لورا ليتينسكي.. من تصوير عارضات الأزياء إلى تصوير الموائد

مكان جديد لبقايا الطعام على المائدة

TT

تقول لورا ليتينسكي، مصورة الفنون الجميلة والأستاذة في جامعة شيكاغو: «يريد الناس الكمال حتى وإن كان زائفا».

قد تقصد الحديث عن الخلاف المستمر على تصوير الأزياء النسائية، ولكن السيدة ليتينسكي التي تبلغ من العمر 50 عاما انتقلت بالحديث إلى مجال آخر وهو الطعام.

كما تحول بعض مصوري الأزياء عن الصور اللامعة لعارضات الأزياء الرشيقات والسماء الزرقاء الصافية، تنفر السيدة ليتينسكي من تصوير كعكات الزفاف المغطاة بالسكر التي لا تشوبها الأخطاء أو صور غرف تناول الطعام المخصصة لحفلات عشاء منظمة تشاهدها في الدراما البريطانية.

بدلا من ذلك تصور السيدة ليتينسكي بقايا الكعكات ومفارش موائد ملطخة بعد وجبات صاخبة، كما تهتم بتصوير الملاعق المتسخة وقشور الشمام الفارغة وبقايا سكريات وقطع خبز مقطعة بغير نظام. تصف السيدة ليتينسكي أعمالها بأنها تبحث في «مشكلة وهم الكمال».

ولكن في الأعوام الماضية، بدأت مزيد من المجلات، يبدو أن صور السيدة ليتينسكي تتعارض معها، في التواصل معها من أجل التقاط الصور. تنشر الصور التي تلتقطها السيدة ليتينسكي بالفعل في «بون ابيتيت» ومجلة «نيويورك تايمز»، ولكن المفاجأة أن تستعين بها «مارثا ستيورات ليفينغ» و«مارثا ستيورات برايدز»، وهي إصدارات قد تبدو كأنها تريد التخلص من هذه الصور الفوضوية.

وحتى مجلة «برايدز» التي من المفترض أن تقدم صورا تعبر عن الهدوء والنظام، نشرت في عددها الصادر في يوليو (تموز) صورا التقطتها السيدة ليتينسكي لموائد. كانت أطباق المعكرونة تحتوي على بقايا متروكة. وكانت فناجين الشاي والأطباق غير مستوية ووضع منظمو الحفل في عجالة خليطا من أدوات المائدة. يبدو أن المساعدين الذين عملوا على السيدة ليتينسكي في هذه الصور التي نشرت في المجلة ابتهجوا بالفوضى.

علق المصمم الحر جيفري ميلر الذي يعمل مع السيدة ليتينسكي في صور مجلة «برايدز» قائلا: «أحببت الأمر. إنها كما هي، تعبر عن شخصيتها. تكمن فكرة الفن الجيد في إثارة المشاعر. وهي على دراية كبيرة بجميع التفاصيل الدقيقة في هذه الصور. ليست عشوائية بالفعل. بل مدروسة جيدا».

تقول دانا كوين رئيس تحرير «فود أند واين» إنها لم تعمل مع السيدة ليتينسكي ولكنها استعانت بمصورين أمثال آنا ويليامز وماركوس نيلسون من أجل إضافة مزيد من صور الطعام الصاخبة إلى صفحات مجلتها. ووجدت أن القراء أكثر انفتاحا لتقبلها.

تضيف كوين قائلة: «تغيرت نظرتنا بطريقة ما، وأصبحنا نرى الأشياء غير المكتملة جميلة مثل الطماطم غير المعدلة وراثيا».

تقول السيدة ليتينسكي، التي نشأت في مانيتوبا، إن اهتمامها بالطعام بدأ من ولعها بالصور الساكنة التي تقول إنها كانت مهملة وتعتبر مثل أفلام بوليوود في ذلك الوقت. يقدم كتابها «أكثر من أي وقت مضى» الذي يحتوي على صور التقطتها منذ عام 1997 وحتى عام 2004. صورا لقطع متفرقة من كعكة وقشر برتقال أحمر يكسو عصيره الخزف، وأرنب من الشوكولاته تم تقشير غلافه الذي يحمل لون تركواز وأكلت رأسه. هناك قصص غير مكتملة، وما زال المشاهدون يتشوقون لمقابلة محتفلي السيدة ليتينسكي الغائبين.

تعلق السيدة ليتينسكي على ذلك قائلة: «أريد أن تحمل الصور بعض الضغط».

تنعكس ازدواجية السيدة ليتينسكي تجاه الكمال على حياتها الشخصية، فهي معجبة بلمسات مارثا ستيوارت الجمالية التي تسعى إلى الكمال. كما تزرع خضراواتها الخاصة وتصنع الخل الذي تستخدمه وكذلك الخميرة وحتى أوانيها الفخارية. ولكنها تؤكد على أن بيتها بعيدا تماما عن الكمال. تصف السيدة ليتينسكي، التي تقول إن ممتلكات الأشخاص «تفصح كثيرا عن هويتهم»، منزلها بأنه «مزيجا من أثاث إيكيا وأشياء وجدتها في سوق الخردة وأشياء أنفقت عليها أموالا طائلة». كما تلطخ «بقع البنجر والكرز والنبيذ المسكوب» منضدة مطبخها.

يحمل أبناؤها أيضا آراءها المزدوجة تجاه الكمال: فابنها الأول البالغ من العمر 14 عاما غير مهندم، بينما الآخر الذي يبلغ عمره 4 أعوام محب للنظام يكره أن يجد شيئا رديئا.

في آخر معرض للسيدة ليتينسكي الذي ضم 10 صور في قاعة يانسي ريتشاردسون بداية من 20 أكتوبر (تشرين الأول)، ركزت بمزيد من العمق على الصراعات التي تواجهها مع فنانين آخرين في سعيهم إلى الكمال. أخرجت مجموعات ثلاثية الأبعاد من صور الطعام التي قصتها من مجلات وبعض الصور الخاصة بها. ثم وضعت الصور على خلفيات بيضاء، مما أضفى عمقا وبساطة، ثم التقطت لها صور: برتقالة وشريحة من البطيخ وبقايا خوخ موضوعة عشوائيا حول طبق؛ قطع من اللحم ومثلجات عليها صوص الشوكولاته والبانيني ممزوجين في سعادة.

ولكن هل القراء مستعدون لهذه الصور التي تتقدم بفكرتهم عن صور المجلات إلى خطوة مربكة؟ يقول يانسي ريتشاردسون صاحب المعرض، إن زواره رحبوا برؤية السيدة ليتينسكي، التي يذكره عملها بشعوره عندما يأتي شقيقه الجراح الثرثار لتناول العشاء.

تقول السيدة ريتشاردسون: «هناك قدر كبير من الجانب النفسي في أعمالها».

ولكن لا يشعر بعض محرري المجلات بأن القراء سيهتمون كثيرا بأعمالها. فهذه الجوانب لا تتناسب مع الجميع. تقول فيكي لوري، رئيس التحرير التنفيذي لمجلة «إل ديكور» التي نشرت لمحة عن السيدة ليتينسكي واشترت إحدى صورها، إنه رغم أن «صور الطعام على وجه التحديد أصبحت استكشافية وتجريبية إلى حد كبير، فإنها قصة مختلفة للمجلات المنزلية». وقالت: إن المجلات ليست مستعدة لإظهار العيوب التي تقع في البيت الحقيقي أمام القراء.

وأضافت: «لن تظهر آثار تجاعيد على السرير أو أسلاك كهربائية».

كانت كريتسين فإن أوغتروب، مديرة تحرير «ريل سيمبل» مختلفة على مدار أعوام مع قسم التصوير حول الاستعانة بالسيدة ليتينسكي وإذا كان عملها يتناسب مع أسلوب المجلة المنظم.

تقول فإن أوغتروب: «إنها معجبة للغاية بقسم الصور لدينا، وبالنسبة لي أود أن أعلق صورها على حائطي. إنها تروي قصة مثيرة للاهتمام، ولكنها ليست من النوع الذي نتناوله في هذه المجلة».

خدمة «نيويورك تايمز»