الفول يحتل المكانة الأولى في المطاعم والمقاهي الصغيرة في الخرطوم كطبق رئيسي لا يمل لوجبتي الفطور والعشاء، وتتم عملية تحضيره أو «تصليحه» ـ كما يقول المصريون، بإضافة النكهات السودانية المألوفة للفول كالشمار الأخضر «الكمّون» والجرجير والجبن الأبيض وتفتت عليه الطعمية ثم يرش عليه زيت السمسم بكمية وافرة بحيث يكوّن الزيت طبقة غزيرة فوق الفول بنكهته الشهية، ويؤكل الفول ساخنا يتصاعد منه البخار أو في سندوتشات شهية..
الكثيرون يفضلون إضافة مواد الى الفول ليكون بمذاق مختلف، والفول كالخبز يتقبل أي شيء، فالبعض يضعون عليه البيض المسلوق أو الزبادي أو الكبدة أو التونة أو الطحينة أو يطبخ بإضافة الصلصة، كل حسب مذاقه الخاص.
وتجد العمال وطلاب المدارس في الشوارع الجانبية في مدن العاصمة الثلاث متجمعين أمام البقالات حول صحن صغير من الفول ويقومون بتقطيع الرغيف عليه على اشكال قطع صغيرة وتخلط مع الفول ويرش بعدها زيت السمسم وتعرف هذه الوجبة باسم «بوش» ـ ورغم ايحاءات الاسم الذي أطلق على هذه الوجبة فى بداية التسعينات إلا أنه ليس له أي علاقة بالرئيس الأميركي الابن أو الأب، أما في البيوت فالفول يحتل الطبق الرئيسي لوجبتي الفطور والعشاء..
وبافتتاح المقاهي الحديثة في بداية التسعينات تحول الكثيرون عن الفول وأصبحوا يميلون الى ما تقدمه هذه المطاعم والمقاهي من سندوتشات يغلب عليها اللحم، كالبيرجر والشاورما بنوعيها الفراخ واللحم، والكباب أو «الشيّة» كما يطلق عليه السودانيون، والكفتة والستيك، وأخيرا أضيف الى القائمة الهوت دوج والمارتديلا، ويضاف إليها البيض المقلي وسلطة المايونيز وجبن الكرافت والطحين، وأصبحت هذه المأكولات هي الوجبات المألوفة في كل المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة وتوارى الفول عن القائمة الشهية خجلا ولا يحفل به إلا القليلون.. ولكن الملاحظ حاليا أن المطاعم الجديدة التي تفتتح بالخرطوم عادت الى طبقها المألوف ويحمل معظمها عنوانا رئيسيا «فول وفلافل» أو «أخصائي الفول والفلافل» ـ أي الطعمية رغم أن السودانيين لا يسمون الطعمية بالفلافل إلا أنهم يفضلون هذا الاسم تجاريا نسبة لموسيقى الاسم على العنوان، وتجد على المحل الإقبال الكبير من الجماهير والازدحام، فالكثيرون رجعوا الى طبقهم المفضل، نسبة للتوعية الصحية بمخاطر أكل اللحوم الدسمة، إضافة الى غلاء سعر هذه السندوتشات وقد يصل أعلاها في ما يسمى «بيرجر جامبو» في المطاعم الفاخرة الى 6 دولارات للسندوتش، كذلك الى أن المواطنين باتوا لا يحبذون اللحوم بعد شائعات ترددت أخيرا عن مرض الحمى النزفية التى تصيب الماشية والخراف، وكل تلك الأسباب أعادت السودانيين الى طبقهم المفضل «الفول»، كل يضيف إليه نكهته الخاصة..