المطبخ الكشميري من ألوان الطيف

أكلات لا تعرف الشوك والسكاكين طريقا إليها

TT

أثر الكثير من العوامل على الثقافة والتقاليد والفنون في كشمير على مدار التاريخ. الأمر نفسه ينطبق على الطعام الكشميري، الذي يذكّرنا، سواء بالنسبة لأسلوب تقديم الطعام أو طريقة الأكل، بالطعام الفارسي والأفغاني وبعض الوجبات التي تقدم في وسط آسيا. ويعد الطعام الكشميري كنزا لمحبي الطعام. وتعرف كشمير بأنها قطعة من السماء، وبالمثل يمكن النظر للطعام الكشميري على أنه طعام يهبط إليك من السماء. ويتميز الطعام الكشميري بطهي الوجبات غير النباتية، خاصة الأكلات التي تعتمد على اللحوم، حيث يفضل لحم الضأن على الأنواع الأخرى. وهناك أولوية للحم الضأن والدجاج والسمك في الوجبات الكشميرية، ويتضمن الطعام بعض الخضروات مع اللحم في الأكلة الواحدة. ومن الشائع أن يكون هناك لحم الضأن مع اللفت أو السمك مع اللوتس أو الدجاج مع السبانخ. وليس هناك قيود على استخدام التوابل مثل حب الهيل والقرفة والقرنفل مع كل أنواع الطعام الكشميري.

ولأن كشمير من الدول الرئيسة المنتجة والمصدرة للـ«عُصفر»، فإنه يتم استخدامه بشكل ما مع كل أصناف الطعام. وتحتوي الوجبات على الفاكهة الجافة، خاصة مع وجبة «الكري». ويستخدم الفلفل الأحمر الكشميري كثيرا. وتعتمد بعض الوجبات على الكركم والزبادي. ومن أحد أبرز خصائص أسلوب الطهي الكشميري، استخدام اللبن المتخثر بنسبة كبيرة لعمل صلصة مرق اللحم مما يكسبه قواما يشبه قوام القشدة. ويستخدم زيت الخردل بصورة أساسية في الطهي. ويكتسب الحديث عن الطعام الكشميري أهمية أكبر إذا علمنا أنه قد أقيم في الوطن العربي عدد من المهرجانات المخصصة لتقديم الطعام الكشميري، وكان آخرها في دبي في العام الماضي، حيث قدّم كل مطعم تقريبا إحدى الوجبات الكشميرية على قائمة طعامه. ومن أبرز ما يتميز به الطعام الكشميري ويجعله مصدر سعادة لخبراء الطهي الوجبة الفريدة: «وازوان». وتتكون وجبة الـ«وازوان» التقليدية من 36 صنفا، وكل نوع من الطعام له تقاليد خاصة ويعيد إلى الذاكرة أحداثا مهمة مثل حفلات الزفاف أو الميلاد أو أي مناسبات خاصة أخرى. ومن النادر جدا، أن تجد الأصناف الـ36 موجودة في الوجبة، ولكن من الشائع أن يأكل الكشميريون 20 من الأصناف المختلفة بصورة ثابتة. وفي الواقع، يحتاج عمل وجبة «وازوان» إلى مجهود كبير، كما أن هناك مجهودا إضافيا في الاستعداد لهذه المناسبة الخاصة. ولوجبة «وازوان» مفهوم خاص. فبداية تعني كلمة «واز» الطاهي ـ الشخص الذي لديه خبرة فريدة في فنون الطهي، انتقلت له على مدار عدة أجيال من الآباء إلى الأبناء. والـ«وان» هو المكان الذي يبيع الأشياء التي يحتاجها الـ«واز» لعمل وجبة «وازوان». وتستغرق عملية إعداد الوجبة الكثير من الوقت وبها الكثير من التفاصيل. والأشخاص الذين يشتركون في إعداد هذه الوجبات هم نسل بعض الطهاة الكبار الذين كانوا موهوبين في عمل هذه الوجبة. وهناك بعض الأماكن المشهورة بوجود الطهاة الذين يمكنهم عمل هذه الوجبة في مدينة سرينغار. ومن الأصناف الشائع وجودها في هذه الوجبة: «ريستا» (كرات اللحم) وتصنع من لحم الضأن المطبوخ في صلصة مرق اللحم ـ «سيخ كباب وطبق ماز» قطع مسطحة من لحم الصدر وتقلى مثل البطاطس المقلية ـ «روجانجوش» الذي يتسم باللون الأحمر بسبب استخدام الفلفل الأحمر الكشميري بنسبة كبيرة ـ «يخني» وهو شيء يشبه لون القشدة وله نكهة شهية ويصنع بالأساس من اللبن المتخثر ـ «جوشتابا» وهو آخر الأطعمة التي تقدم في وجبة «وازوان» وهو مثل كرات لحم الضأن ويختلف عن «ريستا» في أنه يتم طبخه في صلصة مرق اللحم الكثيفة التي يغطيها اللبن المتخثر الطازج ـ «دام ـ علو وتشامان» وهما من أشهر الأطعمة النباتية التي يتم تقديمها. وتعد المناسبات السارة هي أساس وجبات «وازوان»، ويكون على العائلة المضيفة الاستعداد لهذه الوجبة قبل نحو شهر من موعدها لتخزين العدس والأرز والتوابل وتجهيز الأواني الفخارية التي سيوضع فيها الطعام والخشب الذي سيستخدم في عملية الطهي. ولا تحتل الحلوى مكانا بارزا في المطبخ الكشميري، ولكن يشرب الشاي الأخضر بعد تناول الطعام.

ومن الأطباق النباتية في الوجبة، طبق «دوم ألوو» وهو عبارة عن بطاطس مقلية وصلصة مرق الخضار التي يغطيها اللبن المتخثر.

* تقديم وجبة الـ«وازوان»

* هناك طريقة فريدة لتقديم وجبة الـ«وازوان»، حيث يجلس الناس في مجموعات كل منها يضم أربعة أفراد ويشتركون في الأكل من طبق معدني كبير يسمى «ترامي». ويبدأون بغسل الأيدي في حوض «تاش تناري». ولا يسمح باستخدام أي شيء آخر سوى الأصابع للأكل، فالتقليد في كشمير أن يؤكل الطعام بالأيدي دون ملاعق أو شوك أو سكاكين. بعد هذا يأتي الـ«ترامي»، يغطيه الأرز، و«سيخ كباب» و«مثي كورما» و«طبق ماز» و«سافد مورج» و«زعفراني مورج». ويوضع اللبن المتخثر وصلصة «تشاتني» في أوانٍ صغيرة. ويكون آخر طبق يقدم في وجبة «وازوان» هو «جوشتابا». وستجرح مشاعر الـ«واز» إذا لم تأكل من هذا الطبق الأخير.

* تاريخ الـ«وازوان»

* تعود الوجبة إلى أواخر القرن الرابع عشر، عندما غزا ملك المغول «تيمور» الهند وتحديدا في عام 1348 خلال فترة حكم نصير الدين محمد من الـ«طغلق». ونتيجة لهذا، انتقل الكثير من الطهاة المحترفين من سمرقند إلى وادي كشمير، ونسل هؤلاء الطهاة يطلق عليهم الـ«وازويون».

* كيفية إعداد طبقي الـ«جوشتابا» و«ريستا» المحتويات: ـ فخذ خروف. ـ 4 ملاعق من الدهن أو الزبد منزوع الملح.

ـ 1/4 ملعقة بودرة حب هيل. ـ 3/4 ملعقة ملح. خذ 500 جرام من اللحم الطازج المخلي من العظام من فخذ الخروف (بعد نزع الدهون)، وقطع هذا اللحم في مكعبات 1 بوصة × 2 بوصة، ثم ضع 4 ملاعق من الدهن أو الزبد منزوع الملح و1/4 ملعقة من بودرة حب هيل خضراء و3/4 ملعقة من الملح. بعد هذا، اطرق على اللحم الموضوع على صخرة ناعمة باستخدام مطرقة خشبية وخلال عملية الطرق انزع أي دهون تظهر بين اللحم. استمر في الطرق حتى يتغير لون اللحم. أضف الدهن أو الزبد منزوع الملح وبودرة الحب هيل الخضراء. استمر في الطرق، واقلب قطع اللحم حتى يصبح لون اللحم أشبه بلون المكرونة. وضع الملح واستمر في الطرق حتى تتأكد من أن اللحم قد تشرّب الملح. بعد وضع يدك في مياه عليها فلفل أحمر، قم بصنع كرات اللحم لتستخدم في طبق «جوشتابا» أو «ريستاج».

* وصفة «دوم ألوو»

* خذ بعض حبات البطاطس صغيرة ومتوسطة الحجم. قشر البطاطس، واعمل فيها فتحات باستخدام الشوكة (يتيح ذلك للبطاطس امتصاص الزيت والصلصة وبهذا تنضج سريعا). ضعها في مياه دافئة مالحة لمدة 5-1 دقيقة. ضع كمية مناسبة من الزيت في مقلاة، وضع البطاطس في الزيت. أوقد عليها شعلة متوسطة اللهب. قد يأخذ هذا بعض الوقت، ولذا عليك أن تصبر. بعد أن تنضج البطاطس، أضف على الزيت بعض الزبادي المخفوق وبودرة الفلفل الأحمر الكشميري. أضف بودرة بذور الشمر. بمجرد أن يطفو اللون الأحمر يكون طبق «دوم ألوو» جاهزا.