الزيتون المتبل.. وصفات يبدع فيها المغاربة

قديماً كان صديق الفقير واليوم يزين أرقى الموائد

زيتون متبل معروض للبيع في الأسواق المغربية (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

الزيتون مادة غذائية اساسية على الموائد المغربية، لذلك لا يوجد سوق عصري او شعبي لبيع الخضار والفواكه واللحوم، الا وكان بائع الزيتون يحتل فيه مكانة بارزة، يعرض بضاعته بعناية في الواجهات الزجاجية، او يضعها في اوان على شكل اهرامات، فتبدو مغرية وشهية جدا بألوانها المختلفة، وتوابلها.

ولا تقتصر هذه المحلات على بيع الزيتون فقط، بل يرافقه الليمون المخلل، الذي يعتبر بدوره اساسيا في الطبخ المغربي، اذ يستعمل في عدة انواع من أطباق اللحوم والدجاج والاسماك، كما نجد، الخضار المخللة بألوانها الفاتحة، مثل الجزر، والخيار الصغير، والبصل، والقرنبيط، والفلفل الاحمر الحار، وكلها تضاف الى الزيتون الاخضر المتبل.

لا يفارق الزيتون الموائد المغربية، في كل الاوقات، حتى انه يعتبر وجبة كاملة اذا ما تم تناوله مرفوقا بالخبز والشاي، فهو فاتح للشهية، ويمنح احساسا بالشبع.

يولي المغاربة عناية خاصة للزيتون، فتضاف اليه مجموعة من التوابل التي تمنحه مذاقا لذيذا ومميزا.

وينقسم الزيتون الى نوعين: نوع يؤكل كما هو، ونوع آخر مخصص للطبخ، أي انه يضاف الى مجموعة من الاطباق التقليدية.

اما النوع الاول فيرافق جميع الاطباق تقريبا، فهو بمثابة السلطة، وينقسم بدوره الى نوعين، الاسود الناضج، والاخضر.

ولتتبيل الزيتون على الطريقة المغربية، يضاف إليه الثوم والبقدونس، والزعتر، والليمون المخلل، وورق موسى، والكمون، وزيت الزيتون او الزيت النباتي العادي، الى جانب ملعقة كبيرة من «الهريسة»، او حبات من الفلفل الاحمر الحار المخلل، حيث يمزج بهذه التوابل ويوضع في إناء من الزجاج ويوضع في الثلاجة، حتى يبقى صالحا للاستهلاك أطول مدة ممكنة، ولا يتعرض للتلف، كما يمكن شراؤه متبلا من محلات بيع الزيتون التي تحضره بمذاقات مختلفة، حسب الأذواق، إذ يمكن الاكتفاء بتتبيل الزيتون بالثوم والليمون المخلل فقط، أو حذف الفلفل الحار لمن لا يتحمله.

وتعرف جودة الزيتون من لونه اللامع، وعدم وجود أي طبقة رقيقة تغلفه.

يوجد أكثر من 500 ألف هكتار من الاراضي المخصصة لزراعة الزيتون في المغرب، وزيتون وزان في الشمال، يعرف بمذاقه المميز، وتحرص بعض الاسر على شراء الزيتون مباشرة من القرى، ويتم تحضيره في البيت، من خلال وضعه داخل اكياس، ووضع احجار ثقيلة عليها، حتى يصفى من الماء، وتتطلب هذه العملية حوالي شهرين قبل ان ينضج ويصبح حلو المذاق، وصالحا للاكل.

الا ان هناك من يفضل تناول الزيتون قبل نضوجه الكامل، بحيث يحتفظ بمذاقه المر، وهي طريقة تقليدية شائعة عند سكان مدينة سلا المجاورة للرباط، اذ تنزع نواة الزيتون المر، ثم يمزج بالثوم، والملح، والكمون، والبقدونس، والفلفل الحار، وزيت الزيتون، كما توجد طريقة تقليدية أخرى لتحضير الزيتون مر المذاق، وذلك عن طريق هرسه مع الاحتفاظ بالنواة، ومن ثم تتبيله بنفس الطريقة، ويسمى زيتون «مسلالة»، المميز بشكله الطويل ولونه القريب الى اللون الاخضر الغامق.

اما الاطباق التي يضاف إليها الزيتون الاخضر، فهي كثيرة، اشهرها طبق الدجاج بالزيتون، والليمون المخلل، الى جانب أنواع عديدة من الطاجين المحضر باللحم والخضار، حيث يتلاءم مذاق الزيتون مع الجزر، والبطاطس، والبازلاء، وغيرها من الخضار.

ويضاف الزيتون المنزوع النواة الى عدة انواع من حشوات المقبلات المالحة، بعد تقطيعه الى قطع صغيرة، مثل حشوة الكفتة والفلفل الاخضر والبصل والطماطم، وحشوة الجمبري والبصل، والشعرية الصينية، وحشوة سمك التونة، والطماطم والفلفل الاخضر، كما لا يمكن الاستغناء عن الزيتون الأسود أو الأخضر عند إعداد البيتزا بجميع أنواعها.

كان الزيتون قبل سنوات، يعتبر طبق الفقير، الذي يسكت به مغص الجوع، فـ «الخبز والزيتون»، هي الاكلة الصديقة لمائدة الفقراء، الا انه لم يعد كذلك،على ما يبدو، بعد ان تضاعف سعره في المغرب، في السنوات الاخيرة، بسبب تصديره الى شركات اسبانية لاستخراج زيت الزيتون ،الذي تزايد الطلب العالمي عليه بعد ان سلطت الاضواء على فوائده الصحية، وخصائصه التجميلية.

ويتوفر الزيتون على 85 بالمائة من الأملاح المعدنية، وتشمل الفوسفور، والبوتاسيوم، والكبريت، والماغنسيوم، والكالسيوم، والحديد، والنحاس، الى جانب فيتامينات «أ، ب، سي»، ومن خصائصه الطبية انه يساعد على الهضم، ومقوٍ للجسم، بسبب قيمته الغذائية العالية.