«الست غالية»: هناك كيمياء بيني وبين الطبخ

حققت شهرة كبيرة في أول برنامج طهي للطبقة الفقيرة

تعتقد الست غالية بأن هناك كيمياء خاصة تربطها بالمطبخ الذي تعشقه
TT

«يا حلاوة الأكلة الشعبية بترد الروح ومغذية» بهذه الكلمات يبدأ «تيتر» برنامج «الست غالية»، الذي حصل على أعلى شعبية مقارنة بباقي برامج الطهي الأخرى في القنوات الفضائية المصرية، حيث إنه أول برنامج طهي للأكلات الشعبية البسيطة والرخيصة الثمن، موجها وصفاته للطبقة الفقيرة بالمجتمع المصري، التي كانت تعد مهمشة إبان حكم النظام السابق قبل ثورة 25 يناير المصرية.

ولم يقتصر تميز برنامج «الست غالية» على تقديم الأكلات الشعبية البسيطة فقط، بل ترجع شعبيته لمقدمة البرنامج «غالية محمود»، وهي طباخة ذات مستوى معيشي فقير، حاصلة على شهادة دبلوم تجارة، كانت تعمل بالبيوت، وهي من حي فقير بالقاهرة يدعى الوراق، وأصولها صعيدية من محافظة أسيوط. تتكون أسرتها من ابنتين وزوجها يعمل سائق ميكروباص.

تقول الست غالية، لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أقدم البرنامج بكل بساطة كأني أطبخ في بيتي، وباستخدام أقل المقادير والمكونات الرخيصة الثمن ليستطيع كل من يشاهد البرنامج شراءها من أي سوق، دون داع للبحث عنها في الأسواق التجارية مرتفعة الأسعار»، وأضافت أنها تقدم أكلات مصرية أصيلة كالمحاشي والطواجن الشعبية، التي تكفي لإشباع 5 أو 6 أشخاص، وبأقل ثمن بما لا يزيد على 20 جنيها على مدار اليوم الواحد.

إلى جانب شهرتها العالية في طريقة عرضها للأكلات، تتميز الست غالية باستخدام قاموس لغوي خاص يرجع إلى حياتها التربوية والتعليمية، التي استقتها من والدتها منذ أن كانت في الرابعة عشرة من عمرها، حيث كانت تعلمها أسرار الطبخ على الباجور، فمن الكلمات الشعبية الأصيلة في قاموسها الشخصي «نقمرها» أي نسويها، «بضريلوا» أي ضعي له، «أقرشها» أي آكلها، و«مستكاوي»، أي لونها ذهبي.

ولم يقتصر البرنامج على تقديم الأكلات المعتادة، بل تقوم الست غالية ببشرتها السمراء الأصيلة وثقافتها الشعبية، بتقديم الأمثال الشعبية والحكايات اليومية، التي تمر بها في تجربتها المعيشية مع جيرانها والسيدات بالسوق، وبالإضافة إلى موضوع الحلقة، الذي تحدده معدة البرنامج، ويضم حلقات توعية سياسية ومجتمعية، فمن بين توعيتها السياسية خطابها لسيدات البيوت للمشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة، وقيامها بزيارة محافظة بورسعيد عقب مذبحة الألترس الأهلاوي في بورسعيد. ومن الناحية الاجتماعية، تقوم غالية بتقديم نبذة حول عدة أفكار من بينها عزة النفس، والصراحة، وغيرها من الصفات، التي يجب أن يستحوذ عليها أي شخص سوي.

وربما تكون تلك الأفكار صعبة الفهم، ولكن بطريقتها الجذابة والبسيطة كأي سيدة شعبية تستطيع توصيل ما تريده للجمهور، الذي يضم الرجال قبل السيدات، حيث تتلقي باستمرار مداخلات تليفونية في وقت عرضها للبرنامج.

وتتميز الست غالية بحرصها وحبها لمهنة الطهي، حيث تحضيرها للأكلات وتنظيف مطبخ الأستوديو قبل عرض البرنامج بعدة ساعات، وعن حبها للطبخ، تقول: «هناك كيمياء بيني وبين الطبخ، وست البيت الماهرة تعمل أي شيء عندها في الثلاجة ولا تعقد الأمور، فلا داعي لشراء دجاجة لعمل الشوربة، بل في إمكانها الاعتماد على الأجنحة الرخيصة الثمن».

وعن شرائها للخضار والمكونات المستخدمة في البرنامج، أوضحت غالية أنها تقوم يوميا بالتسوق في أسواق الحي التي تعيش فيه لشراء الخضار وبأرخص الأسعار، وتقوم بالفصال مع البائعين حتى توفر ما تقدر عليه من أموال قد تفيدها في تعليم وتربية بناتها.

وكأي أم مصرية، تتمنى غالية أن تحصل بناتها على أعلى وأفضل مستوى للتعليم بالمدارس والجامعات حتى توفر لهن مستقبلا يسمح بالعيش المريح. وتحرص غالية على التوافق السوي بين عملها بالبرنامج وشغلها بالمنزل، مضيفة أن زوجها يتعاون معها بالمنزل بروح والحب والعشرة المتبادلة بينهما.

ومن اللقطات المميزة للست غالية وهي تقدم برنامجها، على مدار ثلاثة أيام أسبوعيا، استخدامها للغة الجسد في الحديث مع الجمهور عبر الكاميرا، حيث تستخدم يدها وتشمر ملابسها أثناء قيامها بالطبخ لتحافظ على نظافة بدنها وثيابها، مشيرة إلى أن كل هذا يمنحها شعورا بالراحة وهي تطهي، بالإضافة إلى عدم ارتدائها أي قفازات لتقدم صورة بسيطة لسيدة البيت.

وعلي الرغم من قلة خبراتها، فإنها تقوم باستمرار بنصح الجمهور بتناول الأكلات الصحية، وتنصحهم بتبادل بعض المكونات بأخرى، نظرا لفائدتها الصحية لبعض المرضي، كمرضى السكري والقلب.

ويرجع جزء من جاذبية البرنامج للجمهور إلى تصميم الديكور الخاص بمطبخ الأستوديو، الذي يختلف تماما عن باقي المطابخ في البرامج الأخرى، فيتميز بقلة أثاثه الخشبي، بالإضافة إلى احتوائه على ثلاجة وموقد ومنضدة، ويتميز المطبخ بلمسات غالية الشعبية فتضع قللا فخارية على النافذة، كما تستخدم الأواني والأدوات الأصيلة في أي بيت مصري من مطحنة خشبية يدوية وحلل ألمونيوم وأطباق ملامين.

وتعليقا على اختيار ذلك الديكور للمطبخ، أوضحت أميرة فوزي، معدة ومنتجة برنامج الست غالية، أن بساطة الديكور ترجع إلى بساطة شخصية غالي، وذلك لتوصيل المصداقية للجمهور البسيط والذي يغلب عليه المستوى الفقير.

وعن اختيار غالية لتقديم ذلك البرنامج، قالت أميرة «إن صاحب القناة (25) محمد جوهر كان له رؤية عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وهي أن شكل الإعلام في تقديم برامجه يجب أن يتغير عن طريق السماح للطبقة الفقيرة بالمجتمع أن تندمج معه، فجاءت له فكرة البرنامج واختار غالية عن طريق الصدفة، حيث كانت تعمل بمنزل أخته ولاحظ لباقتها وخفة ظلها في الحديث، فقرر الاعتماد عليها لما لها من كاريزما جاذبة، إلى أن شاركت في تقديم البرنامج وأصبح أكثر البرامج شهرة في القناة.

ومن ضمن أكلاتها الشعبية التي تقدمها الست غالية في البرنامج، البصارة والملوخية الخضراء والأرز بالبيض والكزبرة. وتتميز غالية بوضع لمساتها ونصائحها في عرض المقادير وطريقة العمل حيث تبادل بعض المكونات بغيرها وإمكانية إضافة أو حذف بعض المقادير حسب الرغبة.

بعض الأكلات بطريقة الست غالية الخاصة:

* البصارة

* المقادير:

- فول مدشوش - كزبرة خضرا - نعناع - بصل - توابل (ملح وكمون وفلفل أسود)

* الطريقة:

* - يتم وضع الفول المدشوش في الحلة، ويتم إضافة الكزبرة الناشفة والنعناع والكمون، ثم أضيفي الماء في الحلة «إلى أن تغطي المياه الفول كله»، وتوضع الحلة على النار. يتم تحمير البصل على النار في ملعقة سمن، ويتم تقسيم البصل، على أن يتم استخدام نصفه في عمل البصارة والنصف الآخر لوضعه على السطح بعد الانتهاء منها: «هذا أحسن وأوفر بدلا من تحمير بعضه للأكل وبعضه نضعه فوق الطبق، نقوم بعمله مرة واحدة، ثم نقسمه»، ثم ضعي نصف كمية البصل في الحلة وتقلب المحتويات جيدا على النار، يستمر التقليب حتى يتماسك القوام، ثم يتم وضع الكمية المتبقية من البصل على السطح.

- نصيحة الست غالية: البعض في الأرياف تحب أن تضع ملعقتي ملوخية (ناشفة) على البصارة، ذلك جيد، ولكن المهم المكونات الأساسية وبعد ذلك نضع الملوخية.

* الملوخية الخضراء

* المقادير:

- ملوخية خضراء - ملعقة سمن - ثوم - حبهان (إذا توفّر) - كزبرة ناشفة

* الطريقة:

* - تغسل الملوخية جيدا (لابد من غسل الملوخية جيدا) ويتم وضعها في مصفى حتى يتم تصفيتها من الماء جيدا، (يجب ألا يتم تخريطها بمائها وإلا ستكون (مرغية) من فوق»، ثم ضعي الملوخية في الحلة ومعها شوربة الدجاج أو اللحمة وقليل من الكزبرة الناشفة، لأن الملوخية لا يمكن طهيها دون الكزبرة الناشفة.

- ثم يتم عمل طشة الثوم بتحمير فصوص الثوم في ملعقة سمن، ويتم تجهيزها، ثم توضع الملوخية على النار وتترك لمدة غلوتين (بلا زيادة)، ثم ضعي عليها طشة الثوم مع الشهقة: «الشهقة مهمة جدا، (ولاد الذوات) لا يعرفونها أو يسمعون عنها، إنما أهالي الأماكن الشعبية يعرفونها جيدا»، ثم أضيفي الكزبرة والحبهان، وفي حالة عدم توافر الحبهان يمكن الاستغناء عنه، ثم قومي بوضع الغطاء على الحلة لكن دون إحكام «نص غطا».

- نصيحة الست غالية: اجعلي يديك مضبوطتين وأنت تضعين الشوربة لكي لا تخرج منك ساقطة وطرية.. و«روبيها» جيدا «علشان متكلكعش».

* الأرز بالبيض والكزبرة

* المقادير:

- مقدار من الأرز (الكمية تحدد بحسب عدد الأفراد) - بيض - عصير طماطم - كزبرة خضراء - ملح - فلفل - زيت أو سمن - بهارات

* الطريقة:

* - يتم تحمير الأرز في الزيت أو السمن على النار، ثم توضع عليه الطماطم، ثم يتم إضافة الملح والفلفل ويتم التقليب جيدا، وبعد أن يتم التقليب (إلى أن تسمعي صوت الأرز في الحلة) تقومين بوضع المياه الساخنة، وتغطينها قليلا على النار، وبعدها يتم وضع البيض على الأرز بالتدريج (حسب كمية الأرز)، (ثم نخفض درجة حرارة الموقد)، حتى ينضج الأرز وتنتفخ حباته، ونتركه قليلا بعدها يصبح جاهزا للأكل.

- نصيحة الست غالية: لا بد للرز «يتشوح» جيدا على النار.