«فيلا ماماز» مطعم يحكي قصة نجاح مالكته في البحرين

الشيف رؤيا من عالم الأرقام إلى المطبخ

مطعم «فيلا ماماز» يتميز بديكورات بسيطة وجذابة ويحرص
TT

«رائد عمل» تعريف يستخدم بكثرة في مملكة البحرين، وهو تعبير سحري له وقع إيجابي مما يمدد من زخم المعنى في أغلب الأحيان، والبحرين عموما تفتخر بقصص نجاحات رواد أعمالها من الشباب والشابات الذين شقوا طريقهم ونحتوا أسماءهم في الوسط التجاري والقطاعات الاقتصادية، وأكثرهم شهرة رائدة العمل هدى جناحي، تلك الشابة الناجحة التي تتمتع بتواضع لافت رغم ما حققته من نجاحات مشهودة، إذ بدأت ببضع مئات من الدراهم وهي اليوم تدير أسطول شاحنات، وتتلقى الجوائز العالمية، وسبق أن اختارها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش كنموذج طموح للمرأة العربية العصامية.

تزخر البحرين بأكثر من قصة لنجاح رائد عمل شق طريقه وتفوق في مجال عمل خاص يحبه ويثريه بالابتكار والإخلاص وتلك هي الدعامة الرئيسية لنجاح أي عمل، سواء في مجال الزراعة أو الصناعة أو الفنون فلا بد من الإبداع والمثابرة.

«الشرق الأوسط» وأثناء جولة قصيرة بالبحرين لاحظت وبقوة اهتمام أسر بحرينية بالعاصمة المنامة بالاستمتاع بالتغيير في نوع الأطعمة وارتياد المطاعم والمنتزهات ليس بين الشباب فحسب بل الأسرة مجتمعة وهذا ما تفتقده كثير من مدن المنطقة حيث يقتصر ارتياد تلك المناطق على الأجانب لا سيما الأوروبيين من سياح ومقيمين.

بدعوة من سيدة أعمال تفتخر بتنوع أصول شعبها البحريني ومقدرته على تجاوز محنته الأخيرة، قمنا بزيارة لمطعم صغير افتتح حديثا بمجهود رائدة عمل تركت تخصصها في الأرقام والحسابات والبنوك واندفعت وراء هوايتها في الطبخ وفنون تقديم الطعام.

المطعم اسمه «فيلا ماماز» وهو مبنى بسيط تضيئه أشعة الشمس منذ شروقها حتى مغيبها مع أثاث تقليدي ومقاعد بتصميم لافت بألوان مختلفة لكل منها، مما يكسبه رونقا ومما يميز أجواءه بصورة ملحوظة نشاط وحركة وسرعة انتقال مالكته رؤيا الصالح التي تشغل بالوقت ذاته منصب «الشيف» الرئيسي في المطعم وتحرص على تلبية رغبات الزبائن.

بعد جلوسنا بدقائق معدودة كانت مائدتنا قد امتلأت بأكثر من صنف من السلطات التي لا تختلف مكوناتها عن تلك الخضراوات المعروفة للكل وإن أبدعت في تحويلها إلى شهية جذابة بسبب الاجتهاد في طرق تقديمها وتشكيلها وتطعيمها بأكثر من طريقة كإضافة حبات من الرمان وكميات وافرة من المكسرات والتلاعب بتمازج الألوان والنكهات كما جاءت بصحبة رغيف طازج من الخبز كما كانت الجدات يخبزنه بوصفة تجعله مقرمشا خفيفا.

وبينما كانت الشيف رؤيا قد بدأت في تحضير طبقنا الرئيسي تسنى لها أن تحكي لنا عن بداياتها وما واجهته من صعاب خاصة استغراب كثيرين ممن حولها ورفضهم لفكرة أن تترك عملها كمصرفية لتصبح طباخة، موضحة أن أولئك من الرافضين أصبحوا اليوم في مقدمة زبائنها ممن يأتون حتى في الصباح الباكر لتناول فطورهم أو «الترويقة» بلهجة الخليجيين.

نسأل رؤيا التي تبدو في قمة نشاطها عن عمرها، فتجيب مبتسمة (الله يخليك اكتفي بـ22 سنة) فيما يؤكد حضورها أن شبابها يعود لسعادتها لما تنعم به من قبول بينما تمضي هي مؤكدة أن العمل في مجال يوفر فرصا للإبداع ينعكس فرحا وحبورا على صاحبه، مضيفة أنها وأثناء كل طبق تصنعه تفكر في كيفية تقديمه بطريقة تضيف لروعة مكوناته التي تحرص على اختيارها طازجة وهي تحرص على تقديم الأطباق البحرينية التقليدية بقالب عصري جذاب. ومن ذلك نصائح قدمتها لمعرفة السمك إن كان طازجا من شدة لمعان لون عيونه، وحمرة فتحاته الجانبية.. وأهم من ذلك أن يخلو تماما من أي رائحة تماما مؤكدة أن البحر لا رائحة له.

طبخت لنا رؤيا سمك هامور مما يفضله البحرينيون، ولم تزد على غير تغطيته بطبقه من شرائح طماطم وبصل محمر ومن ثم لفه في ورق قصدير وطبخه في فرن ساخن شديد الحرارة لمدة لا تزيد على 20 دقيقة قبلها بدقائق يتم كشفه ونزع ورق القصدير مع إضافة كمية إضافية من زيت الزيتون، مؤكدة أن جودة زيت الزيتون تختلف باختلاف النوع وموقع زراعته وعمره، مشددة على أهمية أن تكون كل مكونات أي طعام طازجة معمول عليها بسخاء.

وفي سياق الإبداع بأسهل الطرق كشفت رؤيا كيف أن إضافة بعض المواد المتوفرة في أي مطبخ قد تؤثر على نوعية الأطباق وتجديدها، مشيرة لاستعانتها الدائمة بوصفات تقليدية محبوبة تدخل عليها بعض التجديدات مع حرص تام على الاهتمام بطرق التقديم رافعة شعار «تطعم بكامل حواسك لتستمتع بملمس ومذاق ورائحة ومنظر الطعام».

وردا على سؤال أي لحظاتها كانت أكثر سعادة وهي تمارس مهنتها الجديدة، أجابت: «قبل يومين فقط فاجأني وزير خارجية البحرين شخصيا بزيارة تفقدية لي داخل مطبخي، ورغم ما اعتراني من اضطراب فإنني فرحت بمبادرته، دون شك، فهكذا هي البحرين التي تتسع للجميع وبدعم واهتمام مسؤوليها ينعم الجميع».