نبيل هواري ورث صناعة الحلوى وحافظ عليها من الزوال

ترك المحاماة ليتفرغ لمهنة الآباء والأجداد

هواري يفتخر بالحلوى التي حافظ عليها من الزوال
TT

على الرغم من أنه ورث مهنة تصنيع الحلويات الشعبية من أجداده، حيث أطلقوا ورشتهم الغذائية في عام 1870، أي قبل 140عاما في سوق السنانية الدمشقية القديمة، التي يتجاوز عمرها الأربعة قرون، وهي أولى أسواق دمشق المسقوفة.. فإن «نبيل هواري» (أبو حسن)، الذي يقف على أعتاب الستين من العمر رفض العمل بشهادته الجامعية حيث تخرج قبل ثلاثين عاما في كلية الحقوق بجامعة دمشق محاميا، وتفرغ لمهنة الآباء والأجداد، كما رفض البقاء عند منتجات آبائه وأجداده على الرغم من محافظته عليها، حيث عمل، منذ تسلمه الورشة من والده قبل عدة سنوات على تحضير أنواع جديدة من هذه الأطباق الشعبية، وجرب فيها حتى تمكن من جعلها أمرا واقعا في مجموعة الأطباق الشعبية الدمشقية، وقام الكثير من طهاة الحلويات في دمشق بتقليد أطباق هواري.

«الشرق الأوسط» زارت نبيل هواري في مصنعه ومحلّه في سوق السنانية وسط العاصمة السورية دمشق، حيث قدم شرحا لمنتجاته من الحلويات الشعبية، وتلك التي طورها.

ويقول هواري: «ورثت عن أجدادي مهنة تحضير الحلويات الشعبية التراثية البسيطة، التي ما زالت تلقى إقبالا من الكثير من الناس لمذاقها اللذيذ، ولذلك حافظت عليها من الانقراض، ولو أنها لم تدر المال الكثير».

ومن تلك الحلويات (المشبك يقطين) وبحسب هواري فأجداده هم أول من قام بتصنيع هذا النوع من الحلوى التي تصنع من اليقطين (القرع)، بعد نزع الغلاف الخارجي الأبيض عنها، ثم نزع البذور من اللب الذي يتم بشره، في السابق كانت تتم هذه العملية يدويا ولكن اليوم يتم تقشيرها بماكينات كهربائية، بعد ذلك تأتي المرحلة التالية وهي وضع لب اليقطين المبشور في رائق الكلس، حيث يفور ومن ثم يبرد ويترسب التراب الكلسي في أسفل الوعاء، فيؤخذ الرائق الصافي تماما ومن دون أي شوائب وينقع به اللب لمدة 4 إلى 6 ساعات، وبعدها يؤخذ اللب من منقوع الكلس ويتم غسله بالماء النظيف، وتأتي بعدها مرحلة السلق التي تحتاج لدقة وإتقان ليظل متجانسا وقاسيا.

وفي المرحلة التالية يوضع اللب في وعاء معدني أسطواني ضخم (برميل) مثقوبا من كل جوانبه ليتم التخلص من الماء فيه، وفي هذه المرحلة يحضر القطر الإفرنجي، وهذا ضروري ليعطي لب اليقطين اللون الأصفر الذهبي الجميل والشفاف في حين أن السكر لوحده يجعل لونه أحمر قرميديا، وفي المرحلة الأخيرة يتم تشبيك اللب مع بعضه، ليتحول إلى شكل هندسي بسيط ليوضع في وعاء كبير على النار مع القطر والسكر، وتبرز هنا براعة ومهارة الطاهي من حيث عدم وضع اللب مباشرة في القطر المغلي، بل جعله يعلوه باستخدام أداة «كفكير» تفصل المشبك عن السكر المغلي (القطر).

مشبك اليقطين طبق حلوى شعبي، إلا أنه (يتنهد هواري) يحتاج لجهد ووقت طويل لتحضيره.. «تصوّر! يحتاج ثلاثة أيام»، ومن الحلويات الأخرى التي يصنعها هواري الفستقية والقضامية والسمسمية وجوز الهند وكلها تحضر بنفس الطريقة (يوضح هواري) مع اختلاف المادة الأساسية فيها فقط، وهي إما القضامة أو الفستق العادي البلدي أو السمسم، التي يجب أن تكون من أجود الأنواع.

هناك طبق شعبي لذيذ أيضا يحضره نبيل هواري، يسمى «الناطف»، وهو يحتاج لجهد فني لتحضيره من نبات يسمى «شرش العصلج»، الذي ننقعه بالماء (يشرح أبو حسن) لمدة يوم كامل، بعد ذلك نغليه على النار لمدة خمس ساعات، ثم نأخذ خلاصة العصلج وتتم تصفيته بمصاف كبيرة لتبقى فقط المادة الرئيسية، حيث نضعها في خفاقة كبيرة ويخفق فيها على البارد لمدة زمنية مابين 6 إلى 10 ساعات فيتحول لمادة لزجة رغوية بيضاء اللون، وهو اللون الطبيعي، بعد ذلك يضاف السكر المغلي مع الجلوكوز للعصلج الموجود في الخفاقة ليخفق المزيج معا لمدة ساعتين، بعد ذلك يضاف له مادة نكهة، مثل الفانيليا أو ماء الزهر ليصبح «ناطف» جاهزا للتناول مباشرة، ويكون لزجا أو يمكن أن تغطس به الحلويات الناشفة، مثل أقراص معمول الجوز والكرابيج فيزيد من مذاق هذه الأقراص مذاقا ألذ وأشهى.