«لانيما».. عنوان البساطة الأنيقة

روح مطبخ كالابريا في قلب لندن التجاري

TT

«لانيما» تعني بالايطالية «الروح» أو «النفس»، فمن غير المألوف أن يطلق على مطعم إيطالي اسم يرتبط بدلالات أثيرية، خارج إطار الحواس الخمس، فغالبا ما يطلق على المطاعم اسماء لها صلة بالأرض، والتربة والبهارات والمكونات والخضار، خاصة الاسماء القروية مثل «كاسا روستيكا» و«كوشينا روستيكا»....

غير ان للطاهي الايطالي فرانشيسكو ماتزي Francesco Mazzei الذي يقف وراء «لانيما» المطعم الجديد الذي برع بسرعة البرق في اوساط المطاعم في لندن، نظرة أخرى، فبحكم كونه ابن مدينة «كالابريا» الايطالية الجنوبية الساحلية، من المهم عنده ترجمة ما يختلج في نفسه من أطباق يمكن تذوقها ورؤيتها وشمها وتلمسها لتبقى فيها روح كالابريا وروح جدته التي كان لها الفضل الاكبر في ربط قلب فرانشيسكو منذ ان كان عمره 9 سنوات في المطبخ وفي الزراعة وفي ابتكار اطباق «كالابريا» بتوقيعه الخاص.

بدأ فرانشيسكو ماتزي (34 عاماً) مسيرته في «كالابريا» فدخل الى المطبخ في عمر صغير جدا كان حينها يراقب والدته وجدته، ويقلدهما، فعرف منذ ذلك الحين أن مستقبله سيكون في المطبخ وكان طموحه الوصول الى العالمية ونقل مطبخ كالابريا الى العالم.

وفي لقاء مع «الشرق الاوسط» بدأ ماتزي كلامه عن طفولته وعن المدينة التي ولد وترعرع بها، فخاله كان يملك محلا لبيع البوظة والمثلجات في جنوب إيطاليا، وكان فرانشيسكو يقوم بالعمل الى جانب أخيه فيه خلال أيام العطلة المدرسية في الصيف، وفي عمر الـ18 سنة، التحق بمعهد تعليم الطبخ في كالابريا، وتخرج فيه وانتقل بعدها الى عاصمة العالم لندن لتعزيز خبرته في مجال الطهي، فكانت بداية عمله في مطعم «هاكاسان» وفندق دورشستر وسانتيني و كوربن اند كينغ، وبعدها كان وراء نجاح مطعم «سانت اولبن» في منطقة بيكاديللي في وسط لندن، وبدأ اسمه ينتشر من خلال ابتكار اطباق إيطالية خاصة به من وحي مطبخ كالابريا الغني الى ان جاء رجل أعمال أميركي يدعى بيتر مارانو وعرض عليه مشاركته في افتتاح مطعم خاص به في قلب لندن التجاري بالقرب من محطة «ليفربول ستريت»، بعد ان كان زبونا يواظب على الاكل في «سانت اولبن» للتلذذ بأطباق فرانشيسكو، وهكذا حصل، فتم افتتاح مطعم «لانيما» منذ حوالي شهرين، غير ان المكان ذاع صيته في جميع انحاء العالم، وبدأت الحجوزات تتهافت على المطعم من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا بعد ان تلقى اعلى نسبة من الشهادات الايجابية على موقع «سكوير ميل» الالكتروني المختص بالمطاعم في بريطانيا. ويقول فرانشيسكو: إن سر النكهة في أطباقه مصدره حبه الكبير لمهنته، واسفاره العديدة، فقد تبنى في مطبخه وصفات جاء بها من اقليم بوليا الايطالي وسردينيا وصقلية وشمال أفريقيا وجعل من كل تلك المناطق والاقاليم التي زارها ملهماً أساسياً له في ابتكار الجديد وتحويل القديم الى عرس من النكهات.

عندما تصل الى مطعم «لانيما» الذي يقبع بين ابنية تناطح السحاب في قلب لندن المالي، تتفاجأ بديكور بسيط جدا ولكنه انيق الى ابعد الحدود، فتجلس على قرب من المطبخ وبنفس تبقى على مسافة بعيدة منه، ويقول فرانشيسكو إنه سعيد جدا بالتصميم الذي ابتدعه المصمم العالمي كلاوديو سيلفسترين الذي قام بوضع لمساته على جميع محلات جورجيو أرماني في العالم، ويضيف ماتزي، الاكل والمطبخ هما الاهم في نجاح أي مطعم في العالم غير ان الديكور والجو العام في المكان لا يقلان أهمية.

المقاعد كلها من الجلد الطبيعي الابيض، والجدران من حجر رخامي بني اللون خام، وارضية من حجر «اللايم ستون» الابيض، واجهات زجاجية عملاقة، تتدلى من السقوف إنارة بيضاء عصرية طويلة، وتم تقسيم المكان الى بار بلوري لمن يرغب بالاكل السريع، وركن مخصص للاكل على ارائك من الجلد الابيض ايضا مع طاولات قصيرة للذين يرغبون بالجلوس من دون تكلف وهذا الركن يناسب رجال الاعمال بحكم موقع المكان، والقسم الاكبر من المطعم توزع فيه طاولات بعدة احجام، وهناك شرفة تكشف على المطعم بكامله، ويأخذك ممر محفور في الحجر الخام الى غرفة خاصة تستوعب 14 مقعدا بسقف من الحجر العقد، تدخل اليها عبر قنطرة، يتخيل اليك انك في كهف أنيق تزينه مقاعد شفافة وتجري مياه شلال صغير على احد جدرانه، وتزين جدرانه الباقية اشكال هندسية رائعة، وتعتبر هذه الغرفة جيدة للمناسبات الخاصة وللذين يرغبون بالخصوصية التامة.

ويمكنك رؤية المطبخ من المطعم، من خلال تقسيمات هندسية ذكية على شكل شقوق في الجدران، فالمشهد أشبه بخلية نحل، الطهاة يعملون بتناغم وكل منهم يهتم بتحضير نوع معين من المأكولات، يوجد في المطبخ فرن كبير خاص بطهي اللحم وآخر خاص بخبز المعجنات والخبز، فكل شيء يحضر في المطبخ حتى المعكرونة، فماتزي يعتقد بأن الاكل اللذيذ يجب ان يحضر من الصفر، تماما مثلما كانت تفعل امه ووالدته، فهو يأتي من عائلة تزرع ما تأكل وتحضر الزيتون بنفسها وتعصر الزيت وتربي الدواجن.

وعن الاكل الايطالي يقول فرانشيسكو ماتزي إن هناك العديد من الوصفات في المطبخ الايطالي كباقي المطابخ العالمية، غير ان المكونات تبقى الاهم، فيجب التنبه دائما الى تلك المسألة، فينصح دائماً بطهي الاطباق في مواسمها الاصلية، فهذا يؤمن النكهة ويخفض الاسعار، فمن شبه المستحيل ان تحصل على طبق يرتكز في مكوناته على الكمأة على سبيل المثال إذا لم تكن في موسمها وهذا ينطبق على جميع الخضار الاخرى، كما انه من المهم التنبه الى التوقيت الذي نختاره للمأكولات في المطعم، ففي معظم المطاعم ينصح دائما بتناول السمك من الثلاثاء الى الجمعة حيث لا تزال الاسماك طازجة. ويقول ماتزي إن الاكل بالنسبة لاهل المتوسط هو بمثابة عرس واحتفال يومي وتقليد، ولا بد ان نحيي هذا الاحتفال من خلال ابتكار الوصفات الجديدة مع المحافظة على النكهات التقليدية، فهو ليس ضد خلط المطابخ «Fusion» شرط ان يعرف الطاهي كل مكون بشكل جيد جداً، والدليل على ذلك هو استعمال «الكسكس» والشطة في عدد من الاطباق التي تقدم على لائحة طعام «لانيما».

كل يوم اربعاء يقوم ماتزي مع «السو شيف» ليلو والطاهي لوكا الذي يعتبره ذراعه اليمنى في المطبخ وطاهي الحلويات جوردانو بابتكار لائحة طعام جديدة، ويدعو الزبائن في هذا اليوم لتذوق الاطباق الجديدة، فهو يأخذ برأي زبائنه، ويطبخ ما يحب أن يأكله، لكنه يستمع دائما لرأي الآخرين، لا سيما الزبائن الذواقة الذين تبعوه خلال تنقله بين مطاعم لندن الشهيرة على مدى السنين الماضية.

وعن المطعم المفضل لديه في لندن يقول فرانشيسكو ماتزي إنه من عشاق أكل «السوشي»، فهناك العديد من الاماكن التي تقدم اجود انواع المأكولات اليابانية في لندن ولكنه يفضل الاكل الايطالي ومطعمه المفضل هو «اوبيكا»، فالمكونات طازجة والوصفات بسيطة والجو مريح والموتزاريلا مميزة جداً.

لائحة الطعام في لانيما لا تعتمد فقط على المعكرونة، فهي متنوعة جداً ومن اكثر الاطباق تميزاً طبق Aged Beef Tagliata وهو عبارة عن قطع من لحم البقر تقدم على قطعة عظم من الركبة وتحشى بالبطاطا المهروسة Mash تشبه في طريقة تقديمها الفطر، فهذا الطبق غني بالنكهة، كما يقدم المطعم المقالي الايطالية، على طريقة كالابريا، بالاضافة الى طبق السمك مع الفريغولا السردينية، والكسكس، وطبق الريزوتو مع ثمار البحر والاصداف، وهذا الطبق لا يمكن وصفه بكلمات فحبات الارز تذوب في الفم. أما بالنسبة للحلوى فيطول الوصف لان اللائحة لا تنتهي، فالبوظة والسوربية تصفان في المطبخ والفواكه المستعملة في الاطباق، موسمية، والاصناف عديدة.

أما بالنسبة للخدمة، فمعظم العاملين في المطعم من إيطاليا، غير ان هناك نادلات اشبه بعارضات الازياء، يتجولن بين الطاولات لتقديم أفضل خدمة.

فتخيل مشهد عارضات فارهات وزبائن معظمهم من فئة رجال أعمال وسط لندن الاغنى، وكرنفالاً لمأكولات جنوب إيطاليا وديكوراً يرضي أرماني.

المطعم يفتح ابوابه للفطور من الاثنين الى الجمعة من الساعة 7 صباحاً ولغاية الساعة 10.45 ويفتح فترة الغداء من الساعة 11.45 ولغاية الساعة 3 بعد الظهر.

ويفتح للعشاء من الساعة 5.30 ولغاية الساعة 10.30.

العنوان: 1 Snowden Street, EC2A 2DQ، اقرب محطة قطار «ليفربول ستريت» للمزيد من المعلومات: www.lanima.co.uk

* وصفة الـ«بورلوتي» Borlotti أو «أرانب صقلية» من ابتكار فرانشيسكو ماتزي

* المقادير:

* أرنب بأكمله (يصل وزنه في المتوسط الى 1.3 كيلوغرام) - كرافس 70 غراما.

- شمار 70 غراما.

- طماطم جافة 10 غرامات.

- شالوت 50 غراما.

- ثوم 10 غرامات.

- تشاتني جزر 80 غراما.

- حب شمار 5 غرامات.

- زيت زيتون 15 غراما. - خل نصف ليتر.

- سكر خام 20 غراما.

- مسحوق طماطم 20 غراما.

- زيتون تغياشي 70 غراما.

- زبيب 20 غراما.

- مرقوش خمسة غرامات.

- زعتر ضمة واحدة.

- مرق ارنب 1.3 لتر.

- صنوبر 5 غرامات.

- فستق حلبي 5 غرامات.

الطريقة:

- يقطع الارنب الى 16 قطعة ويرش عليه دقيق.

- تحمر القطع بأكملها.

- تقطع الكرافس والشمار والبصل والشالوت والثوم وتشتني الجذر وتضاف الى المقلاة مع بذر الشمار حتى تتحمر جميع المكونات - يضاف الخل والسكر ومسحوق الطماطم وتغلى على نار هادئة حتى تتركز - تضاف قطع الارنب والمرق وتغلى على نار هادئة لمدة 20 دقيقة ثم يجري تتبيلها حسب الرغبة. وعندما يتم طهي الارنب يضاف الزيتون والزبيب والمرقوش والزعتر والصنوبر والطماطم المجففة في النهاية.

- يقدم الارنب مع الفستق الحلبي المكسر وبعض نقاط زيت الزيتون.