كتب طهو للأطفال.. أسلوب حياة جديد

الطبخ في الصغر كالنقش في الحجر

TT

لطالما كانت كتب الطهي للأطفال من أصغر الكتب حجما. وكانت في مؤخرة اهتمامات المكتبات، فلم تكن توضع مع كتب الطهي للبالغين، بل في آخر رف في قسم الأطفال. كما أنها ليس لها تأثير يذكر في المبيعات.

ولكن الوضع تغير الآن حيث يشجع الآباء المهتمون بالطهي أطفالهم على تمضية وقت أكبر في المطبخ. وعلى الرغم من عدم تتبع إجمالي مبيعات كتب الطهي للأطفال إلا أن بعض التجار صرحوا بأن المبيعات في ارتفاع.

ومع صغر سن قراء هذه الكتب وعدم شعورهم بمتعة الطهي، إلا أن الناشرين وعدداً من مشاهير الطهاة ما زالوا يسعون وراءهم.

وتقول ميلاني رودز وكيلة مشتريات كتب الأطفال في محلات بوردرز، حيث ارتفعت نسبة مبيعات كتب الطهي للأطفال إلى الثلث في العام الماضي: «إنها مثل الكتب الموجودة منذ خمسة أعوام، ولكن هذه إما تمهيدية أو عن الحلوى أو تحتوي على كل الأذواق. أما الآن فالناشرون يحاولون أن يلبوا احتياجات جمهورهم».

في الأعوام القليلة الماضية، تغير سوق كتب الطهي للأطفال من مجلدات ومجلات الطهي التي تحتوي على كل شيء، وأصبح مخصصا حسب السن. فتوجد كتب للأطفال (من عام إلى ثلاثة أعوام) تعلمهم كيفية لف أوراق الخس، وكتب للأطفال الأكبر سنا تعلمهم كيفية طهي وجبة كاملة. ويتوقع البعض أن تكون الإصدارات التالية من كتب الطهي للمراهقين.

كما اتسع نطاق الموضوعات أيضا، فشملت الوجبات الأساسية في الحضانات مثل المعكرونة والجبن، والكعك والبيض، بالإضافة إلى ذلك تهتم الكتب الجديدة بالتغذية والصحة وتعرض الأطباق العرقية مثل السوشي والأطعمة الشعبية أيضا.

المشكلة الوحيدة في هذا التوسع هو تحول بعض مؤلفي تلك الكتب إلى التعقيد.

وتقول غيليان إنغبرغ، وهي محررة متخصصة في كتب الأطفال في الصحيفة الصادرة عن هيئة المكتبات الأميركية: «هناك بعض الكتب التي تميل إلى التعقيد»، فبعض منها تحتوي على معلومات عن التغذية أو العناية بالحدائق وهذا لا يتناسب مع الطهاة الصغار.

ولكنها تعتقد أن تلك الكتب تهدف إلى العودة إلى المطبخ، وتبرر كثرتها بزيادة الوعي بشؤون الطعام وتضيف بأن الطهي يساعد على جمع شمل الأسرة.

ويوجد أيضا أهداف أخرى ربحية، حيث تحقق أدوات الطهي مبيعات كبيرة. ويبدو أيضا أن برامج الطهي تجذب الكثير من الأطفال. كما أنشأت مواقع إلكترونية للأطفال عن الطهي. كل ذلك جعل مؤلفي هذه الكتب يسعون وراء أرباح طائلة، ولكنها لم تتحقق حتى الآن. ويقول بيل لوبلوند المسؤول عن كتب الغذاء في كرونيكل: «لم يستقر الناشرون في هذا المجال حتى الآن. فنحن نشعر بوجود جمهور، ولكن لا نعرف حجمهم». وقد طبعت كرونيكل أخيرا كتاب «Kitchen Playdates» لورين بانك دين وكتاب «The Toddler Café» لجينيفر كاردن. ويراود لوبلوند آمال كبرى بالنسبة لكتاب «Cook It in a Cup!» لجوليا ميال الصادر في مارس.

وكما ألف مشاهير الطهاة كتب طهي للبالغين، فقد دخل اثنان منهما في مجال الكتابة للأطفال.

فأصدرت راشيل راي كتاب «Yum-o, The Family Cookbook» الشهر الحالي، وهو يحتوي على وصفات للبالغين والمراهقين، ولكن كل وصفة تتضمن توضيحاً لمهام خاصة يمكن أن يقوم بها الأطفال الصغار، مثل إعداد مكونات للحساء أو للسلطة. في الطبعة الأولى، صدر 500.000 نسخة من الكتاب وهو نصف عدد كتابها الأخير، ولكنه رقم كبير بالنسبة لكتب الطهي للأطفال التي وصل أكبر رقم فيها إلى 20.000. وتذهب أرباح الكتاب إلى مؤسستها « Yum-o» التي تهتم بمساعدة العائلات في الحصول على غذاء صحي.

وقالت راي إنها كتبت للأطفال لما ترى فيهم من حماس، فهم، على حد قولها، يغيرون من العادات الغذائية للأسرة.

كما دخلت باولا دين من «فوود نتورك» في هذا المجال أيضا بكتاب «Paula Deen’s My First Cookbook» المقرر إصدار 400.00 نسخة منه في أكتوبر. ولكن لا تزال محاولات مشاهير «فوود نتورك» في جذب الأطفال غير مضمونة النتائج. فقد خاض الطاهي إمريل لاغاس تجربة الكتابة للأطفال من قبل في عام 2002 بكتابه «Emeril’s There’s a Chef in My Soup!». وبالرغم من أن الكتاب حقق مبيعات 181.000 نسخة إلا أنها تعتبر سيئة بالنسبة لمجال النشر.

ربما يكون وقت نشر الكتاب غير ملائم، أو أنه كان كبير الحجم (242 صفحة)، أو أن الكاتب لم يعجب الأطفال كما أعجبهم على شاشة التلفزيون.

تقول جينيفر غريفين، وهي وكيلة أعمال أدبية، إن هذه النوعية من الكتب لن تحقق النجاح الذي يظنه البعض. فهي تنظر في الكثير من المقترحات لكتب عن الطهي للأطفال ولكنها تعتقد أن القليل جدا منها يصلح. وتوضح أن الأطفال لا يريدون كتبا تستخف بعقولهم، بل أن يفعلوا كما يفعل البالغون في المطبخ.

وتقول موللي كاتزن، وهي مؤلفة ثلاثة كتب عن الطهي للأطفال، إن تلك الكتب يجب أن تراعي أن الأطفال في مختلف الأعمار يكون لديهم قدرات بدنية مختلفة ويمرون بمراحل تعليم مختلفة.

وقد كتبت كاتزن «Pretend Soup» المخصص للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة عام 1994، بمساعدة أحد المدرسين. والكثير من النقاد والمدرسين يعتبرون هذا الكتاب مقياسا لكتب الطهي للأطفال. ففي هذا الكتاب، جاءت كل وصفة بطريقتين: الأولى سردا للآباء والأخرى رسومات توضح الخطوات للأطفال.

فالمادة التي تقدمها بسيطة ومركزة، بعيدا عن أساليب كتب الطهي الأخرى. وأضافت: «السائد لدى البالغين أن الطهي عند الأطفال يجب أن يكون به هرج، ولكن علاقة الأطفال بالطعام يمكنها أن تكون بسيطة من دون هذا الهرج».

وقد نشرت كاتزن كتابها الآخر «Salad People» بعد حوالي عشرة أعوام، حيث تطورت مهاراتها.

ويعتقد العاملون في مجال النشر أنه مع بلوغ هؤلاء الأطفال سن المراهقة ستظهر سوق جديدة أكبر. فيقول لوبوند: «لقد أصبح لديهم القدرة على استخدام السكين والوقوف بجوار الموقد المشتعل، وأصبحوا مهتمين بثقافة الطهي».

وهناك نموذج مشرق هو دروس الطهي التي يقدمها الأطفال للأطفال عبر الانترنت. فالأختان إيزابيلا (12 عاماً) وأوليفيا غيراسول (10 أعوام) تظهران على موقعهما الإلكتروني (sapatulatta.com) في حلقات فيديو لتعليم الطهي تنتجها جارتهما وهي مخرجة أفلام تسجيلية. وتقول والدتهما هايدي أومباهاو إن كتابهما «Spatulatta Cookbook» حقق مبيعات بلغت 65.000 نسخة ومن المحتمل أن يعاد طبعه. تقول إيزابيلا: «أعتقد أنه من الأفضل أن يعلم الأطفال غيرهم كيفية فعل شيء، لأنك عندما يقول لك الكبار شيئا لن تستمع إليهم. ولكن إذا وجدت الأطفال يفعلون ما يحلو لهم، فستفعل مثلهم».

وتعلق إنغبيرغ بأن الكتاب الذي يخاطب مرحلة النمو المناسبة يؤثر تأثيرا كبيرا في علاقة الطفل بالطعام. «فمن الممكن أن يثير الطهي إعجاب الطفل فتصبح علاقته بالطعام جيدة طوال الحياة».

* خدمة «نيويورك تايمز»