أوباما.. يساعد على انتعاش مطاعم واشنطن

الجمهوريون يفضلون اللحم البقري والديمقراطيون يأكلون الدجاج

أوباما يستمتع بالجلوس حول المائدة واستكشاف الأطعمة المختلفة
TT

في خضم الأزمة التي تجابهها المطاعم هنا، والتي باتت نصف مقاعدها خالية من الزبائن معظم الوقت، يظهر بريق من الأمل مرتبطا بالرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما. وينبع هذا الأمل من عدة أسباب، أولها ارتياد أوباما الأسبوع الماضي لمطعمين، هما: بوبي فانز ستيك هاوس، وبنز تشيلي باول. وبهاتين الزيارتين، يكون عدد المطاعم التي ارتادها أوباما حتى الآن أكبر من تلك التي ارتادها الرئيس بوش على امتداد العام السابق بمقدار اثنين، وذلك حسب ما أوضحه مارك نولر، من إذاعة (سي بي إس راديو نيوز) في البيت الأبيض. ويقدم نولر إحصاءات غير رسمية للأطقم الصحافية المعنية بشؤون البيت الأبيض. وبالإضافة إلى ذلك، ظهرت معلومات على شبكة الإنترنت مؤخراً تشير إلى زيارة أوباما في عام 2001 لمطعم ديكسي كتشين آند بيت شوب. ويمثل أوباما، بارتياده للمطاعم بصورة متكررة، نبأً ساراً للمطاعم في واشنطن، التي عادة ما تحتل مرتبة متأخرة من حيث الإقبال عليها، مقارنة بتلك القائمة داخل مدن أكبر، مثل نيويورك، ولوس أنجليس، وشيكاغو. ولا شك أن زيارة الرئيس بإمكانها وضع أي مطعم على الخريطة الوطنية. ورغم أن واشنطن اشتهرت بكونها مدينة مقاومة للتغيير، بغض النظر عن الحزب الذي يتولى مقاليد السلطة في البلاد، تميل مطاعمها وحاناتها إلى التأثر بهذا الأمر، حيث تتحول باتجاه مذاقات الرئيس الجديد والحزب الذي يتولى سدة الحكم. وعلى سبيل المثال، نجد أن إعجاب جورج إتش دبليو بوش بمطعم بيكنغ غورنمنت إن بمنطقة فولز تشرتش بولاية فيرجينيا أضفى على المكان شهرة بالغة خلال فترة رئاسته. كما ساعد بيل كلينتون وكبار معاونيه في جعل مطعم ريد سيدج، الواقع بالقرب من البيت الأبيض، واحداً من أشهر المطاعم، من خلال تضمينه بقائمة مطاعم العاصمة التي يرتادونها، إلا أن المطعم لم يحظ بالإعجاب في عهد الرئيس بوش، وأغلق أبوابه منذ عامين. وبصورة عامة، يمكن القول بأن السنوات القليلة الماضية شهدت فترة خمول بالنسبة للزيارات الرئاسية للمطاعم، حيث أبدى الرئيس بوش تمسكاً بالغاً بعشقه للطعام المطهو بالأسلوب المميز لولاية تكساس، كما أنه يحب الطعام المنزلي، ونادراً ما تناول طعامه بالخارج، حيث فضل عليه الطعام المطهو داخل البيت الأبيض. ولم يختلف الحال بالنسبة لفريق العمل المعاون له. وعلى سبيل المثال، عندما سُئل حول ما إذا كان يعتقد أن تغييراً سيطرأ على الأذواق داخل المطاعم، أجاب كارل روف، المستشار السياسي لبوش، الذي يعد بمثابة معلم روحي له: «كيف لي أن أعلم؟ أنا لا أرتاد المطاعم»، غير أنه من الواضح أن أقران بوش من أعضاء الحزب الجمهوري، خاصة من ارتقوا معه سلم السلطة، وفروا زخماً إضافياً للحم البقري. ودفع هذا الأمر مجلة «فورتشن» إلى أن تعلن ـ في أعقاب تولي بوش الرئاسة عام 2001 بفترة قصيرة ـ أن «واشنطن تنقض بنهم على اللحم الأحمر». واستطرد المقال موضحاً أن: «آكلي اللحوم اجتاحوا العاصمة، التي تشتهر بقدرتها الكبيرة على التكيف». وأشار المقال إلى الشهرة التي اكتسبتها مطاعم سميث آند ولنسكي، ونك آند ستيف، وأنغلو آند ماكسي. وأسهم تنامي الإقبال على تناول اللحم البقري في تعزيز نماذج نمطية غذائية تعتمد على هوية المستهلك، حيث ترسخ الاعتقاد بأن الجمهوريين يميلون إلى تناول اللحم الأحمر غير المنضج جيداً، بينما يقبل الديمقراطيون على الطعام الصحي والمأكولات الأجنبية، خاصة الفرنسية. ومن جانبه، أشار فيل سنغر، عضو الحزب الديمقراطي المعني بصياغة الاستراتيجيات، الذي عمل متحدثاً رسمياً باسم الحملة الانتخابية للسيناتور هيلاري رودهام كلينتون العام الماضي، إلى أنه: «في أي وقت يدعوني أصدقائي من الجمهوريين لتناول مشروب معهم، يقولون دوما: دعنا نلتقي في مطعم مورتونز، أو كابيتال غريل. وأكتفي بالرد قائلاً: سألقاكم هناك، على أن أحضر أقراص ليبيتور معي أولاً». وفي محاولة لتصور مستقبل مطاعم واشنطن في ظل حكم الديمقراطيين، قال كيفين مادين، المتحدث الرسمي السابق باسم المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني: «أعتقد أننا سنحتاج الآن إلى المزيد من المطاعم التي تقدم السوشي. إن الإقبال كله سيكون على مطاعم السوشي، والشاي الأخضر»، لكن ربما لا يكون هذا التخمين دقيقاً. أما بيل برتون، السكرتير الصحافي للحملة الانتخابية لأوباما، الذي من المقرر أن ينضم إلى فريق العاملين بالبيت الأبيض، فيتوقع حدوث تغير في ترتيب مطاعم واشنطن، من حيث مستوى الإقبال عليها. وأوضح أن كورك، وهو مطعم جديد نسبياً بمنطقة لوغان سيركل، بات يشهد إقبالاً عليه من جانب الشباب ومسؤولي الإدارة الجديدة، الذين انتقل الكثيرون منهم للعيش بهذه المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة. أيضاً، توقع برتون، الذي يعد نفسه من بين محبي ارتياد المطاعم، حدوث ازدهار في بعض المطاعم، مثل هوك، الذي تم افتتاحه منذ قرابة عامين، وسرعان ما تم تصنيفه من بين أفضل 10 «مطاعم صديقة للبيئة» على مستوى البلاد من جانب مجلة «بون أبيتي». ولكن لا ينطبق النموذجان النمطيان على جميع محبي ارتياد المطاعم. وفي هذا الصدد، أعربت لين بروكس، المديرة التنفيذية لاتحاد مطاعم العاصمة واشنطن، عن اعتقادها بأن هذا التقسيم يتسم «بالإفراط في التبسيط»، مضيفة أنه «ربما في وقت ما، كان يتناول غالبية الجمهوريين اللحم البقري، بينما يأكل معظم الديمقراطيين الدجاج، لكن الآن بات لدينا جمهوريون نباتيون». ومن جهته، قال فرانكو نوتشيز، صاحب مطعم كافيه ميلانو ـ الذي تزامن افتتاحه مع بداية فترة رئاسة كلينتون تقريباً، لكنه ظل محتفظاً بشهرته على امتداد فترة إدارة بوش ـ إن الاختلاف الوحيد الذي لاحظه بين الجمهوريين والديمقراطيين ربما يرتبط بوقت تناولهم الطعام، وليس ما يتناولونه. وأوضح أنه بالنسبة لمسؤولي إدارة بوش، فإنهم «ليسوا من نمط الزبائن الذين تجدهم في وقت متأخر من الليل، فهم يتناولون الطعام مبكراً. لقد كانوا مجموعة محافظين». أما فيما يخص مسؤولي إدارة أوباما، فقال: «لا أعتقد أنهم سيكونون ممن يتناولون الطعام في وقت مبكر». عندما كان عضواً بمجلس الشيوخ، كان أوباما يرتاد بصورة منتظمة مطعم بيسترو بيس داخل مبنى الكونغرس. وأثناء حملته الانتخابية للوصول إلى الرئاسة، اعتاد ترك المراسلين ينتظرونه بالخارج لساعات أثناء تناوله الطعام داخل مطعمه المفضل في شيكاغو، سبياغيا، وهو مطعم إيطالي فخم، أو توبولوبامبو، أحد المطاعم المكسيكية المملوكة لريك بايلس. وقال بايلس عن أوباما خلال لقاء أجري معه: «إنهما (أوباما وزوجته) يستمتعان بالجلوس حول الطاولة واستكشاف المذاقات المختلفة. إنهما دوماً يختاران طعامهما من قائمة التذوق. إنه ليس من النمط الذي يتملكه الخوف ويقول: سأتناول اللحم البقري. إنه يستفسر عن ما يجهله». وقال جوزيه أندريه، أحد أبرز ملاك المطاعم داخل واشنطن، إنه يأمل في أن ينال أحد المطاعم التي يملكها ـ مثل كافيه أتلانتيكو أو أوياميل ـ إعجاب أوباما، مثلما حدث مع توبولوبامبو. وأضاف أنه سأل بايلس حول عادات أوباما فيما يخص تناول الطعام. وقال: «أعتقد أن أبناء شيكاغو ذواقة، ولهم ذوق معقد بالنسبة للطعام. وأعتقد أن هذا الأمر سيكون جيداً بالنسبة لواشنطن وللمطاعم التي أملكها، لأنها مطاعم لا تقدم مأكولات تقليدية». وجدير بالذكر أن جوزيه اكتسب شهرته في واشنطن في عهد بيل كلينتون، الذي تزامنت زياراته لأماكن مثل بومباي كلب ونورا وكاشنز مع حدوث ازدهار على صعيد المطاعم داخل واشنطن، إلا أن جوزيه لا يأمل في عودة أيام كلينتون، وعلل ذلك بقوله: «اعتاد بيل كلينتون اتباع نهج بالغ السلبية، حيث كان يجلس والجميع من حوله يتحدثون عن اللحم المشوي، بينما يتناول طعامه. ليس هذا ما تأمل في سماعه من رئيس للبلاد، صدقني». أمّا مايكل ريتشارد، أحد أبرز الطهاة داخل العاصمة، فلا تراوده هذه المخاوف حيال أوباما، حيث قال إن الرئيس المنتخب «قضى بعض الوقت في إندونيسيا وهاواي، واعتاد السفر، بالإضافة إلى تمتعه بأفق واسع، وأعتقد أنه سيحاول تذوق المأكولات المختلفة». يذكر أن بوش لم يزر قط أيًّا من المطعمين المحليين اللذين يملكهما ريتشارد ـ سيترونيل وسنترال، الأقل تكلفة من الأول ـ وقال إنه شعر بالفخر لاستضافته هيلاري كلينتون عندما كانت السيدة الأولى في أحد المطاعم التي يملكها، وسيشعر بالفخر أيضا، لو أتيحت له استضافة ميشيل أوباما، وأعرب عن أمله في أن تصطحب معها زوجها. وأضاف «أعتقد أن الوضع سيكون أفضل إذا أتى الرئيس».

* خدمة «نيويورك تايمز»