4 صينيين يتحدون الموت ويفتتحون مطعما في بغداد

شعارهم «لا تفكر بالخوف كي لا تشعر به»

TT

(لوو، وو، جا) ثلاثة رجال صينيين ومعهم المرأة الوحيدة بينهم «يانكي»، أربعة جيران جاءوا للعراق بأحلام كبيرة، اتفقوا جميعهم على ترك عوائلهم والمخاطرة بحياتهم والبدء كما فعل أبناء جلدتهم الذين توجهوا إلى أميركا كما تقول يانكي، هذه كانت فكرتهم بعد أن درسوا الوضع في العراق وتبين لهم انه بلد مفعم بالحياة وفيه الكثير من الخيرات، وأيضا يخلو تماما من الجاليات الأجنبية التي من الممكن أن تتدفق عليه بعد استقرار الأوضاع الأمنية بشكل كامل، ولهذا فعليهم الإسراع لتثبيت أقدامهم على الخارطة الاقتصادية التي يتوقعون أنها ستكون أقوى بكثير من بلدان أخرى.

رغم مرور شهر واحد على افتتاح أول مشروع لهم في بغداد، وهو عبارة عن مطعم صغير علقت على واجهته لافتة صغيرة كتبت باللغتين العربية والصينية، تشير إلى أن المطعم متخصص بالأكلات الصينية، إلا أن الشباب البغدادي الذي يبحث عن ما هو جديد، وجدها فرصة لكسر حاجز الروتين ومحدودية قائمة الأطعمة التي تقدمها المطاعم، كما أن الصينيين الأربعة بدأوا بأكلات شعبية صينية لا تبتعد كثيرا عن الأكلات العربية أو استخدامهم لذات المواد، لكن بطريقة تختلف عن المعروفة، جعل الشباب وحتى بعض العوائل تبحث عن المطعم لتذوق ما يقدمه غيرهم من الشعوب.

يانكي المسؤولة عن تقديم الأطعمة للزبائن بطريقة لم يعتدها سكان هذا البلد، فهي تجيد استعمال بعض الكلمات الدارجة محليا، ولا تتفاجأ عندما تطلب منك يانكي بأسلوب مهذب وابتسامة خفيفة (وخر شوية)، أي افسح لي الطريق، أو (شتريد تاكل)، وهذه الكلمات تعلمتها بحسب ما قالته لـ «الشرق الأوسط»، من بعض العراقيين أثناء عملها في إحدى الشركات الصينية التي قدمت لتنفيذ مشروع لصالح إحدى الوزارات قبل سنتين، وأضافت أنها اضطرت للعمل في العراق رغم حجم المخاطر وتركت عائلتها وابنها البالغ من العمر 21 عاما، وهي ترغب بمساعدة أصدقائها بدءا بمشروع كبير جدا يكون له سمعته في كافة أرجاء البلاد.

عن هذا المشروع بين لو، الذي يستعين بمترجم شاب يجيد الصينية يرافقهم دوما أينما ذهبوا ويشرف على تأمين احتياجاتهم: «اننا جئنا ليس بهدف افتتاح مطعم صغير، رغم علمنا أنها ستكون البداية، لكن أحلامنا اكبر وقد بعثنا زميلنا (جا) إلى الصين لتأمين مبلغ إضافي يمكن من خلاله افتتاح معمل أغذية أو شركة لإنتاج الأطعمة الصينية الشعبية وتوزيعها على مطاعم الدرجة الأولى والفنادق وحتى الأسواق، وبدأنا التحرك على الأمر فعلا، كما أن عددا من الزبائن يخبروننا أنهم بحثوا عن المطعم كثيرا لان موقعه يقع داخل شارع فرعي في منطقة الكرادة، وهذا يجعلنا نبحث نحن عن مكان أكثر تميزا للزبائن. هناك عدد من الشباب الذين يأتون لتناول أطعمتنا رغم تخوف البعض من اللحوم التي نقدمها، فالمواطن العراقي لم يعتد على وجود مطاعم تدار من قِبل طهاة أجانب، لذا أكثرنا من تقديم السلطات التي تخلو من اللحم، كما أننا نطلب من العاملين العراقيين معنا بأن يقوموا بشراء اللحوم وان يخبروا الزبائن بذلك حتى يتخلوا عن خوفهم، والأمر الذي لاحظناه هو كثرة تناول الملح والدهون من قِبل الزبائن، وهذا الأمر غريب علينا، وأجبرنا على وضع الملح بكميات كبيرة نزولا عند رغبتهم، رغم أننا لا نستخدمه في طعامنا بكثرة، وحتى أنها تخلو منه تقريبا، ونقدم حاليا السمك على الطريقة الصينية المعروفة، والدجاج والكفتة والسلطات وحتى المرق والرز».

لوو اخبرنا انه ذهب لسوق الشورجة قبل عدة أيام لوحده، بعد أن رفض عامل عراقي الذهاب معه لخوفه من التجول بصحبة أجنبي، وكان تعامل العراقيين معه في السوق رائعاً ومشجعاً والكل أبدى الرغبة لمساعدته، رغم عدم إجادته العربية، ولهذا استعان بالهاتف النقال، فيقوم بالاتصال بالمترجم كلما دعت الحاجة لذلك.

وأضاف انه لم يشعر بالخوف من هذا الأمر رغم معرفته بظروف بغداد الأمنية، لكنه عاد ليصفها بالجيدة حاليا وانه اعتاد على سماع دوي الانفجارات أو سماع صفارات مركبات الأجهزة الأمنية والعيارات النارية. وقال إن الجميع متفق على تنفيذ الهدف وإنهم يؤمنون بالمثل الصيني القائل (لا تفكر بالخوف كي لا تشعر به)، واختتم كلامه بأنهم يؤمنون أيضا بتحسن الأوضاع الاقتصادية في هذا البلد وانه سيكون جاذبا للاستثمار في المستقبل القريب، وعليهم أن يكونوا السباقين في هذا المضمار. محسن جبار، احد الزبائن قال: إنه جاء فقط لتذوق (النودلز) التي اخبره عنها احد أصدقائه وجاء قبل أيام لهذا المطعم، فهي كبيرة الحجم ومذاقها طيب، لكنه لم يجرب الأكلات الأخرى خاصة التي فيها لحم، رغم أن احد العاملين معه اخبره بأنه هو من يشتري اللحم وتحديدا من احد محال بيع اللحوم القريبة من المطعم الصيني، وهنا قرر أن يجرب في كل مرة يأتي فيها للمطعم أكلة مختلفة.

مقداد أوضح انه جاء فقط ليرى الطريقة الجميلة التي يطهو فيها الشيف الصيني، فهو يقلب الطعام بطريقة فنية، وكما كان يراها في بعض وسائل الإعلام، لكن هذا لا يمنع من طلب بعض السلطة الصينية وتذوق طعمها.

شاب آخر قال: انه بدأ بالبحث عبر شبكة الانترنت عن أنواع وأسماء الأطعمة الصينية، وجاء إلى المطعم لتذوق أكلة معينة وجدها على الانترنت، وكانت تجربته جيدة جدا.