السلطة المغربية.. لا تكتمل المائدة من دونها

شهرتها في بساطتها

سلطة مغربية («الشرق الأوسط»)
TT

مهما كانت الاطباق الرئيسية على مائدة الطعام غنية،بما فيها من لحوم ودجاج واسماك،تظل المائدة ناقصة او فقيرة، ان لم ترافقها السلطة، أي «الشلادة» او «لاسلاد» كما يسميها المغاربة،فالسلطة هي التي تفتح شهية الاكل، وقبل ذلك تعطي شكلا ملونا للمائدة تعشقه العين قبل البطن.

في المطبخ المغربي نجد انواعا خاصة من السلطات التي يمكن وصفها بـ«الشهيرة»، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها خلال وجبتي الغداء او العشاء، وسبب شهرتها وشعبيتها مستمد من المكونات البسيطة التي تدخل في تحضيرها من دون طبخ، والمتوفرة بسهولة في الاسواق، ومنها سلطة الطماطم والبصل، فهي سريعة التحضير،ولا تتطلب سوى تقطيع الطماطم الى قطع كبيرة او صغيرة حسب الرغبة من دون حتى تقشيرها،ثم اضافة قطع البصل، والملح وقليل من الخل، او الليمون الحامض،والزيت لتصبح جاهزة.

وهناك سلطة أخرى لا تغيب عن الموائد المغربية، وهي سلطة الخيار والطماطم والبصل، حيث يقشر الخيار والطماطم والبصل، وتقطع هذه الخضر الى قطع صغيرة، تمزج بالزيت والخل والملح، ويمكن اضافة قليل من الزعتر الجاف، لمنحها مذاقا خاصا.

اما سلطة الخس فلا يوجد اسهل من الحصول على طبق شهي ملون بأوراق الخس الخضراء الفاتحة، وقطع الطماطم الحمراء، مع إمكانية إضافة قطع الخيار المقشر، وصعوبتها تكمن فقط في ضرورة غسل أوراق الخس أكثر من مرة لتخليصها من التراب، او الحشرات الصغيرة العالقة بها.

ولا تقتصر أنواع السلطات على تلك المحضرة بالخضر النيئة، بل هناك انواع اخرى من السلطات التي تستعمل فيها الخضر المطبوخة او المسلوقة، وتؤكل باردة، واشهرها «التكتوكة» وتحضر بالطماطم والفلفل الاخضر، حيث يطهى الفلفل الاخضر بعد شيه وتقشيره وتقطيعه الى مربعات صغيرة، مع الطماطم المقشرة، ويضاف اليهما قليل من الثوم والكزبرة، والملح وزيت الزيتون،وتترك على النار الى ان تنضج. ومن بين الخضر التي تستعمل كمكونات اساسية للسلطة بعد سلقها،البطاطس، والفاصوليا الخضراء،والجزر، و«الباربا» اي الكمثرى، حيث توضع على حدة في صحن واحد، بعد اضافة الملح والزيت والليمون، ودوائر الخيار والطماطم وتزيينها بحبات الزيتون الاسود، والفجل، وتسمى السلطة المنوعة.

كما يضاف الارز المسلوق الى عدة انواع من السلطات ويجعلها غنية قريبة لان تصبح وجبة كاملة واساسية. وتعد سلطة الملفوف من السلطات الغنية والمغذية نظرا لان أوراق الملفوف تتلاءم مع عدة انواع من الخضر النيئة التي تضاف اليها، مثل الجزر، والخيار، وحبات الذرة، والجبن، وقطع من ثمرة الافوكادو، حيث تمزج هذه المكونات بالمايونيز مع اضافة قليل من زيت الزيتون، كما يمكن اضافة حبات من الجمبري المسلوق او سمك السلمون المدخن، ولمن يستحسن مزج المذاق الحلو بالمالح، يمكن اضافة حبات من الزبيب، وتزيين سلطة الملفوف بالجوز، للحصول على مذاق فريد. يعد اهتمام ربة البيت باعداد السلطات مع كل وجبة، دليلا على تميزها في الطبخ، واعتنائها بافراد اسرتها، او ضيوفها، وحرصها على التغذية السليمة،وتنويع اصناف الأكل الذي لا يبعث على الملل، اما اذا كان العكس، فهو دليل لا مبالاة، وعلاقة متوترة مع المطبخ.

ولا يقتصر تحضير السلطات على الخضر فقط، فالفواكه بجميع اصنافها تصلح لاعداد اطباق شهية منها، ولا تحتاج سوى الى تقطيعها قطعا صغيرة او متوسطة، ومزجها مع قليل من عصير البرتقال،مثل الموز والتفاح، والخوخ، والاناناس، والمانجو، وغيرها من الفواكه الموسمية اللذيذة والشهية.

ويعتقد البعض ان السلطة دخيلة على المطبخ المغربي الذي يهتم اكثر بالاطباق الرئيسية الدسمة، المرتبطة بالولائم،مثل الطاجين، الا ان هذا الاعتقاد خاطئ كما يبدو، فقد اكد بوجمعة نصر الدين، وهو طباخ من شركة «بنسعيد» لتموين الحفلات في المغرب، لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة تدخل ضمن تقاليد الطبخ المغربي، وكانت حاضرة على الموائد قديما،خصوصا في وجبة الغداء، فهي ليست مستوردة من المطبخ الغربي المعروف ايضا بعراقته وغنى اطباقه وتنوعها.

ويضيف نصر الدين، ان اهتمام المطبخ المغربي بالسلطة يرجع الى كون الخضر المستعملة فيها وعلى رأسها الطماطم، والبصل، والخيار، والخس، منتوجات زراعية مغربية، متوفرة في مختلف المناطق.

وقسم نصر الدين انواع السلطات الى اثنين، الباردة،والساخنة، فالاولى هي التي تدخل ضمن مكوناتها الخضر سواء النيئة، مثل الطماطم، والبصل، والخيار، والخس، والفلفل الاخضر، او المسلوقة،مثل البطاطس والجزر، والكمثرى، والفصوليا، وغيرها، اما انواع السلطات الساخنة، في المطبخ المغربي، فهي، الكبد «المشرمل»، والمخ، وايضا العدس، وطريقة تحضير الكبد او المخ، هي طهيه ممزوجا بالثوم والبقدونس، والزيت، والفلفل الاحمر، والكمون، والابزار، وتسمى هذه التتبيلة، «الشرمولة»، وتستعمل في عدة انواع من الاطباق، اهمها السمك.

اما العدس فيطهى مع البصل والبقدونس، والطماطم، والزيت، والابزار. واوضح نصر الدين انه بسبب اقبال العديد من الاشخاص على اتباع حمية غذائية، اصبحوا يكتفون بتناول طبق السلطة فقط، مضيفا انه يستحسن تناول السلطة في بداية الاكل لانها تساعد الجهاز الهضمي على استقبال الطبق الرئيسي الذي يكون دسما في الغالب، الا ان هناك من يفضل ترك طبق السلطة الى الاخير، او تناولها بالموازاة مع الاكلة الرئيسة، كل واحد حسب عاداته الغذائية التي تعود عليها، والذي يصعب احيانا اقناع الناس بتغييرها، الا ان تناولها في حد ذاته يبقى مفيدا في أي وقت.

واصبحت «السلطة المغربية» المكونة من الطماطم، والبصل والفلفل الاخضر، صنفا مسجلا ومعترفا به ضمن اصناف السلطات التي تقدمها المطاعم لزبائنها، الى جانب انواع السلطات الاخرى، مثل السلطة المنوعة، وسلطة «نيسواز»، وسلطة الفواكه، ويبدو انها نجحت في ان تحمل هذا الاسم الرسمي ،بسبب اللونين الاحمر والاخضر للطماطم والفلفل اللذين يرمزان الى العلم المغربي!