«شيف» سعودي طوى أسفار الهندسة وفتح كتب الطبخ

يعلم الشباب الطبخ عبر الـ«فيس بوك»

ولعه بإعداد الأطباق السعودية قاده لفتح مطاعمه لتخريج متخصصين
TT

بادر «شيف» سعودي إلى تخصيص صفحته عبر الموقع الاجتماعي «فيس بوك» لنقل خبراته التي اكتسبها عبر سنوات من عدد من دول العالم إلى الشباب من الجنسين مجانا.

الشاب بدر فايز الذي طوى كتب الهندسة المعمارية لفتح كتب هندسة الطبخ طوعا، عقب إيمانه بأن الطهي هو الفن الوحيد الذي يلمس كل حواس الإنسان، اعتبر أن استغلال المواقع الاجتماعية لا يعني إضاعة الوقت في التعارف فقط، بقدر ما هي وسائل يمكن عبرها تبادل المنافع والأفكار المفيدة.

وحول تجربة عمله في هذا المجال الذي يندر فيه وجود سعوديين متخصصين، بل لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، أشار فايز إلى أن ردود الفعل كانت دوما إيجابية وممتازة. وزاد: «أثناء وجودي في المطعم الإيطالي وجدت الإقبال كثيرا والتشجيع عندما يعرف الناس أن الشيف سعودي. وبفضل من الله أعمل اليوم على مشروعي الخاص، الذين هو عبارة عن مطعمين تحت إشرافي أحدهما للمأكولات البحرية والآخر للسوشي».

وأضاف: «التشجيع تعدى المواطنين إلى المسؤولين، حيث يقبل على المطعمين الكثير من الشخصيات الكبيرة، كان آخرها زيارة صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم، رئيس جمعية الكشافة السعودية، الذي وجه دعوة عشاء إلى كل من ملك السويد كارل غوستاف، ونخبة من كبار الشخصيات العالمية في المطعم، وقد سلمني صاحب السمو الأمير عضوية فخرية في الكشافة العربية السعودية».

ويقول عن خيارات الشباب السعودي في مساقه المستقبلي «أستغرب المفاهيم التي يرسخها المجتمع عن بعض الوظائف في أذهان أبنائه ليدفع طموحهم إلى اتجاه مهن محددة كالطب والهندسة ومجال الأعمال، حتى يكاد الطالب يعتقد أن النجاح ينحصر في هذه المهن، بينما في الواقع الإبداع في العمل موجود في جميع الأعمال، فعلى سبيل المثال مهنة السباك مهنة جيدة، ويمكن لمن يعمل فيها أن يبدع سواء من خلال العمل أو التوسع بامتلاك عدد من الورش، لذا أعتقد أن الإنسان لا بد أن يتعرف على موهبته ومهاراته لتطوير إمكانياته، وعليه أن يتحدى العوامل المحبطة من حوله».

وتحدث عن رؤية المجتمع لمهنته بقوله إن ردود الفعل الإيجابية غير المتوقعة من الأهالي عند تساؤلهم عن تخصصه، منحته دفعا للمضي في هذا المجال، الذي اعتبره الكثيرون خطوة شجاعة.

وأردف: «ردود الفعل هذه جعلتني لا أضع سوى النجاح في أجندتي، وكنت أفكر في تأثير نجاحي على المجتمع الذي يصنف بعض أفراده مجال عملي بالدرجة الثانية، خصوصا أنه سيسهم في تغيير وجهة النظر التي تؤكد أن النجاح حليف المهندسين والأطباء والمحامين فحسب».

وعلى الصعيد العملي تدرب الشيف بدر فايز في أحد المطاعم المشهورة في مدينة جدة فترة الصيف، وتنقل بين عدد من الأقسام، مثل الحلويات والمأكولات الباردة وغيرها، وكانت ردود الفعل إيجابية.

ولا ينكر استغراب من حوله من خوضه المجال، فكرر التجربة مع نفس المطعم بسبب صعوبة العودة لأميركا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) انتظارا لـ«الفيزا»، وفي التجربة الثانية عمل معه سعوديون، منهم من كان على درجه عالية من الاحترافية، ومنهم من ليس لديه طموح، ومنهم من كان يرغب في التعلم وتحمل المسؤولية، كما عمل في النمسا، حيث تتضمن الدراسة تدريب مرتين في السنة، فالأمر - بحسب الشيف فايز - يعود للشخص أولا، وعلى الطاهي أن يكون على قدر من المرونة فمعظم المطاعم تغفل خبرة الطاهي ويبدأ العمل معه طاهيا مبتدئا ومن نقطة الصفر.

وحول مدى نجاح دخول الأطعمة السعودية ضمن قائمة الطعام العالمي، يرى بدر أن مشكلة الأكلات السعودية، سواء كانت النجدية منها أو الحجازية أو تلك المعروفة في المنطقة الشرقية، لا يوجد لها حصر أو معيار محدد، فتاريخها يعود إلى عدة ثقافات عربية مختلفة، كما أن طريقة إعدادها تختلف من بيت إلى بيت آخر، مطالبا بإجراء حصر تاريخ المأكولات السعودية، ونشأتها ومكوناتها، وطريقة إعدادها الصحيحة بأسلوب جديد وغير تقليدي.

وينصح فايز شباب بلاده بحثهم على اختيار المجال الذي يعشقونه، سواء كان الطبخ أو غيره، مؤكدا: «لأن كل الأمور التي نقوم بها هي أمور صعبة جدا ومعقدة، ولكن إذا عشقت ما تقوم به فستكون الأمور سهلة جدا».

ولمحبي الطبخ، نصح بالتثقيف في هذا المجال عبر الدورات لاكتساب المهارات المطلوبة أو عبر وسائل التعليم المتوفرة، وعلل بقوله: «لأن الدراسة من دون تطبيق لا تفيد، والطبخ يحتاج إلى ممارسة، إلى جانب أهمية اكتساب التجربة من الخبراء في القطاع».