الشيف يانيك ألينو.. قصة نجاح توجتها نجوم ميشلان

نسخة باريسية من النقانق الأميركية الشهيرة

الشيف يانيك ألينو عرف كيف يحول الهوت دوغ من طبق شعبي أميركي إلى طبق فرنسي بنجوم ميشلان
TT

على الرغم من حصول مطعمه الموجود في فندق ميوريس على ثلاثة نجوم من دليل ميشلان للمطاعم والفنادق، فإن يانيك ألينو يعتبر نفسه رجلا من عامة الشعب، حيث كان والداه يمتلكان حانة صغيرة متواضعة في إحدى ضواحي باريس، يقدمان فيها طبق «كروك موسيو»، وهو طبق فرنسي شهير مكون من شرائح اللحم والزبدة وخبز فينو باغيت. ويقول ألينو: «منذ ولادتي وأنا أقف خلف طاولة البيع». وهو يكره الأطباق التي تبدو كما لو أنها قد أعدت في فصل دراسي للكيمياء.

وهو يشتري شطائر النقانق، كلما ذهب إلى نيويورك، من أحد الباعة الجائلين، حيث يقول: «أنا أعشقها، على الرغم من الماء السيئ الذي توضع فيه طوال اليوم».

وكان من المتوقع، من ثم، أن يسعى ألينو لابتكار نقانق خاصة به.

ونقانقه هذه هي في الواقع لحم العجل الساخن، أو «فاو شو»، وهي نقانق نحيفة يبلغ طولها تسع بوصات ومصنوعة من قطع لحم رأس العجل المطبوخة الصالحة للأكل، أو «تيت دي فو» (يتم استبعاد المخ والعينين والدهون وإضافة زلال البيض وخيوط دقيقة من لحم العجل لجعل الخليط متماسكا).

يتم تغليف النقانق في غلاف وسلقها في مرق يحتوي على الجزر والبصل والكراث والقرنفل. ثم تتم إزالة الغلاف ووضع النقانق الهشة في رغيف يابس من خبز الفينو باجيت المصنوع من عدة أنواع.

ويقدم هذا الطبق مصحوبا بصلصة الغريبتشا (صلصة خل بالقبار، والخيار، والبيض المسلوق، والأعشاب والخردل) الموضوعة في نسخة من الزجاجة البلاستيكية التقليدية التي تستخدم منذ فترة طويلة في المطاعم الأميركية لتقديم الخردل والكاتشب.

وقال ألينو: «لقد كيفت (النقانق) لتتماشى مع أجواء باريس الحقيقية، حيث لا يوجد طعام أكثر باريسية من طبق الـ(تيت دي فو)».

وقد كانت هناك علاقة خاصة بين ألينو وطبق الـ«تيت دي فو» منذ فترة طويلة، فقد كان من ضمن المهمة المكلف بها، عندما كان لا يزال في الـ15 من عمره ويتدرب لدى أحد الطهاة، الذهاب لتسوق الطعام من سوق رونجي الكبيرة صباح كل يوم أحد في الساعة 1:30. وكانت آخر محطة له هي المرور على الجزار الذي يبيع لحوم فضلات الذبائح. وكان الجزار يقوم بسلق 20 رطلا من قطع لحم رأس العجل في مراجل حديدية ضخمة، ويقدم إلى زبائنه شطائر كبيرة متفجرة مليئة بقطع من لحم الخد والجلد واللسان والدهون والغضروف والمخ، والمغطاة بصلصة الغريبتشا البيضاء.

ويتذكر ألينو بينما هو يقف في مطبخ مطعمه قائلا: «لقد كنا نعمل في المطعم ليلة السبت، وبعد ذلك نذهب إلى سوق رونجي بمجرد أن تفتح أبوابها لشراء احتياجاتنا للأسبوع المقبل. وكانت المحطة الأخيرة هي شراء فضلات وأمعاء الذبائح، وكان تناول شطائر لحم رأس العجل هو الطريقة التي نتمكن بها من الاسترخاء في نهاية المطاف، وأخذ قسط من الراحة والتحدث».

وهو يرى في طبق الـ«تيت دي فو» رمزا لنجاحه، ففي عام 2007، عندما حصل على النجمة الثالثة من دليل ميشلان، كرمه معلمه، بول بوكيز، بوجبة غداء في مطعمه، الذي يقع خارج مدينة ليون، التي قدمت له طبق قطع لحم رأس العجل الكلاسيكي الذي كان قد أعده له.

وما زال طبق قطع لحم رأس العجل مدرجا حتى الآن على قائمة طعام مطعم ألينو المتميز في فندق ميوريس الفاخر بوصفة أحد الأطباق الأولية الشهية، وهو طبق مكون من الخد واللسان مع صلصة سابايوني شبيهة بصلصة الغريبتشا.

ومن المرجح أن يحب رواد المطعم الذين يحبون طبق قطع لحم رأس العجل النسخة الفرنسية من «النقانق»، فمذاقها شهي بشكل أكبر من مذاق طبق الـ«تيت دي فو» الكلاسيكي، وملمسها أكثر ليونة وهلامية من ملمس النقانق الكلاسيكية، كما أنها لا تقرمش عند تناولها، نظرا لعدم وجود الغلاف الخارجي. وربما كان من الأفضل بالنسبة للمبتدئين أن ينسوا أنها كانت في الأصل رأس حيوان. وقد علق جان بيير ريبو، ناقد الطعام لصحيفة «لوموند» والمؤلف المشارك الذي اشترك مع ألينو في كتابة مجلدين عن الوصفات الفرنسية الكلاسيكية، بعد تناوله لطبق «فاو شو»، بكلمتين فقط: «واو! يا له من طعم لذيذ». وسيكون طبق الـ«فاو شو»، الذي يصل سعره إلى 9 يوروات (نحو 12 دولارا)، هو الطبق الرئيسي في حانة تيروار باريزيان، وهي الحانة التي يمتلكها ألينو بشكل غير رسمي، والتي سيتم افتتاحها في 10 مارس (آذار)، والتي تقع في 20 شارع سانت فيكتور، في أحد المباني المصممة على طراز آرت ديكو بالقرب من جامعة السوربون في الدائرة الخامسة. وهذه الحانة التي صممها المهندس المعماري جان ميشيل ويلموت، ما زالت بحاجة إلى الكثير من العمل. فعلى الرغم من أنه قد تم الانتهاء من تركيب الأرضية الحجرية الرمادية اللون وبلاط الجدران الأبيض، فإن المطبخ لم يتم تركيبه بعد، كما لم يتم طلاء الجدران، ولم يتم الانتهاء من القبو المركزي المبطن بالألواح الخشبية. وتتسع هذه الحانة لـ60 شخصا سيجلسون على موائد مغطاة بالزنك، بالإضافة إلى 14 شخصا آخرين سيجلسون أما نضد مركزي. وستفتح الحانة أبوابها كل يوم من الساعة الـ8 صباحا وحتى وقت غير محدد في الليل.

وسوف يقدم ألينو أيضا الأطباق الكلاسيكية المعتادة التي تقدم في الحانات، مثل طبق البيض المسلوق والجمبري الكبير الحجم (كلاهما موضوع في الجيلاتين)، والـ«فيل إن كريوت»، والبودنغ الأسود، وسمك الماكريل، وشرائح لحم الضأن بالاسبراجس، والـ«كروك موسيو»، وفطائر كبد الدجاج بات، وشرائح لحم الرأس البارد، ومجموعة متنوعة من شرائح اللحوم.

*خدمة «نيويورك تايمز»