«أكلة النزهة» مطعم بمواصفات عائلية

في تونس.. وراء كل أكلة لذيذة أصابع امرأة

هالة البحري أثناء إعداد بعض الأطباق
TT

تشعر كثيرات من النساء بالغيرة من الرجال الذين استولوا على الكثير مما كان اختصاصا خالصا للنساء، والعكس صحيح، حيث أصبحت الكثير من النساء ينافسن الرجال على مهن كانت حكرا عليهم. ومن المهن التي كانت خاصة بالنساء وبرع فيها الرجال، الخياطة والتطريز والحياكة، وغسل وكي الملابس، وبالطبع، الطبخ، إذ إن أشهر الطباخين في العالم اليوم من الرجال.

بيد أن ذلك ليس على إطلاقه، فالكثير من المأكولات تقف وراء نكهتها الرائعة ومذاقها اللذيذ نساء في زوايا وساحات، ومساحات، وحتى كهوف المطابخ داخل المدن أو أطرافها، أو تلك المقامة على الطرق السيارة، حيث ينطبق عليها قول «وراء كل أكلة لذيذة أصابع امرأة ذواقة».

من تلك النسوة، هالة البحري، (50 سنة)، التي لم تتخرج في معهد خاص بفنون الطبخ، ولم تتلق دروسها في دورات مهنية حول إعداد المأكولات، وإنما تعلمت عن أمها التي أخذت طرق الطبخ بدورها عن جدتها، كما هو حال كثير من النساء في بلادنا العربية. لذلك عندما دخلت «الشرق الأوسط» مطبخ هالة البحري المقام مقابل فندق «أمينة» بالقيروان لم تجد سوى المعدات التقليدية للطبخ، بل أقل مما يجب توفيره في مطبخ عادي، ما عدا فرنا كبيرا نسبيا، يوجد أكبر منه في بعض المنازل الخاصة.

ورغم أن هالة البحري، غير محترفة بالمنطق المهني، فإنها «مغرمة بالطبخ» كما أكدت لـ«الشرق الأوسط» عند الحديث معها «بنينا هذا المطعم قبل 9 سنوات من المال الذي وفره زوجي من شقاء عمره، حيث كان يعمل في مجال الدهانة (دهان) وتركيب البلور».

وعن المأكولات التي تقوم بتحضيرها في المطعم المشار إليه في الخارج باسم «أكلة النزهة» أفادت بأن «جميع ما تطبخه الأسرة التونسية موجود في المطعم، فهو بمثابة ضيافة منزلية (بمقابل) وليس مجرد مطعم»، وتردف «نطبخ الكسكسي، والأرز واللحم المقلي، ومرق اللحم بالخضار، كما نقدم شرائح اللحم المقلي بالحد الأدنى من الزيت مع السلاطة». ولا يوجد بالمطعم أكلة اللحم المشوي، التي يفضلها بعض التونسيين، بسبب لا يبدو وجيها «حرفاؤنا لا يحبون اللحم المشوي على الطريقة التقليدية».

وتمضي هالة البحري، في شرح طريقة إعداد القلاية أو القلاي «القلاي هي قطع من لحم الخروف تطبخ مع ملعقتين من الزيت وقليل من الفلفل الأحمر المسحوق، حسب الذوق، وثوم وبعض التوابل»، أما اللحم المصلي فيوضع مع البصل والكركم وبذرة الهبل، ويختلف تحضير الأرز عند هالة البحري، عن الكثير من الوصفات الأخرى، فهي تقوم بخلط «الكبدة مع اللحم والثوم والبصل والجزر والبقدونس والسبانخ أو ما نطلق عليه في تونس السلق، والبازيلا».

ويمكن اعتبار «أكلة النزهة» أو مطعم «النزهة» مطعما عائليا، فجميع أعضاء الأسرة يعملون في المطعم، هالة وزوجها وابنتاها وابنها فقط، حيث لا يوجد بينهم «غريب». وتقول هالة «أحيانا يكونون جميعا هنا، وأحيانا بعضهم، ولكن في الغالب أكون أنا وزوجي فقط، أنا أطبخ وأعد الأطباق وهو ينقلها للزبائن».

وفي ردها على سؤال حول ما إذا كانت تختار لأبنائها ما يأكلون عند عودتهم من أعمالهم في الخارج أجابت: «المطبخ أمامهم وبإمكانهم أن يرفعوا الأقنعة ويأخذوا ما يرغبون فيه»، وعما إذا كانوا مدللين ردت «أنت تقول ذلك».

وحول ما إذا كان للمطعم زبائن دائمون أفادت بأن «الكثير من الحرفاء هم تونسيون، ولدينا حرفاء أجانب يأتون إلينا من النزل القريبة لتغيير نمط الطعام، كما لدينا زبائن من الأجانب العاملين في المصانع داخل تونس، وآخرون يأتون إلينا بشكل يومي وآخرون كل أسبوع، وهناك حرفاء من المارة القادمين من العاصمة تونس أو سوسة إلى جهات تونس الأخرى، حيث تعد القيروان نقطة عبور رئيسية بين الشمال والجنوب أو الساحل (شرقا) والجنوب وغرب البلاد».