصنوعة من صفار البيض والسكر، فكل الأفكار مقبولة.

تصنع هذه الحلوى من الدقيق والسكر وتترك لمدة ساعتين أو ثلاث لتختمر ثم تصنع على شكل كرات وتحمر في الزيت وتقدم في طبق مع السكر.

يقال إن أصل حلوى «بونيلوس» يعود إلى أزمان قديمة، حيث يصر بعض المحققين على القول بأن هذه الحلوى ظهرت في عهد الإمبراطورية الرومانية عندما كان الرومان معتادين على تحمير كرة من العجين وتناولها كنوع من الحلوى، في حين يقول البعض الآخر إن المكونات وطريقة الطهي أقرب إلى المطبخ العربي منها إلى الروماني، وقد أوردنا إشارات إلى عادة العرب الذين عاشوا في غرناطة وكانوا يعدون هذا النوع من الحلوى مع العسل الساخن في القرن السادس عشر.

وتباع حلوى «بونيلوس» الآن بنكهات مختلفة مثل «سينتس بونز» تماشيا مع الموضات الجديدة وقد تكون أكثر رواجا منها لأنها أنعم وأرخص مع أنها حلوى تمنح الجسم الشعور بالدفء في الأيام الأولى من فصل الشتاء ربما لاحتوائها على الكاكاو باللبن أو القهوة الساخنة.

* حلوى «بانيلتس»

* إنها حلوى تميز كتالونيا في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي حلوى صغيرة مصنوعة من عجينة المرصبان والسكر والبطاطس والليمون والبيض ومغطاة بالصنوبر بحسب التقاليد.

لكن حلوى «بانيلتس» تقدم في متاجر الحلوى وهي مغطاة باللوز وجوز الهند والزبيب والفراولة وأيضا الينسون بحسب ذوق الزبون، وتبيع المتاجر الأكثر عصرية حلوى «بانيلتس» بنكهة البرتقال أو فاكهة «زهرة الآلام» أو القهوة، لكن يقبل أكثر الناس على حلوى «بانيلتس» ببذور الصنوبر.

وبحسب التقاليد، يذهب الناس بحلوى «بانيلتس» إلى الكنيسة في ليلة عيد القديسين أو ليلة عيد الهالوين عند الأميركيين لتناولها معا بعد الانتهاء من الشعائر الدينية.

ويشتري الناس الآن درزينات ويحضرونها إلى المنزل بعد عشاء يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) أو ليلة الأول من نوفمبر، لكن لا يعد هذا هو التقليد المتبع في كتالونيا حيث يمكن رؤية حبات الكستناء المشوي هذه الأيام على أي مائدة في هذه المنطقة للاستفادة من توفر فاكهة فصل الخريف أو البطاطا المشوية ويطهى الصنفان في المنزل.

تعد الأصناف الأخرى من الحلوى أقل انتشارا في باقي الدول مثل حلوى «بستينوس» في الأندلس وهي حلوى سهلة التحضير حيث تتكون من الزيت والسكر والدقيق ومن الممكن أن تجدها بالليمون أو العسل الأبيض، لكن يجب أن يكون مذاقها حلوا للغاية وأن تصنع في المنزل.

على الجانب الآخر، من التقاليد المتبعة في إكستريمادورا بجنوب غربي إسبانيا التنزه في الريف مع الأهل والأصدقاء وإحضار جيلي السفرجل مع أنواع مختلفة من الفاكهة المجففة مثل حبات الكستناء، أو الفول السوداني أو حبات البلوط. يضع الناس الجيلي والفاكهة في نوع خاص من الخبز مخصص لهذا الوقت من العام، فكما يقول الإسبان: «تخف الآلام مع الخبز»، وبالتالي تصبح الآلام حقا حلوة المذاق مع الحلوى.

* صحافية في جريدة «ألموندو» الإسبانية متعاونة مع «الشرق الأوسط»