أطيب قهوة من أغلى ماكينة

اطلب الأفضل ولو في المقهى

TT

تبدو ماكينة القهوة الجديدة وكأنها مأخوذة من رواية لجول فيرن، حيث تحمل رؤية القرن التاسع عشر عن المستقبل.

وتسمى هذه الماكينة بـ «قضيب السيفون»، وتم استيرادها من اليابان بسعر 20 ألف دولار، وهي الوحيدة الموجودة في الولايات المتحدة التي تستخدم طاقة الهالوجين، وجرى نقاش طويل بين مستوردها جاي ايغامي وشركة قهوة أيوشيما لتصميمها.

قال ايغامي: «إذا كنت تريد فقط جهازا لصنع أي قهوة، فإنك غير مستعد بعد لها»، لكنه أضاف أن جيمس فريمان صاحب المقهى مختلف عن ذلك فهو «استثمر وقته واستثمر الفائدة.. إنه مستعد».

وظل الحرفيون منذ فترة طويلة مستعدين لدفع أسعار بخمسة أرقام لماكينة اسبرسو وتستطيع أن تعمل تخمير القهوة. وها هو يتحقق الحلم أخيرا، إذ ان «قضيب السيفون» لا يعمل اسبرسو فقط، بل يعمل قهوة مخمرة، مثلما هو الحال مع ماكينة القهوة كلوفر، التي يبلغ سعرها 11 ألف دولار، والتي تعمل كوب قهوة واحدا في كل مرة. ومع هاتين الماكينتين يبدو أن مبدأ تخمير القهوة على وشك الانطلاق بين عشاق القهوة.

هل يمكن القول إن عصر القهوة المخمرة سيبدأ للتو؟، قال جورج هاويل من مقهى تروار، الذي يبيع حبوب البن الخضراء والمحمصة للأفراد: «نحن على وشك بداية هذا العصر. لم يتم إعداد القهوة بشكل مثالي، لأن الماكينة التي تعمل لم تكن موجودة».

لكنه أضاف أن التطورات الأخيرة في تكنولوجيا صنع القهوة «جعلتنا أخيرا نستطيع الحصول على استخراج مثالي لها». أما فريمان فهو لا يسعى إلى إنهاء عصر الاسبرسو، فهو نفسه يبدأ نهاره بقهوة كابوتشينو وتصنع قهوته من أكثر الأماكن المعروفة والمتخصصة في صنع الاسبرسو، بما فيها تلك الماكينة المجددة والمعروفة باسم سان ماركو، التي يعود إنتاجها إلى فترة الثمانينات من القرن الماضي، مع ذلك فهو متحمس كثيرا لإمكانات تخمير القهوة.

وقال فريمان: «قضيب السيفون آلة رائعة، فقهوتها أحلى وأكثر عصارة والمذاق يتغير حسب تغير درجات الحرارة وأحيانا تكون مادتها خفيفة وغالبا تغطى بقشدة القهوة».

وهذا الاهتمام الحرفي بالقهوة المخمرة جعل الماكينة الجديدة كلوفر المتخصصة في هذا النوع من القهوة، التي تم تقديمها قبل سنتين فقط، المعيار العام في كل المقاهي التقدمية الموجودة داخل الولايات المتحدة بما فيها مقهى انتلجنسيا في شيكاغو، ومقهى لاميل في لوس أنجليس، ومقهى كافيه فيتا في سيتل.

حتى الآن ما زالت كلوفر محصورة في عدد قليل من المستخدمين لها، فليس هناك أكثر من 200 ماكينة منها موجودة في شتى أنحاء العالم، لكن ربما ستصبح قريبا سائدة، فشركة ستاربك اشترت اثنتين منهما للتو.

وجرى تصميم هذه الماكينة على يد ثلاثة خريجين في جامعة ستانفورد. وتسمح بتطبيق البرنامج الذي يريده مستخدمها من حيل درجة الحرارة وجرعة الماء ووقت الاستخراج، كذلك لا يتم تخمير القهوة لكل كوب مطلوب، بل يمكن تحديد الطريقة التي يتم بها التخمير لكل كوب عبر نوعية حبوب القهوة المستعملة: هل ستكون من حبوب خفيفة التحميص أم ثقيلة أم تكون حامضة قيلا أم حلوة؟، وغير ذلك.

تعمل ماكينة كلوفر بطريقة معاكسة لعمل قهوة البريس الفرنسية، حيث تدفع القهوة المطحونة إلى حجيرة التخمير ثم يتم إطلاق الماء الحار عليها، بعد ذلك يرتفع ذراع الكبس عنها دافعا في الوقت نفسه فلترا مما يجبر القهوة على الخروج عبر خرطوم إلى المقدمة، والخطوة الأخيرة هي حينما تتجمع أكداس القهوة المستخدمة بشكل جميل إلى القمة، وهذا مشهد خلاب بالنسبة لعشاق القهوة، وبادر أحد الأشخاص بتصوير فيلم وعرضه على YouTube.

في مقهى ستامبتاون أنكس ببورتلاند هناك 35 نوعا من أنواع القهوة في قائمة العرض داخل مقهى صغير، وعلى عكس مواقع الفروع الأخرى من هذه المقاهي، والبالغ عددها ستة، يعتبر هذا المقهى الوحيد الذي لديه ماكينة خاصة بعمل الاسبرسو.

كان مقهى أنكس يخمر القهوة بفلترات قمعية، لكن الآن كل شيء أصبح يجري من خلال ماكينة كلوفر. وقال دوان سورنسن، صاحب ستامبتاون: «أنت تحصل على مذاقات نباتية أكثر مع حلاوة رائقة ورائحة عطرة مع خيط من أريج الليمون. والمذاقات اللذيذة والجذابة تأتي بفضل ماكينة كلوفر».

أما دوغ زيل، صاحب مقهى انتلجنسيا فقال: «تعطيك ماكينة كلوفر سيطرة أكبر على المتغيرات المشاركة في صنع القهوة، في كوب نظيف وجاف وتسعى إلى إضافة قيمة أكبر للقهوة التي لديها نبرة أقوى وأكثر إبهاجا. مثل أنواع القهوة القادمة من شرق أفريقيا، تلك الأنواع المعقدة من القهوة القادمة من أميركا اللاتينية».

وقال ديفيد ارنولد، مدير التكنولوجيا المطبخية في المعهد المطبخي الفرنسي في نيويورك: «إذا مررت القهوة بسرعة في الماء، فإنك ستحصل على تدرجات في مذاق القهوة وأنت لن تحصل على ما تقدمه الاسبرسو». ويسمح أرنولد بتخمير القهوة بحيث يكون التركيز على مذاقات رائقة في حبوب البن الأصلية، خصوصا إذا تم تحميصها وهي ما زالت طازجة، والفرق هائل عن القهوة العادية.

السر في كيفية تحريك القهوة لوعاء السيفون كرتان زجاجيتان ويعمل كأنه ماكينة صغيرة. ومع قسر بخار الماء للماء كي يدخل في كرة القهوة يتم تحريك القهوة المطحونة بيد مع مجذاف مصنوع من الخيزران.

والهدف هو لخلق دوامة عميقة في أربع دورات من دون مس الزجاج. وتكون للوقفة أهمية مثلما هو الحال مع أهمية الوقت: فلقهوة السيفون دورة تخمير خلال 45 إلى 90 ثانية.

وقال فريمان صاحب مقهى بلو بوتل: «الدوامة تتطلب وقتا ولا يمكن تقصيره».

وقال فريمان إنه ظل يستخدم تحريك الماء العادي لأشهر من أجل خلق ذاكرة عضلية قبل بدء تخمير أول أكوابه من قهوة السيفون. ودلائل وجود تكنيك جيد قائمة في الثفالة: يجب أن تشكل بقايا القهوة المستخدمة قبة متماسكة ومبقعة بفقاعات صغيرة علامة على حدوث الإخراج الصحيح.

قال فريمان: «إنها أشبه بالمشكاة. إنها تجبرك على الاهتمام بكل قطرة، لأن الكوب اللاحق سيكون مختلفا. أنا أشعر أنه حينما نقدمها للزبائن، علينا أن نسألهم بسكبها في كوبهم وشمها فقط خلال الدقيقة الأولى».

*خدمة «نيويورك تايمز»