«النعناع» ضيف دائم على المائدة المغربية خلال شهر رمضان

صديق الشاي الأخضر

(النعناع الصديق الدائم للشاي على الموائد الرمضانية (تصوير: عبد اللطيف الصيباري
TT

يستهلك الشاي الأخضر (الاتاي المغربي) بكثرة خلال شهر رمضان، وهو المادة الأساسية في الجلسات والمسامرات الرمضانية، ولا يمكن أن يحضر الشاي الأخضر دون النعناع الأخضر كذلك، وهو في المغرب أشكال.. وألوان أيضا.

ويستخدم النعناع إضافة إلى الشاي، ومع جميع أنواع المقبلات (سلطة) سواء كان طازجا أو يابسا.

لذلك يقول المغاربة عن النعناع في رمضان إنه «الضيف الدائم». حيث توضع بضع وريقات منه داخل إبريق الشاي، لتضفي على الشاي نكهة طيبة، أو يضاف إلى بعض الأكلات. كما أنه يوصف في مراجع الطب الشعبي بأنه صديق القلب والأعصاب والجهاز الهضمي.

في سوق «باب البويبة» أكثر الأسواق شعبية في الرباط، يوجد دكان «نور الدين أوحوا» في إحدى الزوايا البارزة من السوق، حيث رائحة النعناع الأخضر، تجذب الزبائن. خلال نهار رمضان يتقاطر على دكان «أوحوا» زبائن كثر ممن يفضلون شرب الشاي بخلطة «نعناع» خضراء أو يابسة، ومنهم من يشتري النعناع الذي يصلح لعارض صحي يواجهه.

وفي هذا الصدد يعتقد أوحوا أن 90 في المائة من الأعشاب التي توجد في دكانه الصغير، توجد كذلك في الصيدليات على شكل أدوية. وحول النوع الذي يلاقي إقبالا متزايدا خلال هذه الفترة هو «فليو»، الذي يستعمل بكثرة مع الشاي الأخضر.

والنعناع من أكثر النباتات شعبية واستعمالا، إذ يضيفه سكان الرباط إلى التوابل في بعض أطباق الطعام، إضافة إلى استعماله مع الشاي للحصول على مذاق مميز.

ويزرع أحد أنواع النعناع في ضواحي الرباط، ويعرف باسم «نعناع طماريس»، وهو النوع العادي، بالإضافة إلى أنواع كثيرة، منها النعناع «العبدي» والنعناع الملقم بـ«فليو» و«النعناع العبدي الملقم بزعيترة»، و«نعناع المانتا» و«نعناع الصندل» و«مرددوش» و«السالمية» و«المرمية» و«اللويزة» و«الشيبة» و«النعناع الصوفي» و«مرسيطة» و«عطرشة» و«الزهر». هذه هي الأنواع المشهورة والمرغوبة لدى المغاربة.

ويتميز النعناع بصفات وخصائص قلما تجدها في غيره من النباتات الورقية، إذ إضافة إلى رائحته النفاذة والرائعة، من المؤكد أن له فوائد صحية، إذ إنه يساعد كذلك على الهضم.

والإقبال على أنواع النعناع بصورة عامة يعرف صعودا وهبوطا، طبقا لفصول السنة، إذ يكثر الإقبال على أنواع مثل «مرسيطة» و«فليو» و«السالمية» و«الشيبة» في فصل الشتاء، نظرا للفوائد الصحية التي تمتاز بها والملائمة للفصل الشتوي البارد والتي تمنح إحساسا بالدفء، في حين تشهد أنواع أخرى إقبالا كبيرا خلال فصلي الصيف والخريف، نظرا لأنها تُستعمل كثيرا في مناسبات الأفراح والأعياد، ومن بين الأنواع المستعملة في أمسيات رمضان «النعناع العبدي الملقم بفليو» و«النعناع العبدي الملقم بزعيترة» و«اللويزة» و«النعناع العادي» ذو الوريقات الخشنة شديدة الاخضرار.

وهناك مصطلحات خاصة بتجارة النعناع، مثل «الربطة» (حزمة)، تجمع بين أصناف مختلفة من النعناع حسب رغبة الزبون، ويتراوح سعر الواحدة منها ما بين درهم إلى درهم ونصف (نحو عشرة سنتات).

وثمة تنوع في النعناع والأعشاب العطرية التي يشتهر بها دكان أوحوا في الرباط العتيقة، وهي تزيد على 180 نوعا تتوزع بين أعشاب يابسة وأخرى خضراء.

ويقول أوحوا إن الفوائد الصحية لأنواع النعناع والأعشاب العطرية التي يقدمها لزبائنه، تختلف حسب حاجيات الزبون إذ إن «البلسم» مفيد لمرضى السكري، و«مرسيطة» لمشكلات الأمعاء، و«مرددوش» لتهدئة الأعصاب، و«المانتا» ضد أمراض الزكام، و«النعناع الصوفي» مهدئ للأعصاب وصديق للقلب. وأشار إلى أن للنعناع استخدامات أخرى غير مزجه مع الشاي، ويقول في هذا الصدد: «لا يقتصر استعمال النعناع على مزجه بالشاي، إذ إن أوراق النعناع الطازجة مفيدة لمشكلات الجهاز الهضمي، ومضغ أوراق النعناع الأخضر يساعد أيضا على تسكين آلام الأسنان، كما أن شرب أوراق النعناع ساخنة مفيد لتهدئة الأعصاب».

ويقول مختصون إن النعناع من الأدوية الناجحة جدا في معالجة الاضطرابات المرارية، وتسكين المغص المعوي، ومغص أسفل البطن، وتشنجات الأمعاء والمعدة، وهو يكسب الجسم نشاطا وحيوية. ونباتات النعناع عشبية معمرة ذات رائحة نفاذة، تنبت على أطراف السواقي والقنوات المائية، كما يمكن زراعتها حيث يزرع البقدونس.

ومعظم أنواع النعناع أخضر ذات رائحة عطرية خاصة ولا تعلو شجرته عن الأرض أكثر من 30 سنتيمترا، وتظل الشجيرات مخضرة مدة ثلاث سنوات، بعدها تفقد خصائصها. ويمكن زراعة النعناع طوال السنة، وينمو سريعا، وأفضل مكان لنموه التربة الرطبة الغنية بالمواد الغذائية، وهي أفضل المقومات لنموه، بشرط وقايته من حرارة الشمس الحارقة.