فنادق ومطاعم الهند.. تأكل ما تزرع

تمثل أكبر مصدر للمكونات العضوية إلى الغرب

TT

ينتشر الشغف بالأطعمة العضوية سريعا في سوق الغذاء الهندية. وعلى الرغم من انتشارها حول العالم منذ فترة، فإن المستهلكين الهنود أدركوا فوائدها مؤخرا.

مع زيادة الطلب على الغذاء عالي الجودة الذي ينصح به الأطباء، بدأ أصحاب المطاعم في إدخال أطعمة عضوية على قوائمهم. تتكون الأغذية العضوية من مكونات عضوية تنمو بصورة طبيعية من دون استخدام أسمدة كيماوية ومبيدات.

لذلك تلبي الكثير من المطاعم الحاجة الحالية بتقديم الغذاء المعد من الفواكه والخضروات المنتقاة يدويا من مزارعها الخاصة. وعلى الرغم من أن الغذاء الطازج المقبل من المزرعة يعد مفهوما جديدا، إلا أن عددا من الفنادق بدأ في تبنيه في نيودلهي، مثل «حياة» و«آي تي سي ماوريا»، حيث يستخدم الطهاة مكونات تأتي مباشرة من مزارعهم. وفي حين يعد فندق «حياة ريجنسي» من الفنادق القليلة التي تملك مزرعة توفر لها المكونات الطازجة، التي تمتد على نحو ستة فدادين على أطراف نيودلهي، يزرع فندق «إيه تي سي ماوريا» المكونات الطازجة في شرفة الفندق ذاتها.

ولكن ما تجده بكثرة داخل المطاعم هي التوابل العضوية المصنوعة يدويا، مثل المربيات والعسل والصوص، حيث بادر الطهاة الشباب والمغامرون إلى التعامل مع مزارعين محليين لتوريد منتج طازج وأحيانا جاف مثل التوت والفطر والخضروات وأشياء أخرى «جافة» يمكن تحويلها إلى متع غريبة.

في «سموك هاوس غريل» و«ديلي» في نيودلهي، يصنع رئيس الطهاة مايانك تيواري زبد الفواكه التي يشتهر بها (حيث تهرس لتصبح في قوام الزبد) من الفواكه العضوية. ويحاول حاليا أن يصنع صوص البيتزا الخاص به من الطماطم التي تنمو عضويا بدلا من تلك المستوردة.

من المثير للاهتمام أن الهند من أكبر موردي المنتجات العضوية للغرب.

يقول بونيت بايجال، مدير الأغذية والمشروبات في «حياة ريجنسي»: «نزرع منتجات طازجة في المزرعة على مدار الأعوام الستة الأخيرة. وبدأ طهاتنا في تقديم قائمة طعام تعتمد على الفواكه والخضراوات الموسمية. في مارس (آذار) وإبريل (نيسان)، لدينا قائمة خاصة بالصيف. وطلب الطهاة بالفعل من العاملين في المزرعة زراعة المكونات المطلوبة وفقا لتلك القائمة. نستخدم كثيرا من الفواكه والخضراوات الطازجة في القائمة».

في فندق «حياة»، تثير قائمة السلطات الشهية بإضافتها مكونات مثل الجزر العضوي والطماطم الغضة، والجرجير والخضراوات الطازجة لأكثر الأطباق المعتادة. توضع مجموعة متنوعة من التوابل على جانب ويضيفها أحد الطهاة إلى طبق السلطة على مائدتك. وإذا كنت تحب تناول اللحوم ولديك حساسية من الخضروات، يمكن أن يأتي طبق اللحم المفضل لديك ومعه خضروات عضوية مشوية. تأتي جميع الأعشاب والخضروات (بما فيها تلك التي تقدم في أي مكان في الفندق) من مزرعة مالك الفندق شيف كومار جاتيا، والتي تتم فيها الزراعة وفقا لأساليب زراعة عضوية صارمة.

يقول بونيت: «من المؤكد أن الغذاء العضوي صحي، ولكنه أيضا أصبح رائجا.. من الأسهل والأرخص بالتأكيد زراعة (خضرواتنا) بدلا من شرائها من الخارج».

وعلى الرغم من أن مفهوم الزراعة الطازجة بدأ في مقهى المطعم، فإن جميع مطابخ «حياة ريجنسي» ستستوعبه تدريجيا. تُروى أرض المزرعة المقامة على نحو 5.25 فدان بواسطة تقنية الري بالتنقيط. وتزرع بها مجموعة كبيرة من 182 نوعا من الخضراوات والفاكهة. وبها 16 نوعا مختلفا من الطماطم.

يضيف بايجال قائلا: «بالنسبة لمطعمنا الصيني (ذا تشاينا كيتشن)، نزرع كثيرا من الخضراوات الجذرية مثل الفجل والبصل الأخضر. وبما أن جميع المطابخ الآسيوية تستخدم الكثير من الأعشاب في أطباقها، نزرع أيضا أعشابا في مزراعنا حيث تضفي الأعشاب نكهة جديدة للطعام. ونزرع نحو 172 نوعا من الأعشاب مثل الحلبة والزعتر. ونزرع أيضا أنواعا كثيرة من الفلفل، مثل الفلفل الحار».

وتمت الاستعانة بفريق خاص من أجل العناية بالمزرعة.

يقول بايجال: «ندرب الأشخاص العاملين في المزارع في الفندق. وهم يعرفون درجة العناية بالنظافة، ودرجات الحرارة التي يجب زراعة المنتجات فيها، وكيفية التعامل معها». ومع توفر المكونات بسهولة للطهاة، أصبحت لديهم فرصة في تجربة أنواع مختلفة من الأطباق.

ويضيف بايجال: «نحاول اكتشاف شيء جديد يمكنه أن يكون جزءا من قائمة الطعام. نحن نزرع تلك الكميات التي نحتاج إليها ونحاول طهي خضراوات مختلفة بأساليب مختلفة».

يقول سوريش كومار، مساعد رئيس الطهاة في «أي تي سي»: «من الجيد استخدام الأعشاب الطازجة في إعداد الطعام لأنها تحتفظ بقيمتها الغذائية. تستخدم الأعشاب في إعداد أطباق السلطة الخضراء، وتتبيل اللحم والحساء. وتعطي الأعشاب الطازجة للطعام لونا مذهلا ورائحة جذابة وطعما صحيا. ونظرا لزيادة وعي الهنود بالعادات الصحية، فهم حريصون على معرفة ما يتناولونه في أطباقهم».

في الواقع مع زيادة وعي الناس بـ«أميال الغذاء» (الوقت المطلوب لنقل مكونات الغذاء من المزرعة إلى منضدة الطعام)، تتنافس المطاعم على تقديم أكثر المنتجات الطازجة لمرتاديها. وبالإضافة إلى العنصر الصحي، توفر هذه المطاعم المال في كثير من جوانب الإنفاق.

يقول بايجال: «امتلاك مزرعة أرخص بكثير من شراء المنتجات من البائعين. نوفر بالتأكيد تكاليف كبيرة كانت تنفق على النقل والوسطاء. وبالطبع هناك تكلفة لإدارة المزرعة والعمالة المشتركة في إدارتها، ولكنها بالتأكيد أقل سعرا».

ويتفق معه كومار قائلا: «نوفر تقريبا 10 في المائة من تكلفة إنتاج الأطباق الآن، لأننا لم نعد مجبرين على شراء المكونات من البائعين بأسعار مرتفعة. وفي الهند، ما زالت المنتجات العضوية قطاعا متخصصا، إلا أن الطلب على المنتجات العضوية يشهد ارتفاعا مستمرا.

ولكن بدأ قطاع المطاعم أيضا في الاعتماد بكثرة على المنتجات العضوية.

في بنغالور، انضم مطعم جديد إلى القائمة. افتتح مطعم «لوميير» في ماراثاهالي أطعمة عضوية فقط منذ عدة أشهر ليلقى قبولا. يحتوي هذا المطعم الواسع على حديقة علوية، ويتميز بعصير القرع المميز بإضافة الليمون.

بدأ هذا المشروع عندما عاد مانجوناث بي آر المتخصص في تكنولوجيا المعلومات وكان يعمل في الولايات المتحدة لعدة أعوام إلى كيرالا، وبدأ في زراعة المحاصيل العضوية في كوشي عام 2003، بعد أن حصل على قطعة أرض. واليوم بالإضافة إلى مطعمه، أصبح يدير ثلاث مزارع للخضراوات ومزرعتين للدواجن - وجميعها تتبع معايير عضوية.

يقول: «حيث إن لدينا موردنا الخاص من الخضراوات والدواجن، قررت أن أفتتح مطعما. واخترنا بتغالور لأننا شعرنا أن الناس هنا سيتقبلون التغيير».

يؤكد المطعم كثيرا على الأسماك بالإضافة إلى الدواجن. ويتضمن ذلك الطيور التي لم تحبس أو تحقن بالهرمونات، وتتربى فقط على الغذاء العضوي. كما تنتج الجبن والقشدة والزبادي من ألبان عضوية يحصل عليه من مزرعة صديق له بالقرب من بانغالور، حيث تتغذى الماشية على ذرة وعشب مزروع بطريقة عضوية.

تتميز الخضراوات بالطبع بأنها طازجة وخالية من المبيدات. ويقول مانجوناث: «إذا علم مزيد من الناس بأمر الزراعة العضوية، من الممكن أن تضم مدنا مثل نيودلهي ومومباي وبنغالور ما يصل إلى 20 أو 30 مطعما يقحم هذا النوع من الغذاء. أحلم أن تتحول جميع المطاعم الموجودة إلى تقديم الغذاء العضوي».

وفي أوليف بار أند كيتشن في نيودلهي، وبنغالور ومومباي، يتم استخدام التوت البري والفطر في الفطائر والمعجنات والريسوتو وغيرها. ويستخدم مطعم آي الصيني الحديث أرزا أسمر عضويا من مرتفعات غارو وخاسي في إعداد السوشي. ومن الممكن أن تجد عسلا عضويا في مطاعم أخرى فاخرة.

ولمزيد من المذاق العضوي الرائع، يمكنك أن تذهب إلى مطاعم مثل «كابربيري» في بنغالور. يدير المطعم الطاهي السابق في تاج أبهيجيت ساها، حيث يستغرق في طهي الطعام العضوي. يقدم ساها في الموسم الحالي أطباقا مثيرة للإعجاب من الخضراوات العضوية. وبداية من أوراق السبانخ العضوية إلى الخس العضوي والشمر، وغيرهم، يصبح شكل طبق التقديم جميلا.

في الواقع، تنتشر قوائم الأطعمة العضوية لدرجة أن الهند تسير بسرعة نحوها. وعلى الرغم من تنامي إنتاج مزارع المطاعم في المدن الكبرى، فإن الكثير من المطاعم تشتري معظم المكونات العضوية من مؤسسات كبرى مثل نافاندانيا لفاندانا شيفا (الموجودة في 16 ولاية في الهند). وهناك أيضا مزارع ساتافيك الموجودة في كالكتا، التي تأسست عام 1998، وأطلقت قسما منفصلا عام 2006 لتوصيل المزارعين بالمشترين وضمان عدالة الأسعار. (لا تتكلف الأرض شيئا لزراعة غذاء عضوي، لذلك لا يجب أن يكلف المستهلكون الأرض من أجل تناوله، وفقا لما ورد على موقعها). بالإضافة إلى ذلك، تعمل منظمات مجتمع مدني أصغر حجما مثل نيشثا، ومقرها كالكتا أيضا، مع صغار المزارعين.