مارلون أبيلا.. صاحب مطاعم مزينة بالنجوم

ابن أشهر عائلة لبنانية في مجال الطعام في العالم .. وقصة نجاح مستمرة

مارلون أبيلا.. طموح بلا حدود
TT

سر نجاح المطعم يكون غالبا في الطاهي الرئيسي في المطبخ، ولكن في حالة مارلون أبيلا، صاحب بعض أشهر المطاعم في لندن والعالم، يمكن القول إن النجاح والحصول على نجوم ميشلين التي تزين مطاعمه هي بفضل جهده الذي لا يقتصر على افتتاح المطعم وإنما يتعدى ذلك ليكون أبيلا المحرك الرئيسي الذي يعنى بكل تفاصيل المطعم وأدقها، فمارلون أبيلا يؤمن بالمثابرة والعمل بلا انقطاع على الرغم من ثروته الطائلة التي حققها بنفسه بغض النظر عن اسم وثروة أبيه ألبير أبيلا الذي توفي عام 1998، وهو مؤسس إمبراطورية أبيلا لتحضير الطعام لشركات طيران عالمية، وفي نيس كانت تملك عائلة أبيلا مراكز لتحضير الطعام للمدارس والمستشفيات كانت تنتج 20 ألف وجبة يوميا، إلا أن مارلون أبيلا الابن النشيط الذي كان يشغل منصب نائب رئيس لشركة أبيه، لم يكتفِ بإنجازات عائلته وأبيه، إلا أنه كان يملك أفكارا جمة ترجمها في افتتاح مطاعم كثيرة حول العالم تعتبر من بين أفضل المطاعم تزين بعضها نجوم ميشلين للتميز، من بينها مطعم «أومو» الياباني ومطعم «غرين هاوس» الفرنسي و«كاسيس بيسترو» ومطعم ونادي «مورتنز» الخاص في لندن، بالإضافة إلى مطاعم ومشاريع أخرى مرتبطة بعالم الأكل في نيويورك وفرنسا ودبي وباقي بقاع العالم.

من المعروف عن مارلون أبيلا أنه خجول وإطلالاته الإعلامية المرئية والمكتوبة قليلة ومعدودة، إلا أنه أراد التحدث إلى «الشرق الأوسط» عن قصة نجاحه التي من شأنها أن تبهر كل من له اهتمام في العالم بالمطبخ الراقي، فكان اللقاء في المطعم التابع لـ«مورتنز» النادي الخاص (للأعضاء المنتسبين فقط) في منطقة مايفير في وسط لندن، وحضر أبيلا في الوقت المحدد، فهو يتصرف كواحد من زوار المطعم، ومن دون أي تكلف شاركني الطاولة مرحبا بصحيفتنا، وفضل التكلم باللغة الإنجليزية والفرنسية، فهو يجيد العربية ولكنه، وبحسب ما قاله لنا، يتكلم الإنجليزية والفرنسية بطلاقة أكثر من العربية، فهو ولد في لبنان لأب لبناني (عائلة أبيلا من أصول إسبانية) وأم ألمانية، وانتقل مع أهله للعيش في جنوب فرنسا عندما كان عمره 6 أشهر، واليوم يعيش في لندن بشكل شبه دائم.

ملامحه متوسطية - أوروبية، طويل القامة، يتكلم بصوت منخفض ولا تغيب نظرة الخجل عن وجهه، ولكن وبمجرد الكلام عن الطعام والأكل وعالم المطاعم تجد مارلون يتحول إلى شخص آخر وتتحول نبرة صوته تنطق بأوتار عالية تفهم ما تبوح به عن أسرار هذه المهنة التي لا يفهم مشقاتها إلا من يعمل أو عمل بها.

مارلون يقوم باختيار مواقع مطاعمه بنفسه ومنطقته المفضلة في لندن هي مايفير، يتولى المشاريع بكل حذافيرها، يتدخل في الديكور ويضع بصمته على كل منها، ولا يهتم بنوع واحد من المطابخ، فيملك مطاعم يابانية وأخرى فرنسية ومتوسطية، ويملك شركة في دبي مختصة بتوزيع المأكولات الغريبة عالية الجودة.

ويقول أبيلا إن الفضل في حبه لعالم الضيافة والأكل يعود إلى والده ألبير الذي لم يكن مجرد رجل أعمال يعنى بتقديم المأكولات لشركات الطيران، إنما كان يملك فنادق من فئة 4 و5 نجوم في جنوب فرنسا، وبحسب مارلون فهذا ما جعله يفهم الفرق ما بين المنتج السيئ والمنتج الجيد، نوعية الطعام الجيد والنوعية المتوسطة، فتعرف أبيلا إلى المطاعم الراقية والمأكولات التي ينفذها أمهر طهاة العالم منذ نعومه أظافره عندما كان لا يتعدى عمره الـ8 سنوات، ويتذكر هنا أبيلا أنه كان يجلس في هذا العمر لمدة 3 ساعات أو أكثر في بعض الأحيان للتلذذ بالمأكولات التي كان يحضرها الطاهي جاك شيبوا الحائز على نجمتي ميشلين في مطعم أبيه «ذا غراي البيون» في جنوب فرنسا، ويضحك هنا ويقول: «كنت أفعل ذلك وأظن أن الأمر طبيعي»، إلى أن أدرك بأن الأمر ليس بطبيعي لطفل في سنه غالبا لا يملك حاسة تذوق حساسة ويفضل اللعب على الأكل وتقدير الطعام.

بدأ مارلون العمل مع أبيه في سن الـ17، وعن سؤاله عما إذا كان قد درس إدارة الأعمال في الجامعة، رد مبتسما: «المدرسة لم تكن مكاني المفضل، تركتها بعدما باءت دراستي في مرحلة الباكالوريا بالفشل». بعد موت أبيه بيعت إمبراطورية أبيلا بمبلغ 360 مليون جنيه إسترليني، إلا أن مارلون الذي كان حينها في سن الـ27 لم يشأ أن يعيش حياة الأثرياء الذين يرثون المال من آبائهم، ولكنه قرر بأن يشق طريقه بنفسه لأنه لطالما عشق هذا المضمار. وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كان يشاطره أحد إخوانه عمله، قال مارلون برد فعل سريع: «لا أبدا، أنا هنا المالك الوحيد».

مارلون هو الآن في العقد الثالث من عمره، وما حققه أكبر بكثير من سنوات حياته، فقبل بدء الأزمة العالمية في العالم قرر أبيلا افتتاح 30 مطعما في غضون 5 سنوات ما بين لندن والولايات المتحدة الأميركية، وكان هدفه واضحا وصريحا: إنشاء أهم مطاعم في العالم تنضم إلى قافلة مطاعم نجوم ميشلين، إلا أن الأزمة الاقتصادية كانت عائقا في تحقيق أبيلا مشروعه ورؤيته، فأحدث تغييرات على برنامجه التوسيعي، من دون التخلي عن تحقيق مشاريع جديدة، ففي اليوم الذي التقيناه فيه كان من المنتظر أن يفتتح مخبزه «عالي الجودة» في نيويورك مع الطاهي المختص في المخبوزات فرنسوا بايار المشهور عالميا، إلا أن إعصار ساندي أجبر أبيلا على تأجيل موعد الافتتاح إلى تاريخ آخر. وعن المخبز يتحدث أبيلا بشغف كبير ويقول: «أريد تغيير مفهوم المخبز والباتيسري في العالم، ولهذا أتعاون مع أسماء لامعة مثل فرنسوا». وبافتتاح هذا المخبز سيكون هناك 5 فروع لمخابز بايار في اميركا.

مارلون أبيلا أسس شركته الخاصة عام 2001 وأطلق عليها اسم «مؤسسة مارلون أبيلا للمطاعم» (MARC)، ويندرج تحت مظلتها مطاعم عالية الجودة وأخرى تمزج ما بين الجودة والأسعار المناسبة للجميع. في لندن يملك مطعم «غرين هاوس» الحاصل على نجمة ميشلين ويقع في مايفير ويتولى إدارة مطبخه الطاهي التنفيذي الشيف أرنو بينيون، الذي تتلمذ على يد الشيف الرائع إيريك فريشون صاحب النجوم الثلات في مطعم «ابيكور» في فندق «لو بريستول» في باريس، بالإضافة إلى ملكيته لمطعم «أومو» الياباني الحائز على نجمة ميشلين أيضا، و«مورتنز» في باركلي سكوير، و«بيسترو كاسيس»، وفي أميركا يملك أبيلا مطاعم «أ فوتشي ماديسون» و«أ فوتشي كولومبس»، وكلاهما يملك نجمة ميشلين في نيويورك، ويملك «موريللو بيسترو» في غرينتش (أميركا)، و«بيسترو دو ميدي» في بوسطن، وفي دبي يملك شركة ضخمة توزع المأكولات من أوروبا وأستراليا وشرق آسيا والولايات المتحدة الأميركية إلى أرفع الفنادق والمطاعم في دولة الإمارات العربية (دبي - أبوظبي) وقطر وعمان.

المعروف عن مارلون أبيلا أنه يبحث عن الكمال في عمله ولا يقبل إلا بالأفضل، وإضافة إلى عشقه لعالم المطاعم والأكل، يهوى أبيلا اقتناء القطع الفنية المعاصرة، فإذا زرت أحد مطاعم أبيلا ستجد ذوقه الفني على الجدران، فهو يقوم بشراء القطع الفنية لمنازله ومطاعمه، في مطعم «مورتنز» ستلفتك اللوحات الفنية الرائعة التي تصرخ بالألوان وتتعانق مع النور المنبعث من الشرفة الخارجية المطلة مباشرة على ساحة «باركلي سكوير »، فهذا الموقع لا يملكه إلا رجل أعمال بعقلية مارلون أبيلا الذي لا يقبل إلا بالأفضل ولا يطمح إلا للنجاح.